إعداد ـ فريدة بنت زايد بوتمجت*
اعلم أيها القارئ الكريم، أن الخوف لا يكون متحققاً إلا بارتباط مكروه وجملة المكروهات أمور عشرة:
أولاها: أن يكون مكروهاً لذاته، وهذا نحو النار، فإنّ الله عز وجل قد وعد العصاة بها وهي أعظم مخوف في الآخرة، لأن سائر الأهوال في الآخرة بالإضافة إليها قليل، وثانيها: المعاصي، فإنها مكروهة لكونها مؤدية إلى المكروه، وهو العذاب في الآخرة في قوله تعالى:(وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (النساء ـ 14)، وثالثها: خوف الموت لما يلاقي فيه من المشاق العظيمة والفجائع الهائلة، ورابعها: الخوف من حرمان التوبة قبل الموت والخوف من نقضها، وخامسها: الخوف من الانتقاص لحق الله تعالى والوفاء بعهده وميثاقه، وسادسها: الخوف من قساوة القلوب وتبدلها، كما قال تعالى:(فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (الزمر ـ 22)، وسابعها:الخوف من الميل عن الاستقامة على الدين، كما قال تعالى:(فاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (هود ـ 112)، وقوله تعالى:(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) (الروم ـ 43)، وثامنها: الخوف من الاغترار بزخارف الدنيا ولذاتها وشهواتها، وتاسعها: الخوف من الغفلة واطلاع الله تعالى على قبيح سريرته، وعاشرها:الخوف من سوء الخاتمة عند الموت ،في قوله تعالى:(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران ـ 30)،فهذه كلها مخاوف عظيمة ومهالك جسيمة وأغلب هذه المخاوف على أهل التقوى إنما هو سوء الخاتمة فإن الأمر فيها خطر لأن الخاتمة تبع للسابقة وفروع تتفرع عنها، فالخوف من المعاصي خوف الصالحين والمؤمنين،والخوف من الله تعالى لأجل اختصاصه بالصفات العالية هو خوف الموحدين والصديقين.
* كاتبة جزائرية