شواهد الحضارة العمانية تروي أصالة التاريخ
هيثم بن طارق: الوثائق الخاصة والعامة تمثل جزءا من التاريخ .. نهنئ أنفسنا بأن نرى جلالته بصحة ونتلهف لعودته معافى
وزير البيئة والشؤون المناخية: الوثائق المعروضة تدل على عمق التاريخ العماني وأصالته
مسقط ـ (الوطن):
اختتمت مساء الخميس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية المعرض الوثائقي الخامس بالسلطنة وحفل تكريم الدفعة الخامسة من المواطنين المبادرين بتسجيل وثائقهم الخاصة، والذي استمر من 2 - 6 نوفمبر 2014م، بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية بالقرم، حيث أتى من أجل تعريف المجتمع بالدور الحضاري والتاريخي للسلطنة، كما أن هذا المعرض جاء متخصصا في الوثائق التي بادر المجتمع بتسجيلها لدى الهيئة والتي تبين الشواهد الحضارية والتاريخية لعمان، وتضمن تصميم المعرض زخرفة إسلامية تدل على استخدام العمانيين للزخرفة الإسلامية تاريخيا، وكذلك شعار السلطنة الذي يمثل انتماء الهيئة وما تضمه من وثائق عمانية.
ومن خلال زيارة صاحب السمو السيد هيثم بن طارق اَل سعيد وزير التراث والثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية للمعرض، أشاد بما تقوم به الهيئة في تثقيف المجتمع من بينها إقامة المعارض التي تبرز من خلالها الوثائق التي تتحدث عن تاريخ الوطن، حيث جاءت بعد جهد ملموس من قبل الهيئة في تعريف المواطنين بأهمية الوثيقة وخاصة تلك التي تحمل في دلالتها المصلحة العامة، وأبدى سموه إعجابه بفكرة المعرض الذي اختلف عن سابقه من المعارض من خلال تخصيص المعرض للوثائق التي بادر المجتمع بتسجيلها لدى الهيئة حتى يتشجع الناس ويبادروا بتسجيل الوثائق التي يملكونها أو يحوزونها لدى الهيئة، حيث قال سموه: الهيئة لا تزال قائمة بدور مشرف في جمع الوثائق من المواطنين والذي اصبح تعاونهم ملموسا ونشكرهم جزيل الشكر لقيامهم بالمبادرة بتسجيل وثائقهم لدى الهيئة، أو بإهدائهم هذه الوثائق للهيئة أو بطلبهم لترميمها أو تقديمهم نسخا للهيئة، وحقيقة أرى أن الهيئة نشيطة في القيام بدورها وفي تعريفها للناس بتاريخهم، وتنقل الهيئة من منطقة إلى منطقة يساهم في نشر المعرفة والتقرب من المواطنين بشكل اكبر، ونلمس تجاوبا كبيرا من المواطنين وهذا ما نصبوا إليه من زمن بعيد، ونتمنى لمجلس الإدارة التوفيق في استقطاب المزيد من الوثائق ونشرها".
وأضاف سموه: هناك الكثير من الناس يترددون في تسجيل وثائقهم مع انه مضى عليها دهور وسنوات طويلة، واصبح من الضروري أن تخرج للملأ ومن ثم تصبح جزءا من التاريخ ، نعم هي وثائق خاصة وتخص أسرهم وآباءهم وأجدادهم ولكن هي جزء من التركيبة السكانية ومن ثم جزء من المعاملات في ذلك الوقت، ربما الكثير منا لا يعلم ذلك، ولكن هي جزء يحكي عن حقبة من الزمن، وبالتالي هي وثيقة لا نقول عنها بأنها خاصة وتحجب عن الناس وإنما الوثيقة الخاصة والعامة تصبح في نهاية المطاف وثيقة مهمة".
وفيما يخص مشروع التاريخ الشفوي والذي تتبناه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والذي قطع فريق العمل فيه شوطا كبيرا في سبيل توثيق التاريخ العماني من خلال الرواية الشفوية، قال سموه بأن الهيئة ماضية قدما في هذا المجال في سبيل حفظ الذاكرة الوطنية، وتكوين رصيد وثائقي للباحثين والدارسين لما له من أهمية قصوى.
