الحالات التي تجيز لصاحب العمل فصل العامل دون إنذار وبدون مكافأة نهاية الخدمة وفقا لقانون العمل العماني...(8/9)

نتحدث في هذه المقالة ونخصصها لبيان الحالة الثامنة الواردة بالمادة (40) من قانون العمل العماني والتي أجازت لصاحب العمل فصل العامل دون انذار وبدون مكافأة نهاية الخدمة. حيث وردت هذه الحالة بالبند رقم (8) والذي جرى نصه بالآتي" لصاحب العمل فصل العامل دون سبق اخطاره وبدون مكافأة نهاية الخدمة في أي من الحالات الآتية...(8) اذا وقع منه اعتداء على صاحب العمل أو المدير المسؤول، أو اذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه، أو اذا اعتدى بالضرب على أحد زملائه في موقع العمل ونجم عن ذلك مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تزيد على عشرة أيام." وترجع الحكمة من تقرير حق صاحب العمل في فصل العامل في هذه الحالة الى ما في الاعتداء على صاحب العمل من تقليل من هيبته وبالتالي أراد المشرع في هذه الحالة أن يفرض احترام العامل والتزامه بطاعة صاحب العمل، ولم يكتف المشرع بذلك بل مد نطاق هذا الالتزام فألزم العامل باحترام مديره أو مسؤوله ورؤسائه وزملائه. بما يوحي اهتمام المشرع بما يجب أن يسود علاقة العمل من احترام وتقدير متبادل بين أطراف تلك العلاقة. والملاحظ أن المشرع فرق بين طبيعة ونوعية الاعتداء الحاصل من العامل ولمن يقع فيما اذا كان ذلك الاعتداء واقع على صاحب العمل أو المدير المسؤول وما اذا كان واقع على أحد رؤسائه أو زملائه في العمل، تفسير ذلك أن المشرع أجاز لصاحب العمل فصل العامل اذا وقع عليه اعتداء من هذا الأخير دون أن يشترط طبيعة ووقت ومكان هذا الاعتداء أي يستوي أن يكون يسيرا أو جسيما، ماديا أو معنويا وقع أثناء العمل أو خارجه، بسبب العمل أو بدونه وسواء نجم عن ذلك الاعتداء تعطيل العمل أو لم يحدث أي تعطيل، فالضرر يتحقق بمجرد الاعتداء على صاحب العمل. مما يدلل ويوضح أهمية العلاقة التي تربط العامل بصاحب العمل وما يجب أن يسود تلك العلاقة من احترام باعتبار أن الاخلال في تلك العلاقة يؤثر مباشرة على سير العمل بالمنشأة باعتبار العمل انتاج وتعاون. في حين أن المشرع قيد جوازية صاحب العمل في فصل عامله عندما يقع اعتداء من هذا الأخير على رؤسائه بشرطين والا كان صاحب العمل متعسفا أو مبتسرا في انهاء علاقة العمل. أول هذين الشرطين أن يكون طبيعة الاعتداء جسيما ويعتبر من قبيل الاعتداء الجسيم خطف العامل أوراق ومستندات التحقيق من رئيس التحقيقات بالمؤسسة، ووصف رئيس القسم بأنه ظالم أو السخرية منه أو التهكم عليه وكذلك التلفظ عليه بألفاظ نابية، وثاني هذين الشرطين أن يتم الاعتداء أثناء العمل أو بسببه. وعلى هذا لا يحق لصاحب العمل فصل العامل اذا وقع هذا الاعتداء خارج العمل أو وقع لسبب لا يمت بالعمل بأي صلة أي لا يتعلق بالعمل، وبالتالي اذا تم الفصل خارج نطاق هذين القيدين يكون فصلا تعسفيا أي مبتسرا. أما اذا كان الاعتداء وقع من عامل لأحد زملائه ، في هذه الحالة أجاز المشرع لصاحب العمل فصل العامل المعتدي بشرط أن يكون الاعتداء قد تم بالضرب وفي مكان العمل، وبالتالي فان المشرع هنا استبعد حالات الاعتداء المادية الأخرى وأيضا الاعتداء المعنوي، فلم يجعلها- اذا وقعت- سببا مشروعا لفصل العامل. وبطبيعة الحال فان عموم الاعتداء الحاصل على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو رئيس القسم أو أحد زملاء العامل يخضع لسلطة قاضي الموضوع من خلال بحث الدلائل المقدمة له تقديما صحيحا وله السلطة التامة في موازنة تلك الدلائل وترجيح ما يطمئن اليها وطرح ما لا يقتنع بها. قراءتنا القادمة- ان شاء الله- مع الحالة التاسعة والأخيرة،،،

سالم الفليتي
محام ومستشار قانوني
كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
[email protected]