[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
أما الإحصاء الذي سبق ذلك،(تحدثنا عنه في الحلقة السابقة) فهو إحصاء خاص بعدد التلاميذ من الذكور والإناث من الدارسين في المدارس اليهودية، ومصدر تلك الارقام نشرة جمعية الاتحاد الإسرائيلي لسنة 1910 ويبين ان هناك 2719 طالباً وطالبة في المدارس وتقرير لجنة مشارفة المدارس الإسرائيلية عن سنة 1920-1921 وكان عددهم 5511 تلميذاً وتلميذة، ويذكر التقرير ان عدد الاناث كان 1481 (المصدر يوسف غنيمة ص185).
وفي سنة 1907، أنشأت الطائفة اليهودية في بغداد (لجنة المدارس) التي أشرفت على جميع مدارس الطائفة، وتم تغيير اسمها بعد ذلك الى (لجنة المدارس اليهودية) وهذه اللجنة عملت الكثير في ميدان التعليم والثقافة، وحققت منجزات كبيرة، ومنذ وقت مبكر تم إنشاء مدرسة خاصة بضريري البصر، ففي سنة 1929 تأسست تلك المدرسة التي سميت على اسم (سلاس خضوري خدوري) وكانت تضم 150 شاباً اعمى ودرس عدة مئات من التلاميذ اليهود في المدارس الحكومية ولا سيما في مدن الضواحي.
تتركز أكثر الرسائل القنصلية منذ بداية القرن (العشرين) على الطائفة اليهودية في بغداد وتشدد على أهميتها، وكان القنصل الفرنسي قد قدر عددها سنة 1904 بـ 40 الف نسمة وكان القنصل البريطاني قدر عددهم سنة 1910 بحوالي 45 الى 50 الف نسمة(انظر المجلة العربية، ع 66 في 21 أكتوبر 1917)، والاهتمام بالطائفة اليهودية ينبع من كون هذه الطائفة تتميز بكثرة عددها وكونها متجانسة ولها أهميتها الكبيرة في حياة المدينة، وعكس العدد الكبير للطائفة أهميتها الثقافية والاقتصادية، ويعود ذلك الى دور مدارس الاليانس الإسرائيلية وما ادخلته من طرق حديثة وفعالة في تعليم ابناء الطائفة واعدادهم لممارسة الاعمال الشاقة(118) ويبرز دورهم الاقتصادي من خلال نشاطاتهم التجارية والصناعية والزراعية المتعددة، وقد ثبت الحاكم العسكري سنة 1919 ان عدد الاغنام التي تذبح يومياً في شرق بغداد الجانب المزدحم من المدينة، حصة القصابين اليهود 1220 رأساً، في حين كانت حصة المسلمين 60 رأساً (التايم البغدادية 24 مارس 1919)، ويعكس ذلك القدرة الشرائية لافراد الطائفة اليهودية في بغداد وحجم الاموال التي يسيطرون عليها، وبالتالي مدى تأثيرهم في الحياة اليومية.
في عام 1921، تقدم احد يهود بغداد، ويدعى "هارون ساسون الياهو ناحوم" بطلب الى المندوب السامي البريطاني ببغداد، لتشكيل جمعية باسم "الجمعية الصهيونية" فحصل على موافقة بذلك بتاريخ 5/3/1921.
وعن ذلك يقول "هارون" أنه منح وكالة رسمية عن الجمعية الصهيونية في فلسطين لتشكيل جمعية صهيونية في العراق. وقامت وزارة المستعمرات البريطانية بارسال تلك الوكالة عن طريق المندوب السامي في العراق.
وبعد مرور ايام قلائل على تأسيس تلك الجمعية اخذ هارون يدعو اليهود الى الانضمام اليها، كاشفاً عن الوجه الحقيقي لمنظمته وقال عن ذلك: ان عملية انتساب اليهود الى منظمته يُعد انتصاراً للوحدة الصهيونية، فسارع اليهود الى الانضمام الى تلك الجمعية، الأمر الذي مكن هارون من تشكيل أول هيئة عامة للجمعية من اليهود، ويُعد ذلك أول تشكيل تنظيمي رسمي للجمعية (رغد صالح الهدله، مجلة دراسات تاريخية 1999، ص259).
ان تشكيل تلك الهيئة(120)، يُعد نقطة انطلاق لعمل الجمعية التي تابع مؤسسوها واعضاؤها العمل على ترغيب اليهود بالسفر الى فلسطين، وتحريضهم على الهجرة اليها، وشراء الأراضي فيها، كما ان رئيس واعضاء الجمعية، اخذوا يشتركون في الجرائد والمجلات الصهيونية الأجنبية باسم "الجمعية الصهيونية العراقية" ومنذ ذلك الحين، اخذت الجمعية تبث الفكرة الصهيونية في العراق باسمها الصريح دون تمويه، او التستر وراء اسم آخر.