لم يرد الأب أن يطيل على أبنائه فترة القلق والترقب .. فأطل عليهم بطلعته البهية الجميلة المفعمة بالصحة والعافية ليطمئن قلوبهم ويثلج صدورهم ويريح بالهم .. إنه مولانا باني نهضتنا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه وأمد في عمره ـ فما يربطه بشعبه ليست مجرد علاقة حاكم بمحكوم بل تعدتها لعلاقة الحب والمودة والاحترام والشراكة كما يردد جلالته دائما بأن المواطن شريك أساسي في عملية التنمية وصنع القرار .. وتطورت العلاقة لتصبح علاقة أب بأبنائه فعشقه الشعب وأصبح تاجه الذي يتزين به ودرعه الذي يحميه من نوائب الزمن ونوره الذي يهديه سبيل البناء.
لقد كان الشعب العماني أحوج ما يكون للاطمئنان على صحة جلالة السلطان المفدى فعاش الأيام الماضية وهو شريد الذهن مؤرق البال يقض مضجعه القلق واستبد به التفكير في حال سلطاننا ـ أبقاه الله ـ إلى أن نزلت الكلمة التي ألقاها جلالته ـ أعزه الله ـ بردا وسلاما على أفئدة وعقول العمانيين فبعثت في نفوسهم الحياة وبدلتهم من حال إلى حال وانطلقت مسيرات المحبة والعرفان من كل صوب وحدب تجوب البلاد شرقا وغربا شمالا وجنوبا وشارك فيها الصغار مثل الكبار وتحولت عمان من حالة السكون والاستكانة إلى شعلة فرح ونشاط وعمل دؤوب معبرين بقلوبهم قبل حناجرهم عن أسمى آيات الولاء والوفاء والحب.
لاشك أن حضرة صاحب الجلالة السلطان ـ حفظه الله ورعاه ـ تعمد أن يلقي خطابه السامي المفوه في هذا التوقيت بالذات ففي شهر نوفمبر المبارك تحتفل البلاد بالذكرى الرابعة والأربعين للعيد الوطني المجيد فأراد جلالته أن نفرح بالعيد ونشعر ببهجة الشهر الميمون والمناسبة السعيدة.
إن ما يشعر به كل عماني وفرحته بالاطمئنان على صحة جلالته ورؤيته وسماع صوته عظيمة لا تعبر عنها أفصح الأقلام .. فما أن أطل على شاشة التلفاز حتى تعالت دقات القلوب وترقرقت الدموع فرحة مستبشرة بالسرور والحبور وعادت الروح إلى الجسد واطمأن القلب.
لقد كانت كلمة جلالته التي ألقاها بمثابة الحافز الذي شحذ همم الشعب العماني لبذل المزيد من العرق والجهد من أجل إعلاء شأن الوطن والدفع بعجلة التنمية قدما إلى الأمام والمضي نحو التطور والنماء بقلوب مطمئنة وبال هانئ كما أنها حملته مسئولية الحفاظ على ما تحقق من إنجازات في العهد الزاهر الميمون .. وهذا ليس جديدا على حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم فمنذ أن تولى ـ حفظه الله ـ مقاليد الحكم في البلاد وهو يقوي من عزيمة الشعب الوفي للانطلاق نحو المستقبل بثقة وثبات حتى تحقق التقدم المنشود وتكونت دولة عصرية مكتملة الأركان بمعنى الكلمة.
إن كلمة حضرة صاحب الجلالة كانت شافية ووافية ولامست شغاف قلوبنا جميعا .. فمولانا وقائدنا رجل أفعال وأعمال لا أقوال .. وكم أسعدنا أنه هنأ الشعب بالعيد الوطني المجيد فهذه المناسبة السعيدة غالية على قلوبنا جميعا وما كنا لنشعر بفرحتها وطعمها لولا إطلالة جلالته المعهودة .. كما أن جلالته لم ينس في كلمته قواته الباسلة التي تذود عن حياض الوطن ومكتسباته بكل شجاعة .. فهي تقوم بأداء رسالتها على أكمل وجه وأراد جلالته أن يطمئن الشعب الوفي فينام الجميع قرير العين لأن قواتنا المسلحة العين الساهرة على راحته.
لاشك أن كل عماني يفتخر بما تحقق على أرض الواقع من نهضة وأمن واستقرار لوطننا الغالي وإنجازات عزة وكرامة تشخص لها الأبصار ما كانت لتتحقق لولا الفكر المستنير والبصيرة النافذة والعزيمة الفولاذية لحضرة صاحب الجلالة أبقاه الله ذخرا لنا .. فقد رفع شعار بناء الأوطان من أنه لا يتم إلا ببناء الإنسان فصار منهجه قدوة وحكمة يجب أن يدرسها كل من يريد أن ينشيء دولة حضارية تتمتع بكل مقومات التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي وكافة مناحي الحياة.
ندعو الله العلي القدير أن يتم فضله على عمان ويعيد حضرة صاحب الجلالة إلى البلاد سالما غانما معافى وهو يتدثر بثوب العافية القشيب وعلى رأسه تاج الصحة والسلامة وأن يبقيه دائما وأبدا ذخرا وسندا للبلاد والعباد إنه نعم المولى ونعم المجيب.
