يساعد الأشخاص الذين يشعرون بالضغط والقلق في هذه الفترة على اجتيازها بسلام

- استشاريو الطب النفسي: فئة الشباب من الجنسين الأكثر إدراكا وتفهما لآثار الفيروس وهناك تجاوب من قبل المجتمع

أجرى الحوار: سليمان بن سعيد الهنائي

يعتبر القلق النفسي من التداعيات السلبية التي قد تصيب الأفراد في حالة العزلة المجتمعية، خاصة في أوقات الكوارث أو انتشار الأوبئة، لما يسببه من تأثيرات وأعراض مرضية جراء الشحن النفسي، وخاصة للفئات التي لديها أمراض نفسية ومزمنة.
وقد تبنى مستشفى المسرة مبادرة (خلونا نتفق) منذ البوادر الأولى لانتشار فيروس كورونا (كوفيد - 19) في السلطنة، وأسهمت في تخفيف وتيرة الضغوطات النفسية لدى بعض الأفراد، واستفادت منها شريحة من المجتمع للتنوير وكسب المعرفة بالفيروس ومسبباته وكيفية الوقاية منه وأخذ التدابير التي تساعدهم من الحفاظ على صحتهم مستفيدين من الدعم النفسي الصحيح، حيث تقدم الخدمة عن طريق الهاتف خلال هذه الفترة الاستثنائية.

(الوطن) التقت بالدكتور رفيق رمزي - اختصاصي طب نفسي وإدمان بمستشفى المسرة، ليحدثنا عن القلق النفسي ودور مبادرة (خلونا نتفق) حيث قال: إن المبادرة لاتختص بفئة معينة وإنما تستهدف الجميع سواء مواطنين أو مقيمين، ويتم تقديم هذه الخدمة عن طريق الهاتف وهي متاحة يوميًا طوال أيام الأسبوع من الأحد إلى الخميس من الساعة 8 صباحا وحتى 2 ظهرًا، حيث يقوم مجموعة من الأخصائيين النفسيين بتلقي الاتصالات والرد عليهم وفق ما يتطلبه الأمر من سرية والحفاظ على الخصوصية التي تعطي المتصل الأريحية في الحديث، ويتم تقييم الحالات وفق ما يقتضيه الأمر، وهناك أطباء نفسيون جاهزون للرد والتدخل وإبداء الحلول التي تتناسب مع كل حالة، مبينا أنه لأهمية الصحة النفسية في حياة الفرد وتأثيرها على الصحة الجسدية ومناعة الأشخاص قمنا بتبني فكرة المبادرة التي تهدف الى تعزيز وتحفيز الصحة النفسية للأفراد، ومن أهدافها التي نحرص عليها هي مساعدة الأشخاص الذين يشعرون بضغط وتوتر في هذه الفترة على اجتيازها بسلام وتقديم بعض استراتيجيات التعامل مع الضغط النفسي وكيفية التأقلم معه وتقديم الدعم النفسي وفق تقدير الحالة والعمل على تشجيع العاملين في القطاع الصحي في السلطنة من حيث تعزيز وتقديم الوعي الصحي من خلال تبصيرهم بالمعلومات الصحيحة عن هذه الجائحة من مصادر موثوقة.

وعن الآلية التي يتم اتباعها لتقديم الإرشادات للوقاية من فيروس كورونا أفاد الدكتور رمزي بقوله: قمنا بفتح خطوط مباشرة لخدمة الهاتف لاستقبال المكالمات والرد على الاستفسارات وتقديم الطرق والآلية التي تساهم وتساعد المتصل في اتخاذ التدابير السليمة والصحيحة، ويأتي ذلك منذ انطلاق المبادرة حفاظا على سلامتهم وتخفيف الأعباء والمشقة وتجنبا للاختلاط إلا في الحالات التي يستدعي قدومها الى المستشفى وهي حالات استثنائية، كما تم الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في التصوير وبث فيديوهات قصيرة هادفة ومُركزة، يهدف توصيل المعلومة لأكبر قدر من شرائح المجتمع.
وأشار إلىلى أن القلق النفسي له تأثير مٌباشر وأيضًا غير مُباشر على حياة الإنسان، ولكننا هنا نتحدث عن القلق المرضي فالقلق في حد ذاته هو ردة فعل واستجابة طبيعية لخطر أو ضغط خارجي وهو في هذه الحالة مهم بل وضروري للحفاظ على حياة الانسان وتحفيز الانتاج والدافعية لديه، فقلق الطالب قبل الامتحان الذي يجعله يستذكر دروسه بجدية أكثر ويزيد من تركيزه وانتباهه هو قلق مطلوب بل ومحمود.

