طرابلس ـ وكالات: تسعى الأمم المتحدة ودول جوار ليبيا لإخراج هذا البلد الغارق في الفوضى منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في2011 من أزمته السياسية والأمنية، من خلال إطلاق حوار وطني يجمع الفرقاء على طاولة واحدة. فيما قتل خمسة أشخاص بينهم أربعة جنود وأصيب 23 شخصا على الأقل بجروح متفاوتة الخطورة أمس في هجوم انتحاري بمدينة طبرق حيث المقر المؤقت للبرلمان الليبي، وفي تفجير آخر وقع أمام قاعدة الأبرق الجوية بشرق ليبيا، حسب مصادر طبية وعسكرية. وقال مصدر في وزارة الصحة الليبية إن "قتيلا على الأقل إضافة إلى الانتحاري و20 جريحا بينهم أربعة في حالة خطرة وصلوا إلى مركز طبرق الطبي جراء الهجوم الانتحاري المزدوج في المدينة"، لافتا من جهة ثانية إلى أن "أربعة جنود من الجيش قتلوا إضافة إلى انتحاري، وأصيب آخر بجروح خطرة في الهجوم على قاعدة الأبرق الجوية" بشرق ليبيا. وأعلن مسؤول في وزارة الداخلية الليبية في وقت سابق أمس أن "هجوما انتحاريًّا وقع في منطقة سوق العجاج وسط مدينة طبرق بالقرب من معهد النفط عند مفترق الطرق الرئيسي الواقع غرب المدينة" الواقعة على بعد 1600 كلم شرق العاصمة طرابلس. وأضاف أن "الهجوم وقع بعيدا من فندق دار السلام، حيث يعقد مجلس النواب الليبي جلساته بشكل مؤقت في هذا المقر". وقال المصدر الأمني خلافا لما قاله قبلا بأن "نتائج التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الهجوم الانتحاري في طبرق لم يكن مزدوجا". وأوضح أن "قوة الانفجار وسماع انفجار العبوات التي فخخت بها السيارة بشكل متلاحق إضافة إلى التدمير الكلي للسيارة التي كانت بجانب السيارة المفخخة جعل المسعفين وشهود العيان يظنون أن الانفجار مزدوج". وأشار إلى أن "خبراء المتفجرات الذين عاينوا المكان تبين لهم أن الهجوم الانتحاري تم عبر سيارة مفخخة واحدة". وقال نائب في البرلمان الليبي الذي حلته أعلى محكمة في ليبيا طلب عدم ذكر اسمه إن "النواب جميعهم بخير لأن الانفجار كان بعيدا عن مقرهم لكن هناك احتياطات أمنية مشددة تحسبا لأي هجمات محتملة". وبالموازاة مع ذلك قال المصدر الأمني إن "سيارة مفخخة كان انتحاري يقودها انفجرت أمام بوابة القاعدة الجوية الملاصقة لمطار الأبرق المدني" (1260 كلم) شرق طرابلس. وقال المصدر الطبي إن "الانفجار تسبب في قتل الانتحاري وأربعة جنود لفظوا أنفاسهم الأخيرة في المستشفى فيما يعاني جندي آخر من جروح خطرة"، في حين قال المصدر الأمني إن "الانفجار تسبب في تدمير كبير لبوابة القاعدة إضافة إلى أضرار مادية متوسطة لمسجد قريب من تلك البوابة". وفي بنغازي انفجرت حقيبة متفجرات في منطقة الحدائق وسط مدينة بنغازي بالقرب من مقهى الشلال مخلفة أضرارا مادية جسيمة، حسب ما أفاد شهود. وبهدف التشجيع على الحوار الوطني أجرى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا برناردينو ليون أمس الأول محادثات مع نوري بوسهمين، رئيس البرلمان الذي انتهت ولايته منذ أشهر، في طرابلس للمرة الأولى منذ قرار المحكمة العليا في طرابلس حل البرلمان المنتخب في يونيو، وهو ما رفضه هذا البرلمان. من جهته، قال صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس البرلمان المنتهية ولايته إن "أطراف الحوار" الذي يرعاه ليون "ستتغير، وسيتم عرض رؤية شاملة وعامة باقتراح من الأمم المتحدة وتحت رعايتها خلال الفترة المقبلة". وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقب المباحثات مع ليون أن "المؤتمر طالب بضرورة الاستمرار في الحوار الوطني الذي انطلق في سبتمبر الماضي" مشيرا إلى "عرض خارطة جديدة تحدد فيها أطراف الحوار الذي سيشمل كافة الأطراف". وتابع "بدأنا صفحة جديدة الحوار يجب أن يستمر، واطراف الحوار الآن ستتغير بعد قرار المحكمة العليا حل مجلس النواب نتيجة خلل دستوري". وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عقب الزيارة ليون في بيان إن "ليون جاء لطرابلس ليلتقي الأطراف الفاعلة للوقوف على أفكار الأفرقاء حول كيفية المضي قدما للتوصل إلى توافق سياسي". واوضحت ان الاجتماع هدفه "الاستماع إلى رأي وافكار بوسهمين حول كيفية حلحلة الجمود السياسي"، لافتة إلى أن "الاجتماع كان مثمرا وتميز بالصراحة والشفافية وتم التباحث في الأفكار التي طرحت بتعمق". واضافت البعثة إن ليون "سوف يعقد المزيد من اللقاءات مع الاطراف الفاعلة الليبية في الايام المقبلة". وكان ليون اعلن أن "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستواصل جهودها أيضاً لمساعدة الليبيين على تجاوز التحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي وبناء دولة حديثة ذات مؤسسات قوية قائمة على احترام حقوق الانسان وسيادة القانون". وامس الاربعاء، قالت وكالة الانباء في حكومة الإنقاذ الوطني إن "ليون التقى أمس الاول بطرابلس مع محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء" الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الليبية. وقالت الوكالة إن "ليون أكد أن الأمم المتحدة تحترم حكم المحكمة" مشيرا إلى "أنه لا ينهي الانقسام الحاصل لأن المشكلة في ليبيا سياسية".
وأوضح أن "المهم في هذه المرحلة هو توحيد الليبيين بعد هذا الحكم، مشيرا إلى أن البعثة تسعى لإيجاد حل سياسي تجتمع عليه كل الأطراف للخروج من الأزمة الراهنة". ونقلت الوكالة عن صوان إشادته بدور البعثة الأممية في دعم الشعب الليبي وسعيها الحثيث للحوار من أجل الاستقرار، مؤكداً علي "ضرورة احترام وقبول المجتمع الدولي لحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا". وأشار صوان إلى ضرورة الإسراع للانتقال إلي المرحلة الدائمة الأمر الذي يتطلب سرعة انجاز الدستور الذي ينتظره كافة الليبيين.
وفي سياق متصل أعلن رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، ان مبعوث الأمم المتحدة الى ليبيا برناردينو ليون، سيزور بلاده قريبا لإجراء مشاورات مع الحكومة الجزائرية حول الملف الليبي. وقال لعمامرة في تصريح نقلته وكالة الأنباء الليبية، إن "المجهودات الجزائرية تجاه الازمة الليبية متواصلة وأن هناك تنسيقا مع الامم المتحدة حيث سيصل في الايام القادمة الى الجزائر ممثل الامين العام للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون، قصد المزيد من المشاورات مع الحكومة الجزائرية حول هذا الملف".
وكانت الجزائر والسودان، اعربتا عن استعدادهما للتوسط بين الفرقاء في ليبيا للوصول إلى حل يحفظ وحدة هذا البلد وينقذه من التشرذم. من جانبه اعلن وزير الخارجية السوداني علي كرتي من العاصمة المصرية القاهرة أن الخرطوم ستستضيف الاجتماع القادم لدول الجوار لليبيا في الاسبوع الأول من ديسمبر المقبل. وقال كرتي الذي أجرى مباحثات مع نظيره المصري سامح شكري في تصريحات للصحافة إن مشاورات ستجري قبل الاجتماع من أجل "تحريك الاوضاع في ليبيا"، مؤكدا أن "كافة الاطراف الليبية بما في ذلك الجماعات المسلحة تقبل بفكرة الحوار". وأشار إلى أنه ليست هناك أية مبادرة مطروحة من أجل حل الازمة في ليبيا سوى مبادرة دول الجوار الليبي. من جهته صرح بدر عبد العاطي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية بأن مباحثات وزيري الخارجية المصري والسوداني تناولت استعادة الامن والاستقرار والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وسلامتها الاقليمية.