* * *
معرض الشارقة .. براعة في التنظيم والإدارة
معرض الشارقة الدولي للكتاب من المعارض التي لها ثقل ثقافي ليس على المستوى الخليجي والعربي فقط بل الدولي أيضا .. وتأتي دورته الـ 33 لتضيف له نجمة تميز جديدة في سجل إنجازاته .. فمنذ افتتاحه تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وهو يتميز ببراعة في التنظيم والإدارة رغم العدد الضخم الذي حضر من الشخصيات الثقافية والفنية العالمية والعربية والمحلية ومن الجمهور بالإضافة إلى الفعاليات العديدة التي تنوعت مشاربها وألوانها لترضي كافة الأذواق صغارا وكبارا والتي وصل عددها إلى 780 فاعلية ثقافية وفنية ومسرحية وغيرها.
إن معرض الشارقة الدولي للكتاب يتمتع بسمعة ثقافية جيدة جدا فهو يضم دور النشر العربية والأجنبية على حد سواء .. فهناك 1256 دار نشر من 59 دولة من بينها 35 دولة أجنبية ولقد انضم تحت لوائه هذا العام أيضا 12 دولة أجنبية لأول مرة ليقينها بأن المشاركة في المعرض مكسب كبير لها وهو ما يدل على تنامي قيمة المعرض وثقله.
لقد كانت فرحة أهل الشارقة فرحتين الأولى بافتتاح هذا المعرض المميز الذي يضع اسم الإمارة على القائمة الدولية للمنظمين الناجحين لمعارض الكتاب والثانية مواكبة هذه المناسبة السعيدة لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية.
لاشك أن كل دولة تنتظر على أحر من الجمر عرسها الثقافي الذي يتمثل في معرض الكتاب وذلك للاطلاع على أحدث الإصدارات على الساحة الثقافية .. كما أن هذه المعارض تتيح التواصل بين المبدعين والمفكرين من جهة والقراء من جهة ثانية الذين يتعرفون عليهم عن قرب ويتم تبادل للأفكار بين الطرفين من خلال الندوات والحوارات التي تقام على هامش المعرض.
لاشك أن المشهد الثقافي في حاجة ماسة لمثل هذه الفعاليات الأدبية خاصة مع تزايد النشر الإلكتروني مقابل تقلص الورقي .. فتصفح الكتاب بمجرد الضغط على زر أصاب القارئ بالكسل وجعلته يلهث وراء ما وفرته التكنولوجيا الحديثة في عرض الكتاب من أناقة وصور متحركة وموسيقى .. وبالتالي فإن مثل هذه المعارض تساهم بشكل كبير في الحفاظ على مكانة الكتاب الورقي وتثبت أقدامه على الساحة الثقافية.
إن القراءة هي الباني لعقل الإنسان والمحدد لشخصيته والموجه لسلوكه لذلك يجب أن يحرص كل إنسان على التزود من غذاء الروح وارتياد معارض الكتاب وتعويد أبنائه على الاطلاع والقراءة حتى يربطهم بتراثهم ووطنهم ومجتمعهم.
كل التوفيق والأمنيات بالنجاح المستمر للقائمين على المعرض الذين استطاعوا أن ينظموا هذه التظاهرة الثقافية لتخرج بصورة مشرفة ترفع من اسم الشارقة في المحافل الدولية.

* * *
حروف جريئة
* أقرت المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب خلال الغارة التي شنها على قافلة مساعدات تركية كانت متجهة إلى قطاع غزة عام 2010 وبالرغم من ذلك أعلنت أنها لن توجه لهذا الجيش أي اتهام .. إلى متى تظل المحكمة الدولية تتعامل بازدواجية في المعايير وتكيل بمكيالين في كل ما يخص الدولة العبرية ؟.. ومتى تحقق العدل والإنصاف الذي أنشئت من أجله ؟.

* مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة فرض عقوبات على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح واثنين من زعماء الحوثيين بتهمة "تهديد السلم والاستقرار" في اليمن .. يبدو أن المنظمات الأممية لا تدين إلا العرب فقط أما ما يخص الدول الكبرى أو إسرائيل فإنهم جميعا فوق المساءلة وفوق القانون.
* أميركا خرجت من العراق من الباب لتعود إليه من النافذة .. فبعد انسحاب الجيش الأميركي عاد مرة أخرى إلى بلاد الرافدين بحجة تعزيز القوات العراقية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية .. هذه هي سياسة اللف والدوران التي تتبعها أميركا دائما.

* * *
مسك الختام
قال تعالى "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".

ناصر اليحمدي