رعى معالي الشيخ محمد بن سعيّد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية صباح أمس افتتاح حلقة العمل التدريبة حول " الدليل المرجعي للجان حماية الطفل " والتي تنظمها وزارة التنمية الاجتماعية ممثلة في المديرية العامة للتنمية الأسرية بالتعاون مع مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسيف " ل40 مشاركاً يمثلون أعضاء لجان حماية الطفل من وزارات التنمية الاجتماعية والصحة ، والتربية والتعليم ، وشرطة عمان السلطانية ، والادعاء العام ، وذلك بهدف توفير مرجع لأعضاء ولجان حماية الطفل ، وتوحيد آليات وطرق التدخل على مستوى كافة المحافظات ، وتوفير آلية لمتابعة وتقييم الممارسة .
وقد أكد سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بأن التدريب على الدليل المرجعي للجان حماية الطفل" يأتي في إطار أصيل للعمل المهني من قبل المعنيين في وزارة التنمية الاجتماعية والشركاء الذين يمثلون عدة جهات ، كما يعتبر الدليل خطوة مهمة جدا للتعامل مع المشكلات التي تعترض فئة الأطفال والعمل على حمايتهم من الإساءة البدنية والنفسية ، وهذه الحلقات التدريبية التي تستهدف 120 مشارك من عدد من محافظات مسقط وظفار والداخلية وشمال وجنوب الباطنة الهدف منها الاتفاق على منهجية محددة وواضحة للتعامل مع قضايا الطفولة .
وافتتحت الحلقة بكلمة الوزارة ألقاها الدكتور يحيى بن محمد الهنائي مدير عام التنمية الأسرية ، وأكد فيها أن الاهتمام بالطفولة وقضاياها يشكل أولوية كبرى من أولويات التنمية وانطلاقا من أحكام الشريعة السمحاء وتعاليم الدين الإسلامي ومقاصده وغاياته الكبرى التي ترجمتها في الثقافة العربية وقيمها وممارستها وهويتها ، وانطلاقا من هذه المبادئ فإن السلطنة حققت مكاسب عدة لمصلحة الطفل تجسدت في التقدم الملموس الذي عكسته مؤشرات النجاح في مجالات متعددة ، إضافة إلى التزام السلطنة بمصادقتها على اتفاقية حقوق الطفل بموجب المرسوم السلطاني رقم 54/ 1996م.
وأضاف بأن مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان لتكوين شخصيته ، لذا فإن أي اضطراب يتعرض له الطفل سواء نفسيا أو جسديا أو اجتماعية يؤثر سلبا على ذلك التكوين ، ولما تشكله قضية الإساءة والإهمال من الخطورة في الوقت الحاضر على صحة الأطفال الجسدية والنفسية على المدى القريب والبعيد ، وإيمانا من وزارة التنمية الاجتماعية بأن جميع الأطفال لهم الحق في الحماية وبالتالي جاء اهتمام الوزارة بتسليط الضوء على قضية الإساءة وأسبابها وآثارها وطرق العلاج والوقاية منها .
ومشيرا الهنائي في كلمته إلى تشكيل لجان حماية الطفل في عام 2008 ، وأعيد تشكيلها وفق القرار الوزاري رقم345 / 2012م ، والتي تضم في عضويتها الجهات ذات العلاقة كوزارات التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم والصحة ، وشرطة عمان السلطانية والادعاء العام ، كما أنشئت في شهر ديسمبر 2013م دائرة الحماية الأسرية لتوفير الحماية للحالات المعرضة للإساءة والعمل على إعادة تأهيلهم وأسرهم للاندماج في المجتمع ، وإيجاد تشريع وطني لحماية الطفل من كافة أشكال الإساءة فقد صدر قانون الطفل بموجب المرسوم السلطاني رقم 22/ 2014م.
