تعاني العديد من دول العالم من ظاهرة الفساد الذي يستشري في أجهزتها ووحداتها الرسمية وغير الرسمية فهناك مليارات الدولارات يتم تبييضها ونقلها سنويا من دولة الى أخرى وأغلبها ناتجة عن الفساد المالي اما الفساد الإداري الذي يتواجد بشدة في هذه الدول فهو يعتبر سببا من أسباب تخلف وتأخر وإعاقة نموها. ففي مجال الاستثمار فإن العديد من المستثمرين لا يقبلون على الاستثمار في الدول التي تعاني من وجود البيروقراطية والروتين والذي يؤدي الى تأخير الإجراءات المتمثلة في الحصول على الموافقات والتصاريح اللازمة لإقامة المشاريع.
الفساد بكافة انواعه المالي والإداري دائما ما يرتبط بالبيروقراطية في علاقة طردية بينهما فكلما تأصلت البيروقراطية في مؤسسة ما زاد معها الفساد والعكس صحيح. من هنا ينبغي التركيز خلال الفترة القادمة على القضاء على البيروقراطية المتغلغلة في العديد من المؤسسات وكثيرا ما نسمع عن "البيروقراطية" في مؤسسات العمل الا ان البعض قد لا يعرف معناها الحقيقي ، فهي مصطلح ظهر في ألمانيا أواخر القرن التاسع عشر على يد الفيلسوف ماكس فيبر، تنادي نظريته بالتقيد الحرفي بالقوانين ضمن لوائح مكتوبة ليتم ضبط إيقاع العمل من خلال نموذج دقيق.
على الرغم من أن العديد من الوحدات الحكومية في السلطنة قامت بإنشاء دوائر لخدمة المراجعين والتي جاء انشاؤها بناء على أوامر سامية الا ان تلك الدوائر لا زالت غير فاعلة وتعاني من مشاكل متعددة أبرزها عدم وجود تجاوب من المديريات والادارات داخل نفس المؤسسة إضافة الى عدم وجود الكوادر الكافية والمدربة التدريب الكافي والتي تؤهلها ان تتعامل مع المراجعين بشكل يرضي طموحاتهم، فبعض المؤسسات قامت بإنشاء تلك الدوائر كتحصيل حاصل ومن ظواهر البيروقراطية الملحوظة أن كل مؤسسة خدمية تعمل منفردة وبمعزل عن الوحدات الأخرى ذات العلاقة ودون تنسيق معها ، وبالتالي تجد أحيانا تضاربا واضحا بين اختصاصات كل وحدة مع الوحدات الأخرى مما يؤدي الى تأخر في انجاز الاعمال والمشاريع وتقديم الخدمات ناهيك عن تركز الصلاحيات في المديريات المركزية داخل المقر الرئيسي للوحدة مما يضطر معها المواطن عند رغبته في الحصول على خدمة ما الذهاب الى محافظة مسقط بعد ان يكون قد بذل كل المحاولات للحصول عليها من منطقته او ولايته ورغم ان الحكومة تنادي بعدم المركزية وضرورة إعطاء صلاحيات للمسئولين في المحافظات الا أن الواقع الحالي يقول خلاف ذلك وللحديث بقية.

سالم العبدلي
ـ تابعونا على صفحتنا في الفيس بوك https://www.facebook.com/salim.alabdali.39