[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/07/ssaf.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"] ناصر اليحمدي [/author]
المعدن الإنساني الأصيل يظهر وقت الشدائد .. والإنسان العماني
معروف منذ قديم الأزل بمعدنه الشهم الكريم وسجلات التاريخ تعج بالآلاف من المواقف النبيلة التي تبرز النفوس العمانية الطيبة الراقية
التي تحمل الخير للجميع بل وتحث عليه كل من حولها.
وتواجه السلطنة ـ كما هو حال العالم أجمع ـ ظروفا استثنائية صعبة على كافة المستويات من جراء انتشار فيروس كورونا "كوفيد 19" الذي تسبب في فرض العزلة المجتمعية وعلى أثرها توقف النشاط الاقتصادي
كما تراجعت أسعار النفط بشكل غير مسبوق، ووصلت لمستويات دنيا غير متوقعة مما ضاعف من الأزمة؛ لأن ذلك يؤثر بالطبع على الإيرادات العامة للدولة التي يدفع ثمنها الجميع .. ولا ننسى أن محاربة المرض وتقديم الرعاية الصحية اللازمة يحتاج هو الآخر لميزانية مرتفعة حتى يتم تجاوز الأزمة بسلام.
وفي ظل هذه التحديات التي أصابت العمانيين بالقلق انبثق نور من
الأمل بواسطة صاحب اليد الكريمة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي قدم القدوة والمثل في العطاء ونبل الأخلاق والشعور بالمسؤولية الوطنية الجسيمة وبُعد النظر في إدراك حجم التحديات التي تواجه البلاد والعباد حينما تفضل جلالته ـ أعزه الله ـ بالتبرع بمبلغ 10 ملايين ريـال لدعم جهود مكافحة فيروس كورونا ليفتح ـ أيده الله بنصره ـ باب التبرعات أمام أبناء الشعب الوفي من
المؤسسات والشركات والبنوك والأفراد كل بما تجود به يداه وما يستطيع أن يقدمه للوقوف بجانب الوطن في محنته حتى وصل إجمالي المبلغ
خلال ساعات قليلة إلى أكثر من 16 مليون ريـال ومازالت التبرعات تتوالى .. ولقد مدت نماذج مشرفة مضيئة يدها بالتبرع اقتداء بمولانا
حضرة صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه ـ بينهم رجال أعمال وبنوك، وغيرهم الكثير الذين لا يتسع المقال لذكرهم جميعا .. ناهيك عن المبادرات المجتمعية كإبداء بعض الأطباء استعدادهم للكشف مجانا على المرضى، سواء في العيادات أو على مواقع التواصل الاجتماعي وتنازل بعض الموظفين عن جزء من رواتبهم لصالح جهود مكافحة كورونا
وتبني مؤسسات دعم الأسر المتضررة من العزل وغيرهم الكثير.
لا شك أن هذه الجهود النبيلة تجسد مدى ما يشعر به هؤلاء من مسؤولية تجاه وطنهم وما يتحلون به من روح التضامن والتكافل المجتمعي التي تظهر وقت الشدة .. وهذا هو سر التلاحم الشعبي والوطني، فالأمة لا تنهض إلا بتكاتف أبنائها ووقوفهم كالبنيان
المرصوص على قلب رجل واحد فالعمل الجماعي المشترك كفيل بالعبور بسفينة الوطن إلى بر الأمان.. وكل دولة في الوقت الراهن بحاجة ماسة لتكاتف رجالها وقيامهم بمبادرات بناءة تساهم في تجاوز الأزمة.
إن الصورة المضيئة التي ترسمها سلطنة عمان بقيادتها الحكيمة
وجهاتها العسكرية والمدنية وشركاتها ومؤسساتها وأفرادها ستمكنها ـ بإذن الله ـ من التغلب على الأزمة والانتصار على الوباء .. فالكل يقوم بدوره في التضحية وأداء واجبه الوطني لدرء انتشاره وبالتلاحم والصبر والعزيمة الصادقة سنتجاوز التحدي وتزول الغمة.
كل الشكر والعرفان إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان
هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على عطاءاته غير المحدودة وحكمته وعقله الراجح وقلبه الكبير، وتواضعه الشديد الذي تجلى في
تفاعله مع شعبه من أجل تحقيق حاضر ومستقبل أفضل داعين الله سبحانه وتعالى أن يكلل جهود جلالته بالنجاح والفلاح دائما، وأن يسدد على طريق الخير خطاه، وأن يحفظه ذخرا لبلده وشعبه .. وكل التحية لكل يد تعطي بلا حدود، هدفها عزة الوطن وشموخه ورفعته .. وشكرا
للمخلصين، فهم رجال يسعون سعيا حثيثا لأن يضعوا مصلحة الوطن
فوق كل اعتبار ويحافظوا على رايته عالية خفاقة.
* * *
لقطات في زمن الكورونا
* تبذل السلطنة جهودا كبيرة لعودة المواطنين العمانيين في الخارج
الراغبين في الرجوع لأرض الوطن خصوصا من الطلبة فتقوم بتسيير
رحلات جوية طوال الأسبوع قادمة من مختلف دول العالم وقامت بتوفير مراكز للإيواء للاستعانة بها في حالات العزل بمختلف المحافظات
والولايات والتي وصلت إلى 2000 مركز، كما وفرت بالتنسيق مع إدارات الفنادق 2816 غرفة فندقية مجانية تستخدم كعزل مؤسسي لهؤلاء
العائدين من الخارج مع توفير كافة الخدمات من غذاء وتنظيف وشبكات إنترنت سريعة، وغير ذلك من الجهود المشكورة التي تجسد اهتمام
الحكومة بأبنائها في الداخل والخارج .. شكرا لكل من ساهم في توفير الراحة والأمان للمواطنين.