وفي ختام حفل الافتتاح قام معالي الشيخ وزير التنمية الاجتماعية بتدشين " الدليل المرجعي للجان حماية الطفل " ، والذي يشتمل على 7 وحدات تتضمن الحديث عن الشريعة الإسلامية ، والاتفاقيات الدولية والتشريعات العمانية ، والإطار المفاهيمي للإساءة والعنف ضد الطفل ، وطرق التقييم والتدخل في حالات العنف والإساءة للطفل ، وكذلك رصد الإساءة والعنف وتحديد احتياجات ومسار الأطفال المساء إليهم ، وتأهيل الأطفال وضحايا العنف والإساءة ، والوقاية من الإساءة والعنف ضد الطفل ، إلى جانب تضمنه قواعد العمل الأساسية للجان حماية الطفل.
حقوقه في الشريعة الإسلامية
وعقب ذلك تطرق الدكتور عبدالودود خربوش أستاذ علم النفس وخبير حماية الطفولة مع المشاركين الحديث عن الوحدة الأولى للدليل ففي ما يتعلق بحقوق الطفل في الشريعة الإسلامية فقد أوضح بأن الشريعة الإسلامية السمحة خصت الطفولة بمكانة خاصة ؛ لما تميز به هذه الشريعة المساوية من خصال الدعوة إلى العدل وقيم التسامح والإيثار والمساواة ، وما كرسته من أحكام تنظيم المعاملات على أسس البر والإحسان والتكافل ، وبما أن الأسرة هي نواة المجتمع والحاضنة الأولى لأبنائه وينبوع الحنان والدفء فقد حض الإسلام على تأسيسها بناءا على الحب والألفة والمودة والصدق بين الرجل والمرأة اللذان يشكلان أضلاعها وفق أحكام الدين الحنيف وتعاليمه ، وأضاف في هذا المحور بأن صلاح الأسرة ييسر للوالدين أسباب ودواعي تنشئة الأبناء تنشئة سليمة في جو مفعم بالصلاح والأمن الروحي والنفسي وفق قواعد التربية الإسلامية ، كما أوصت الشريعة الإسلامية أن يحتضن الوالدان أبنائهم بالرفق واللين والمحبة والتمكين من قواعد التواصل والحوار البناء حول القضايا التي تستأثر باهتمام الأطفال وسلوكياتهم ، مع ما يقتضيه ذلك من وجوب إتباع أسلوب منفتح في التنشئة ومنح الطفل الحرية في التفكير والتعبير والمحاولة والخطأ بما يمكنه من الإدراك والتعلم ويجعله تلقائيا يقلع عن العادات السيئة ويتعلم السلوكيات الصحيحة عوضا عن التعنيف والشطط والغلطة.
وأضاف الدكتور عبد الودود بأن تشجيع الأطفال على التفكير والتعبير والاكتشاف سيجنب المجتمع المسلم السقوط في العديد من الظواهر المشينة والمشكلات الاجتماعية التي بدأت تهديد بيئة المجتمعات المسلمة في وقتنا الحالي وتمس خصوصياتها وترهن حاضرها ومستقبلها في ظل تحولات عميقة يشهدها العالم نتيجة الثورة التكنولوجية وسيطرة التقنية المعلوماتية بشكل بات يهدد تماسك وترابط الأسرة واستقرار المجتمع ، ومستشهدا في هذا الجانب عدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية .
تلى ذلك تطرق الدكتور مقدم الحلقة للحديث عن المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل المصادق عليها من قبل السلطنة ، حيث ذكر بأن السلطنة انضمت إلى العديد من المواثيق والعهود الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومنها الاتفاقية الصادرة من منظمة العمل الدولية تحت رقم 182 لعام 1999 بشأن حظر أسواء اشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها بموجب المرسوم السلطاني 138 / 2001م ، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في يناير 2003 ، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في شهر فبراير 2006، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، إلى جانب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية والبروتوكول المتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص لاسيما النساء والأطفال وتمت المصادقة عليها في عام 2005م.
وفي ورقة العمل حول " الطفل في التشريعات الوطنية " والتي قدمها سلميان بن محمد المرجبي مدير الادعاء العام بولاية السيب من الادعاء العام اشار بأن التشريعات الوطنية في السلطنة تكفل حقوق الإنسان بصفة عامة لكنها تمنح الأطفال رعاية وافية بحيث تكفل لهم ممارسة واكتساب حقوقهم بيسر وسهولة في إطار حياة مجتمعية آمنة ومطمئنة وقد عملت الدولة بصورة مستمرة على تعديل القوانين النافذة واستصدار ما يلزم من تشريعات جديدة بما يوافق متطلبات الواقع ومصلحة الطفل الفضلى ، ومن ذلك الحقوق المدنية ، والحقوق الصحية ، والحقوق الاجتماعية ، والحقوق التعليمية ، والحقوق الثقافية ، والحقوق الاقتصادية ، وفي هذا الجانب تم تقسيم المشاركين وفقا لمجموعات عمل وإجراء دراسة على بعض الحالات .