وأكد الدكتور رمزي بأن القلق المرضي فهو على العكس تمامًا فهو أولا يقلل من تركيز صاحبه وأدائه مما يؤدي إلى مشاكل في التذكر، لكن الخطر أن هذا القلق يكون مصحوبًا بأعراض جسمانية مُختلفة من سرعة في ضربات القلب وارتفاع في ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر بالدم وشد بعضلات الجسم، وعندما يكون القلق بشكل دائم ومُستمر فإنه يؤثر على صاحبه ويعرضه لأن يصاب بأمراض مُزمنة مثل مرض ضغط الدم المُرتفع ومرض السكري علاوة على هذا فإن الكثير من الأبحاث والمراجع تتحدث عن تأثير القلق على صحة الناس المصابين فعلًا بهذه الأمراض من ناحية تجاوبهم مع العلاج بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي وجيني يكونون أكثر عرضة لأمراض الضغط والقلب والسكري أكثر من الأشخاص العاديين في حال تعرضهم للقلق بشكل مُزمن.
أما عن الأعراض التي يتم من خلالها معرفة الأشخاص الذين يتأثرون بشكل سريع ومُباشر بالقلق النفسي فأوضح الدكتور بأنه يجب أن تتم عدة خطوات بداية من أخذ التاريخ المرضي للشخص مرورًا بمجموعة من الاختبارات النفسية وكذلك بعض الفحوصات المخبرية، ثم يتم وضع خطة علاجية مناسبة.

وعن الأساليب والطرق الصحيحة للوقاية من القلق المرضي فقال: لابد أن يكون لدى الشخص طريقة تفكير صحيحة للأمور، فكثير من مخاوفنا تحدث نتيجة استراتيجيات تفكير غير صحيحة، وأن ينظر للأمور بمنظور شامل وأن يحاول الشخص أن يقف على الأسباب الحقيقية لقلقه وخوفه وينظر لما يستطيع أن يفعله ويقوم به على أكمل وجه، كذلك من المفيد جدًا أيضًا في التغلب على القلق وتجنبه تذكر مواقف الماضي التي كانت تمثل تهديدًا وقلقًا وكيف عبرت وهذا يجعل لدى الإنسان يقينًا أن هذه المحنة أو هذه الأزمة ستعبر أيضًا، فاختبارات الماضي هي رصيد أمام مخاوف المُستقبل،
موضحا بأن القلق النفسي له عدة أنواع نذكر منها: اضطراب القلق الرهابي والرهابات الاجتماعية والاضطراب القلقي والاضطرابي المُختلط والتفاعل للكرب الشديد واضطرابات التأقلم.. وغيرها من أنواع القلق المرضي، وكما سبق وأشرنا أن للمرض تأثيرا على المستوى التعليمي للفرد في كل المراحل العمرية، حيث أنه يؤثر على عملية التحصيل الدراسي وبالتالي يؤثر على تركيز الفرد مما يؤدي لتدهور العملية التعليمية للفرد، وبالطبع جميع الفئات العمرية معرضة أن تتأثر بالقلق ولكن الناس الذين تميل طبيعتهم للتوتر والتشاؤم معرضون للقلق أكثر من غيرهم
وأكد الدكتور على ضرورة اتباع الارشادات والنصائح في ظل تفشي فيروس كورونا والتي قد تساعدنا على اجتياز هذه المرحلة بسلام.. فلا تقلق من الغد وركز على ما تستطيع فعله اليوم من اتباع للتعليمات والنصائح، وما تفعله من التزام له دور كبير في حياتك وحياة من حولك بل والمجتمع ككل، وعلى الشخص أن يعبر عن مشاعره من خوف وقلق وألا ينزعج من وجود هذه المشاعر فهي ردة فعل طبيعية ولكن أن يجعلها في الحدود الطبيعية فلا يعرض نفسه للأخبار كثيرًا، فهذا حتمًا سيؤثر على سلامه الداخلي، والأهم ان يستقي المعلومات من مصادرها الصحيحة والموثوقة وأن يستثمر هذا الوقت في تنمية المهارات وتطوير ما يمكن أن يفيده ويتواصل مع أحبائه مُستخدما الوسائل المُتاحة.

تجاوب كبير من المجتمع
من جانب آخر قالت الدكتورة منى بنت سعيد الشكيلية - إستشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين بمستشفى المسرة: إن أهمية المبادرة الذي أطلقها مستشفى المسرة والتي تختص بفيروس كورونا (كوفيد - 19) حظيت بتجاوب كبير من قبل المجتمع من خلال التواصل الاجتماعي والاتصالات المباشرة وأيضا عن طريق نشر الفيديوهات التوعوية، مشيرة إلى أن هناك تجاوبا وتواصلا من قبل المجتمع وساهمت المبادرة في تنمية الوعي لديهم وقيمة التعرف على ما يهمهم وكيفية التعامل مع فيروس كورونا (كوفيد - 19)، ولاحظنا أن الفئة التي حرصت على التواصل معنا هي فئة الشباب سواء من الذكور أو الإناث الذين لديهم مشاكل في النوم بسبب القلق من انتشار الجائحة، فهناك بعض الأشخاص الذين يدخلون في الحجر تنتابهم أعراض القلق النفسي وتؤثر عليهم سلبا من خلال التخيل والتفكير وتصل الى مرحلة الضيق
مببنة بأن فئة الشباب من الجنسين أكثر الفئات التي تدرك وتعي وتفهم حجم آثار الفيروس وأهمية الدعم النفسي والمعنوي لكي يتمكنوا من أخذ التدابير السليمة التي تقيهم من أعراض الفيروس وتقدم لهم الإرشادات والطرق الصحية التي تحافظ على مستوى حياتهم الطبيعية.
وأشارت الدكتورة منى إلى أن المبادرة تشمل الحالات المستفيدة من الدعم النفسي عبر الاتصال الهاتفي، بالإضافة إلى أن هناك حالات تحتاج الى دعم مباشر من الطبيب النفسي ويتطلب منا ذلك تقييم الحالة وتشخيصها داخل المستشفى.