* رصد الادعاء العام عددا من الشائعات التي انتشرت على مواقع
التواصل الاجتماعي وضبط أصحاب تلك الحسابات والتحقيق معهم وحبسهم احتياطيا، وكذلك إلقاء القبض على بعض المتهمين بمخالفة
إجراءات العزل دليل على يقظة الادعاء العام وحرصه على تطبيق العدالةالناجزة، فنحن في ظروف لا تحتمل التهاون وتحتاج لالتزام الجميع بكافة التدابير والإجراءات الاحترازية التي تصدرها الدولة.

* تعجبت كثيرا من تكوين بعض المواطنين لتجمعات في الأماكن العامة
كالشواطئ والأودية والرمال وكأنهم في إجازة ترفيهية يتنزهون فيها وقتما شاءوا متناسين أن التجمعات تحمل خطرا كبيرا لأنها تساهم في انتشار
الفيروس.. نرجو من الجميع الالتزام.

* احتفال الكوكب بساعة الأرض هذا العام أخذ طابعا حزينا بسبب
الظروف التي يمر بها العالم .. حتى التقاليد المتبعة بإطفاء الأضواء غيرالضرورية لم يتم التسليط عليها لأن معظمها منطفئ بطبيعة الحال نظرا لأن نصف سكان العالم معزولون في منازلهم .. اللهم أزح الغمة.

* يتسابق العالم لإنتاج دواء ناجع لفيروس كورونا فتارة الصين تعلن
توصلها له وتارة أخرى أميركا وكذلك ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وحتى الآن لم تنجح أي منها .. ندعو الله أن يتوصل العلماء بغض النظر عن
جنسيتهم لدواء شافٍ لأن الوباء لا يفرق بين أبيض أو أسود.

* أعلنت طوكيو أن دورة الألعاب الأولمبية التي كان من المقرر أن تقام في يوليو 2020م تم تأجيلها إلى يوليو 2021م بسبب فيروس كورونا المستجد .. ندعو الله أن تسير الأمور على خير ما يرام ويعم الأمان
العالم.

* في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بوباء كورونا تواصل كوريا الشمالية اختباراتها الصاروخية حيث أعلنت عن نجاحها في اختبار قاذفة صواريخ متعددة "فائقة الضخامة" .. يبدو أن بيونج يانج لم تتأثر بالأزمة العالمية الحالية.
* * *
مسك الختام
قال تعالى: "فإن مع العسر يسرا .. إن مع العسر يسرا".