[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
ان المنعطف المهم في حياة الجمعية الصهيونية، كان عند قيام الحكم الوطني في العراق عام 1921، وتشكل الحكومة العراقية، حيث لم يتم الاعتراف بالجمعية الصهيونية، ولم تقبل بوجودها، بل أعلمت "هارون" نفسه بأن جمعيته لم تشكل حسب القانون في العراق، ولهذا فإن كل اشتغال بهذا العنوان معاقب عليه، وان الحكومة لا تعترف بأية جمعية قائمة من هذا القبيل ما لم يتم تشكيلها وفق قانون تأليف الجمعيات. إلا ان هارون ساسون وجمعيته لم يتوقفوا عن ممارسة نشاطهم الصهيوني، حتى جاء عام 1929، الذي تمكنت فيه الجمعية الصهيونية من افتتاح "مدرسة الفردوس اليهودية" في محلة "تحت التكية" وسط بغداد بجانب الرصافة، قرب الشورجة، واصبح هارون مديراً لها حسب الإجازة الصادرة من معارف منطقة بغداد برقم 3/87/845 في 15/3/1930، فاستغل هارون فترة ادارته للمدرسة المذكورة بعقد اجتماعات الجمعية الصهيونية في المدرسة بعد اوقات الدوام الرسمي.
وفي اوائل عام 1931م، ولأجل تفعيل نشاط الجمعية، تم تشكيل فرع لها باسم جمعية "شيمش" وعين حزقيال افندي رئيساً لها، واخذت تعقد اجتماعاتها في منطقة التوراة في محلة تحت التكية ببغداد. وتم افتتاح مكتبة في منطقة بني سعيد ببغداد ايضاً، واخذ ابناء الجالية اليهودية يترددون على تلك المكتبة لقراءة الصحف والمجلات والكتب العبرية.
وبقي هارون صهيونياً متعدد النشاطات الى ان هاجر من العراق عام 1935، بعد ان تم اعتقاله واطلاق سراحه بكفالة، وبهجرة "هارون" لم يبق للجمعية الصهيونية أي نشاط بعد أربعة عشر عاماً من العمل.
زاد الوضع بين يهود بغداد اضطراباً حين قام وزير الاقتصاد والمواصلات العراقي الجديد ارشد العمري في آب/أغسطس 1934 بجملة تنقلات وتغييرات في وظائف وزارته، ولما كانت وزارته تضم عدداً كبيراً من اليهود كموظفين، فقد بدا وكأن الوزير قام بإجرائه ذلك متقصداً، لكي يتمكن المسلمون من تسلم مناصبهم كما يفسر ذلك (حاييم كوهين، النشاط الصهيوني في العراق، ص 146) بالرغم من ان حملة التنقلات شملت المسلمين والمسيحيين (صادق السوداني، مصدر سابق ص84)، وفسر اليهود الحملة بأنها ضدهم، فعطلوا اشغالهم ومتاجرهم لثلاثة أيام احتجاجاً على ذلك، واعلن ارشد العمري ان وزارته قد اوقفت التغييرات وان ليس هناك نية لإخراج احد. ويرى عبدالرزاق الحسني ان ما حصل ساعد الصهاينة ليحفزوا اليهود على الهجرة، والادعاء بأنهم في ضيق وعنت في العراق (الحسني، الوزارات، ج4 ص29). وعلى أثر ذلك نشط هارون ساسون، وانعكس ذلك على الهجرة اليهودية التي ازدادت بصورة ملحوظة الأمر الذي دفع السلطات إلى اخذ كفالات قدرها (خمسون ديناراً) عن كل يهودي يرغب في الذهاب إلى فلسطين. اما الجمعيات الصهيونية التي تأسست لنشر الفكر الصهيوني العنصري والتعاليم الصهيونية والتي كانت موجودة في بغداد بين 1930-1935 فأنها كانت تلفظ انفاسها الاخيرة ويشير (حايين كوهين) إلى انها كانت خمس جمعيات هي: جمعية الشبان العبرانيين، جمعية نشر منتجات فلسطين، جمعية احيعيفر (الشبيبة)، منظمة الشبيبة العبرية وجمعية مكابي التي تختلف عن سابقاتها وهي من المنظمات الرياضية ذات الطابع والأغراض الصهيونية، ومن المرجح انها تأسست عام 1927(صادق السوداني، مصدر سابق ص87) وكانت تمارس شتى ضروب الرياضة وبواسطة ذلك تخفي نشاطها الصهيوني، وكان فريق مكابي يتبع رسميًّا إلى الجمعية الصهيونية، إلا ان هذا الفريق حل نفسه في 1933 وهاجر معظم اعضائه الى فلسطين بسبب نمو الوعي القومي العربي في العراق وازدياد النشاط القومي المعادي للصهيونية العنصرية.