كما أعرب صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد عن مدى سعادته وسعادة الشعب العماني الوفي بخطاب صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ فخرا وذخرا لهذا الوطن، والتي طمأن شعبه الذي يتوق ويتلهف لسماع أخبار جلالته بصحة، أطال الله في عمره وأسبغ عليه نعماءه وأمده بالصحة.
وأضاف سموه: الحمد لله نحن كمواطنين قبل كل شيء يسرنا رؤية جلالته وسماع خطابه الموجه لأبنائه، ونهنئ أنفسنا بأن نرى جلالته بصحة، راجين من الله بأن يعود لنا معافى، والكل كان متلهفا بأن يسمع منه، وهذا ما عودنا عليه كأب قبل أن يكون سلطانا للبلاد".
وفي سياق متصل قال معالي محمد بن سالم التوبي وزير البيئة والشؤون المناخية عند زيارته للمعرض الوثائقي الخامس: هناك تطور ملحوظ من خلال المعرض الحالي والمعارض السابقة وذلك يبين حرص هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على تقديم كل ما هو جديد، وأضاف بأن التنوع في أركان المعرض كان من أبرز ما شاهده حيث الوثائق السلطانية ووثائق الإقرارات الى جانب وثائق الأفلاج ووثائق الميراث ووثائق الوصايا ووثائق التهاني والتعازي والقصائد الشعرية ووثائق الفتاوى، كل هذا التنوع كان له الأثر الإيجابي على الزائرين للمعرض فمن خلالها تمكن المجتمع من التعرف على أصالة التاريخ العماني في مختلف المجالات، إضافة إلى تثقيف المجتمع في فن التعامل من خلال تلك الوثائق المعروضة وخاصة السلطانية منها فهي تعلم الفرد بفن الخطاب والمراسلة، وجميع هذه الوثائق تدل على عمق التاريخ العماني والحضارة القائمة على مختلف السنين، كما دعا معالي محمد بن سالم التوبي جميع المواطنين للاهتمام بتاريخ السلطنة وتشجيع الأهالي بتسجيل وثائقهم لدى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية متمنياً في الوقت ذاته مزيدا من النجاح والتوفيق للقائمين على هذه الجهود الجبارة في حفظ تاريخ السلطنة. وعبر معاليه عن سعادته لسماع خطاب جلالته الميمون الذي أدخل البهجة والسرور في قلوب المواطنين والمقيمين على أرض هذا الوطن الغالي وقال معاليه: إن كلمات ودلالات خطاب جلالته الميمون تخاطب القلب والوجدان، وهذا يدل على ترابط الشعب والحب المتبادل بين القائد والأب الحنون والشعب الوفي، فخلال خطاب جلالته ابتهجت عمان من أقصاها الى أقصاها وعبر الشعب عن فرحته بتلقي رسالة القائد داعياً الله بأن يمد جلالته بالصحة وأن يعيده الى شعبه بالخير والسرور.
كما عبر الدكتور سعيد الهاشمي محاضر بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس عن مدى فرحه وسروره بالمعرض الوثائقي الخامس والذي خصص للوثائق التي بادر المجتمع بتسجيلها لدى الهيئة والتي تخص المواطنين في بادرة طيبة من القائمين على الهيئة تهدف الى زيادة الوعي وتشجيع المواطنين بأهمية الوثيقة مهما اختلف مضمونها فهي تعكس فترات زمنية مختلفة الى جانب شمولها جميع مجالات الحياة في العصور الماضية، وأضاف بأن المعرض يعكس مدى وعي المواطن العماني بأهمية الوثيقة وما تعنيه للمصلحة العامة، كما أكد الدكتور بأن الوثيقة تعتبر ذاكرة التاريخ فلولاها لما عرفت الأجيال الحالية أساليب الحياة في العصور الماضية وفنون المخاطبات وغيرها من أمور الحياة العامة كما قال الدكتور سعيد الهاشمي بأن عددا كبيرا من الوثائق لا يزال بحوزة الأهالي فمنهم من يتحفظ عليها لأمور مرتبطة بقضايا عدة، ومنهم لا يوجد لديه سبب في تحفظه، ويجب بذل مزيد من الجهود من أجل استقطاب جميع الوثائق لتكون ذاكرة لتاريخ السلطنة، خاصة تلك التي مضى عليها أكثر من خمسين عاما، في ظل القوانين التي تكفل للمواطن للاحتفاظ بوثيقته او تسجيلها لدى الهيئة وفق القوانين المتبعة في ذلك، كما بإمكانه أن يحدد عرضها من عدمه جميع تلك القوانين كفلها القانون وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قائمة على هذه المبادئ والقوانين. وفيما يخص الباحثين والمؤرخين قال الهاشمي عليهم الاستفادة بمثل هذه المعارض من خلال عمل الدراسات والمقارنات والخروج بدروس مستفادة تفيد العامة.
