يواصل المعرض الوثائقي الخامس الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية ويستمر حتى الخميس استقبال الزوار من مختلف محافظات وولايات السلطنة، والذي يسرد تاريخ وحضارة عمان في حقب تاريخية مختلفة متمثلة في الوثائق الخاصة، والتي تمثل الشواهد الحية للأحداث التاريخية لعمان في فترات زمنية مختلفة، حيث أن الوثائق المعروضة تمثل مدى رقي الشعب العماني في مختلف الحقب الزمنية، كما أن التنوع الموجود في الموضوعات للوثائق يمثل أمرا مهما للدارسين والباحثين والمهتمين، فتتبع الفكر والثقافة العمانية عبر الوثائق يعد أمرا هاما في الدراسات التحليلية لمضمون هذه الوثائق والتي تعد مرجعا اساسيا لقراءة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ويشهد المعرض اقبالا مميزا منذ أيامه الأولى ففي الفترة الصباحية تنشط حركة الطلاب والمواطنين والمهتمين في مجال الدراسات والبحوث، كما يستقبل المعرض زواره في الفترة المسائية بشكل متواصل، حيث يقف فريق العمل للشرح والرد على استفسارات الزوار داخل أركان المعرض المختلفة.
ويحتوي المعرض على الوثائق السلطانية وتشمل على المراسلات السلطانية من السلطان إلى المواطنين أو من المواطن إلى السلطان، كما يشمل وثائق اقرارات البيع والشراء بين المواطنين والتي كانت توثق مباشرة دون الحاجة للرجوع إلى دائرة رسمية، ووثائق الأفلاج وفيها كل ما يتعلق بالأفلاج كالحصص المملوكة، ووثائق الميراث وفيه كل ما يتعلق بتقسيم تركة شخص متوفى على الورثة، كما يحتوي المعرض على وثائق الوصايا وفيها كل ما يتعلق بوصية الأشخاص وما يوصون به، الى جانب وثائق التهاني والتعازي وتتناول هذه الوثائق مراسلات التهاني، القصائد الشعرية وتحتوي على قصائد المدح والثناء والرثاء والغزل بالإضافة إلى قصائد ختم القرآن الكريم، وثائق الفتاوي وهي عبارة عن رسائل موجهة إلى المشائخ الذين يشهد لهم بالعلم والمعرفة.
وحول المعرض قال السيد قحطان بن ناصر بن خلفان البوسعيدي خلال زيارته للمعرض كونه من المهتمين بالتراث والوثيقة بأن المعرض يعد مفخرة لكل عماني لما يحتويه من مكنون تاريخي يعود الى حقب زمنية مختلفة، وأضاف "البوسعيدي" : تنظيم مثل هذه المعارض يساعد على إيصال المعلومة والفكرة الى المواطنين في كافة ارجاء السلطنة لما للوثيقة والمخطوطة من أهمية كبيرة خاصة تلك التي تخدم الصالح العام، ناهيك عن كون المعرض احد اهم المراجع التي سيستند اليها الباحثون والدارسون في مختلف المجالات خاصة كون المعرض الوثائقي الخامس جاء مغايرا عن مختلف المعارض السابقة لاهتمامه بالوثائق الخاصة، حيث توضح الوثائق المعروضة عن أسلوب ورقي الشعب العماني في فن الخطابات والمعاملات وغيرها من الوصايا والميراث فهنا تكمن أهميتها وعلى الشباب استثمار وقتهم بالشكل المثالي وتعلم فن الخطابات كما عهدناها من اجدادنا وهذا ما عهدنا من المواطنين، ووجه السيد قحطان البوسعيدي كلمة شكر للهيئة لما تبذله من جهود جبارة في سبيل ابراز هذا الإرث الحضاري.
من جانبه قال الشيخ هلال بن سالم الرواحي والذي بادر الى زيارة المعرض مبكرا بأن المعرض جعله يعيش الزمن الماضي وأعاد به ذكرياته الجميلة من خلال الوثائق المعروضة والتي تم انتقاؤها من قبل المعنيين بالشكل المطلوب وهذا يدل على حرص الهيئة والقائمين عليها في الحفاظ على التاريخ العماني من الزوال، وأضاف بأن تنوع الأقسام والوثائق اعطى المعرض جانبا جماليا فهو ليس مقتصرا على جانب دون الاخر، وفي بادرة طيبة قال الشيخ سالم الرواحي بأنه يملك العديد من الوثائق المتعلقة بأئمة عمان وسلاطينها وسيسعى الى تسجيلها بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ويتمنى أن تعرض في المعرض الوثائقي القادم ويطلع عليها الباحثون والمهتمون، واختتم "الرواحي" حديثه بتشجيع المواطنين الى تسجيل وثائقهم المختلفة بالهيئة لضمان تداولها لمختلف الحقب الزمنية ولكون الهيئة المرجع الأساسي لمثل هذه الوثائق.
فيما عبر محمد بن عامر العيسرى كاتب وباحث في التراث وأحد زوار المعرض بأن الحديث في التراث حديث ذو شجون كون السلطنة مخزنا للتراث بشقيه المخطوط والوثائق، ويتضح ذلك جليا بأن ما بحوزة الأهالي من وثائق كثير جدا والعدد يتضاعف، ناهيك عن المخطوطات والوثائق الموجودة بالخارج في المعاهد والمكتبات المختلفة منها الاوروبية والاسيوية والأفريقية، وأسباب رحيلها معروفة والموضوع في ذلك يطول، وساعد الانفتاح الكبير للعمانيين على الحضارات والمدارس المختلفة على إفراز تراث فكري زاخر عبر قرون طويله الى جانب التأليف، وأنجبت السلطنة علماء في اللغة كالخليل بن أحمد وأبن دريد والمبرد، والاشتغال في التراث المخطوط أصبح غاية في الأهمية وهيئة الوثائق تقوم بجهد كبير وملموس ونطمح بأن يكون تكامل بين الجهات المعنية بالتراث العماني.
وقال حمود بن سالم الهنائي رئيس قسم الوثائق الخاصة وأحد المشاركين بالمعرض الوثائقي الخامس والذي خصص للوثائق الخاصة، بأن المعرض قسم الى أقسام مختلفة منها المراسلات السلطانية، ومنها المراسلات والأفلاج والميراث والوصايا الى جانب احتوائه على العديد من الجرائد والمجلات العالمية والتي تحدثت عن السلطنة في حقب زمنية ماضية، الى جانب أدوات الكتابة والحفظ قديما، والمعرض بشكل عام متكامل عن الوثائق الخاصة وأبدى الزوار اعجابهم الكبير بالمعرض ومكنونه، واقترح العديد من الزوار إقامة مثل هذا المعارض في مختلف محافظات وولايات السلطنة، ليسهل على المواطنين التعرف على مدى أهمية الوثيقة، وقال الهنائي إن عدد المواطنين المسجلين لوثائقهم بالهيئة في ازدياد عاما بعد عام وذلك يوضح مدى إدراك المواطنين لأهمية تسجيل وثائقهم لدى الهيئة.