بالأمس التقينا، وعلى مدى الليل المبهم استعرضنا معاً مفهوم الإحساس الجائش بين الاثنين إذا عانق مفهوم المعرفة الوهبية بينهما، وهي معرفة لا تضبطها صمامات التحفز، ولا تتحكم بها مفاتيح الاستعداد المسبق، لقد جاءت كنجمة طائشة مستفزة مجموع النجوم لتفرض وجودها بينهن واحدة في مجموع، ومجموعاً في فرد..وحينما التقينا ألقيت السمع بجميع حيثياته إلى شرح لها عن واقع ما ينتابها عندما تلامس مشافر عينيها حروفي قراءةً، وتدبراً، وهي الأديبة العنيدة علماً عناد الواثق من ذاته لا يرضى لها بالدونية ، ولا يسومها رفداً منقطعاً والأرض تعج بما به تعج من أسماء الأدب ولا مسميات.
وقالت بلسان واحد، وحرف واحد، بمعنى واحد، وإحساس واحد: ليس في كلماتك -أيّهَ الأديب- ساعة ما أتلقاها يانعةً ما هو بحاجة إلى مهضم معرفي يسهل على الفكر استيعابها، وعلى الشعور قبولها...إنها مزيج مترف من دم ، ولحم، ومسحة روح يعطي في النهاية لمجموع ذلك معنى الذات العاشقة بكمِّ الإمكانات المتاحة في خزينتي الروح، والجسد، بحيث لو أراد المشكك أن يجد ثغرة بين حروفك خالية من معنى الأساسيين الإنسانيين ما وجدها، بل ربما أعياه فهم الطوق الكمالي لتلك الكلمات الروحية الجسدية على السواء.
لقد أغرقتني كلماتك في بحر من الشعور المفرط ، ذلك الشعور الأحادي نسبة ، الجميل تشكلاً، اللذيذ طعماً، الجبار هيمنة على بوابات قلبي المجنون بحروفك.
كانت تلك هي القراءة الأولى في تقريرها أيه الأديب ، فهلا علمتني أسس القراءة الثانية لها وأنا في رواقها المقدس بين يديها، وعندي منها وإليها الكثير..وعلى مصطبة اللقاء: أنا، وأنت، والليل الصديق!!

عتيق بن راشد الفلاسي
[email protected]