من جانبه قال الدكتور صالح بن عامر الخروصي وهو أحد الباحثين في مجال التاريخ كما أنه من مرتادي مثل هذه المعارض حيث يقول الدكتور من خلال تجوله في المعرض بأن الوثائق المعروضة وثائق تاريخية مهمة وهي شاملة لمختلف جوانب الحياة وغير محصورة في جانب معين كما أنها تعبر عن مراحل زمنية قديمة فمثل هذه المعارض تثري الباحث والمطلع عن التسلسل الزمني والمراحل التي قطعتها السلطنة خلال تاريخها العريق، وأضاف: من بين الأشياء المهمة في المعرض الصور والطوابع والعملات فهي تعطي بعدا اخر تضاف الى جانب أهمية الوثيقة، كما قال بأن التطوير من معرض الى اخر هذه سمة يتمتع بها الطاقم المتمكن الذي تمتلكه الهيئة كما تمنى الخروصي بأن تتاح مثل هذه الوثائق للباحثين والدارسين في أقرب فرصة لكي يتمكنوا من الاستفادة منها في البحوث والدراسات القادمة، كما وجه الدكتور صالح بن عامر الخروصي كلمته لمالكي الوثائق باعتبارهم المادة الأساسية اضافة الى حائزيها الى الإسراع في المبادرة بتسجيل وثائقهم لدى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لتضاف الى الرصيد التاريخي للسلطنة، كما أبدى إعجابه بفكر وسياسة الهيئة في تشجيع المواطنين المبادرين في تسجيل وثائقهم من خلال تكريمهم من قبل الهيئة في المحافل وهذا ان دل على شيء إنما يدل على الحرص الكبير من قبل القائمين على هذا المشروع الوطني.
فالدور الذي تقوم به الهيئة في تكوين رصيد وثائقي يشكل جزءا أساسيا من الذاكرة الوطنية، ويعد بعدا تاريخيا بحثيا بما توفره الوثائق من مادة مهمة وشاهد حي يستدل به الباحثون والدارسون والمهتمون بتاريخ الوطن في بحوثهم ودراساتهم المختلفة. حيث تعد المعارض جزءا مهما في اطلاع هذه الوثائق للمجتمع بكل فئاته، وتسعى الهيئة إلى ابراز هذا المخزون الوثائقي الذي تزخر به السلطنة والذي يمثل مدخلا أساسيا لقراءة الحضارة والتاريخ العماني الأصيل في كل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية والفكرية، فالمعرض الوثائقي الخامس يأتي بعد عدد من المعارض الوثائقية المحلية والدولية والتي كان لها أثر كبير في تعريف الزوار بالدور الحضاري والتاريخي للسلطنة على المستويين المحلي والدولي ، كما يأتي هذا المعرض تباعا في سنته الخامسة ليؤكد على أهمية الوثيقة وابرازها للمجتمع ودورها في تسجيل أحداث التاريخ، وتنظم الهيئة المعارض الوثائقية لتكون استمرارا للنجاح المنجز وليستفيد منه الباحثون والدارسون والمهتمون من المخزون المتجمع لدى الهيئة، وانطلاقا من الرسالة السامية التي تسعى الهيئة إلى تحقيقها في المجتمع. كما أن المعرض الوثائقي الخامس ضم ما يزيد على ستمائة وثيقة تاريخية نادرة بالإضافة إلى الخرائط والمخطوطات التاريخية والعملات والطوابع، وكلها تعد وثائق خاصة بادر المجتمع بتسجيلها، وهي الوثائق السلطانية: وتشتمل على المراسلات السلطانية من السلطان إلى المواطنين أو من المواطنين إلى السلطان، في مختلف الجمالات، فنجد مراسلات من بعض شيوخ القبائل، بالإضافة إلى مراسلات من بعض الأعيان الذين تقلدوا مناصب مختلفة في البلاد، كرئيس الولاة وناظر الشؤون الداخلية، وبعض الولاة والقضاة، يطلبون رأي السلطان في أمر ما، كالفصل بين متخاصمين وإجراء صلح بين أشخاص، أو بعض مراسلي التهاني بالأعياد (عيد الأضحى وعيد الفطر) مثال: رسالة من السلطان سعيد بن تيمور إلى أحد المشايخ يشكره على رسالته المهنئة بعيد الأضحى المبارك 15/1/1385هـ -16/5/1965م. وثائق الإقرارات: وتشتمل على اقرارات البيع والشراء بين المواطنين والتي كانت توثق مباشرة دون الحاجة للرجوع إلى دائرة رسمية مختصة بذلك، مع وجود شاهدين أو أكثر، مثال عليه إقرار من أحد المواطنين ببيع مزرعته لمواطن آخر بمائة وستين قرش فضة 27/5/1373هـ -1/2/ 1954م.وثائق الأفلاج: وفيها كل ما يتعلق بالأفلاج كالحصص المملوكة لشخص ما في فلج ما أو أسماء الأشخاص المستأجرين لحصص الماء في فلج معين أو عدد الحصص الماء التي خلفها شخص ما في فلج، أو كل ما يتعلق بعملية صيانة الأفلاج أو البيع والشراء في حصص مياه الأفلاج مثال: بيان بحصص الماء التابعة لفلج أبو قرة بضنك 24/3/1388هـ -21/6/1968م. وثائق الميراث: وفيه كل ما يتعلق بتقسيم تركة شخص متوفى على الورثة أو الحاق بعض أمواله بأموال الوقف المعروفة في بلد ما. كوثيقة توضح تقسيم تركة بين أخوين من تركة والديهما 23/10/1387هـ -24/1/1968م. وثائق الوصايا: وتوضح كل ما يتعلق بوصية الأشخاص وما يوصون به من أموال أو مواقيف أو تخصيص بعض الحصص من أملاكهم للفقراء أو لتعليم القرآن الكريم وغيرها، ومنها وصية لمواطن 5/12/1354هـ -28/2/1936م. وثائق التهاني والتعازي: وتتناول هذه الوثائق مراسلات التهاني بالأعياد كعيد الفطر وعيد الأضحى بين المواطنين ووثائق التعازي في وفاة أشخاص مثال: رسالة تهنئة إلى أحد المشايخ بمناسبة عيد الأضحى المبارك، بتاريخ 13 ذو الحجة عام 1366هـ/28 أكتوبر عام 1947م.القصائد الشعرية: وتحتوي على قصائد المدح والثناء والرثاء والغزل بالإضافة إلى قصائد ختم القرآن الكريم أو ما يسمى (التأمينة)، ومنها التأمينة كتبها مواطن عام 18/12 / 1373هـ -18/8/1954م. وثائق الفتاوى: وهي عبارة عن رسائل موجهة إلى المشايخ الذين يشهد لهم بالعلم والمعرفة على شكل فتاوى في مواضيع الزواج والطلاق والصلاة وغيرها ومن ضمنها سؤال فقهي عن الشفعة موجه للإمام محمد بن عبد الله الخليلي. بالإضافة إلى عرض بعض الوثائق الأجنبية والتي ورد ذكر عمان فيها والتي يعود بعضها إلى القرن المنصرم بالإضافة إلى بعض الخرائط التي توضح جغرافية السلطنة، وكذلك بعض القصاصات الصحفية والعملات المعدنية والورقية والطوابع البريدية.