كما شهدت الحلقة أيضا تقديم بعض المفاهيم بشأن الطفل والحماية والعنف وإشكالياته ، كتعريف الطفل وفقا للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في مادتها الأولى على أنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه ، وأيضا مفهوم الحماية يعني الحق الأساسي في التمتع بمختلف التدابير الوقائية ذات الصبغة الاجتماعية والتعليمية والصحية وبغيرها من الأحكام والإجراءات الرامية إلى حمايته من جميع أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الإهمال أو التقصير التي تؤول إلى إساءة المعاملة أو الاستغلال .
وفيما يتعلق بتعريف العنف فإن منظمة الصحة العالمية عرفته بأنه الاستخدام المتعمد للقوة الفيزيائية أو القدرة سواء بالتهديد أو بالاستعمال الفعلي من قبل شخص ضد نفسه أو ضد شخص آخر أو ضد مجموعة أو مجتمع بحيث يؤدي إلى حدوث أو يرجح أن يترتب عليه إصابة أو موت أو ضرر نفسي أو سوء النماء أو الحرمان أو أذى أو معاناة ، بينما مصطلح الإساءة فقد عرفه التقرير العالمي بأنه تشمل حالة انتهاك الطفل أو إساءة معاملته جميع أشكال المعاملة السيئة البدنية ( الجسدية ) أو العاطفية أو كليهما والانتهاك الجنسي والاهمال أو المعاملة بالإهمال أو الاستغلال التجاري وغيره المؤدية إلى أذية حقيقية أو محتمله تؤذي صحة الطفل أو إبقائه أو تطوره أو كرامته من سياق علاقات المسؤولية الثقة أو القوة .
كما تناولت الحلقة مؤشرات العنف ضد الأطفال وآثاره كالأثار الجسدية والنفسية ، وخصائص الطفل المعنّف منها الخصائص النفسية السلوكية تتعلق بالعدوانية المزمنة أو الاستبداد والتسلط ، والخصائص النفسية الانفعالية وتتعلق بالوصف الذاتي بعدم السعادة والشعور الزائد بضغوط الحياة اليومية وعدم القدرة على تحمل الاحباط ، وايضا الخصائص النفسية المعرفية وتتصل بضعف مهارات التعامل مع الوالدين أو مقدمي الرعاية كالإفراط في التأديب أو العقاب والمعارف الضئيلة بحاجات الطفل وقدراته والتشوهات المعرفية على مستوى الإدراك والمعتقدات من قبيل اعتبار الطفل ملكية خاصة أو اعتبار الطفل المؤدب هو الطفل المطيع أو الهادئ وبأن العنف أنجع وسيلة لحل مشاكل البيت ولتربية الطفل .
يذكر أن الحلقة تتطرق اليوم ( الأحد الموافق 9 / 11 /2014م ) لموضوعات الوحدة الثالثة للدليل المرجعي للجان حماية الكفل وهي : تقنيات مقابلة الطفل الضحية ، وآليات التقييم التدخل النفسي ، وآليات التقييم والتدخل الاجتماعي ، وكذلك الوحدة الرابعة للدليل وتتضمن موضوعات رصد العنف والإبلاغ عنه ، واحتياجات الأطفال ضحايا الإساءة والعنف ، ومسار الأطفال ضحايا الإساءة والعنف بينما يتناول المشاركون في اليوم الثالث والأخير موضوعات الوحدة الخامسة وعنوانها " تأهيل الأطفال المعنفين والمساء إليهم وأسرهم ، وكذلك الوحدة السادسة بعنوان " الوقاية من الإساءة والعنف ضد الطفل ، إلى جانب الوحدة السابعة للدليل بشأن قواعد العمل الأساسية للجان حماية الطفل .