[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
” .. أنا حين أقول اليوم: إن المسلمين مستهدفون لا في مصالحهم الحيوية فحسب بل في أركان معتقداتهم وفي أصول حضارتهم فإنني أنقل ما يسجله الشرفاء الغربيون والنزهاء من علمائهم بل وحتى رجال الكنيسة الذين يسوؤهم أن يعتدى على دين سماوي بلا حياء وبلا حجة وقد أشاروا في بيان صدر في روما إلى خطر الخلط بين الإسلام كدين وبين الإرهاب كانحراف،”
ـــــــــــــــــــــــــ
تلوح هذه الأيام بوادر انفراج ديمقراطي في تونس وينعم الخليج العربي باستقرار وتنمية ولكن السونامي يهدد بطوفانه كلا من العراق وسوريا واليمن وليبيا وتعيش كل من لبنان وأفغانستان وباكستان حالة من البلبلة والفوضى رغم نجاح انتخابات كابل واستمرار توسع طالبان في أرجاء باكستان وانسداد آفاق الحل بين المملكة المغربية والجزائر حول معضلة الصحراء. بالإضافة إلى تعرض الأقليات المسلمة في بعض البلدان الآسيوية وفي الغرب العنصري جزئيا إلى ما يقترب من حرب التهميش وحتى الإبادة. النتيجة هي أن الإسلام كله في وضع مضطرب ويتمدد اضطرابه إلى المساس بأمن العالم بأسره لا محالة. و أنا حين أكتب عن الإسلام وضرورة الحيطة من أعداء هذا الدين القويم أتذكر دائما أولئك المسلمين من أصحاب القلم الذين يتهموننا بالعقلية التآمرية ويدعوننا إلى التنوير، مبرئين فصيلا متعصبا من الغرب من أية نية عدوانية وبخاصة واحد منهم احترف هذا الانحراف وهو خليجي قريب من ينبوع الإسلام لكنه سخر قلمه للدفاع حتى عن أخطاء رهيبة ارتكبها الغربيون وأدانها شهود من أهل الغرب ومن عقر دياره، وطالما أشفقت على حال الرجل حينما قرأت منذ أعوام قليلة بيان خمسة وزراء خارجية أميركان سابقين ينصحون الرئيس بوش بمغادرة العراق وعدم التهور في التعامل مع ايران وأعادوا الكرة مع الرئيس أوباما في مايو الماضي في حين يتشبث الكاتب العربي «المستنير» بموقف الدعم الكامل للإدارة الأميركية وهو في موقف الناصح المستكين المعزول لا أحد يسمعه سوى نفسه.
وأنا حين أقول اليوم: إن المسلمين مستهدفون لا في مصالحهم الحيوية فحسب بل في أركان معتقداتهم وفي أصول حضارتهم فإنني أنقل ما يسجله الشرفاء الغربيون والنزهاء من علمائهم بل وحتى رجال الكنيسة الذين يسوؤهم أن يعتدى على دين سماوي بلا حياء وبلا حجة وقد أشاروا في بيان صدر في روما إلى خطر الخلط بين الإسلام كدين وبين الإرهاب كإنحراف، ومن هؤلاء الصديق الكريم الذي يرافقني منذ ثلث قرن في حوار يرقى بنا إلى حرمة أدب الاختلاف وإلى فضاء البحث عن الحقيقة وهو القس الأب ميشال لولون المفكر الكاثوليكي المستعرب الفرنسي الذي له رصيد ثري من الكتب والدراسات والمشاركات في المؤتمرات حول أهمية الحوار الإسلامي المسيحي وحول إضافات الإسلام العظيمة للحضارة الانسانية وجلال المنظور الإسلامي للسيد المسيح عليه السلام وعلى أمه مريم العذراء، وحول عدالة القضية الفلسطينية وإرهاب اسرائيل. وقد شارك هذا القس العادل في بعض البرامج التليفزيونية حتى في قناة (اقرأ) منذ مدة قصيرة ليستنكر الحملات المشبوهة التي تحركها أيادي المتعصبين الصهاينة أو المسيحيين أو مع الأسف بعض أبناء المسلمين المرتدين ضد الإسلام في ما يشبه الأوركسترا المنظمة التي يعزف كل عازف فيها على آلة بعينها لكن المطلوب هو إنتاج سمفونية الحقد والبغضاء وبثها على مسامع الجيل المسلم الحيران. وقد حاولت تفكيك سمفونيات هذه الأوركسترا فوفقني الله إلى فهم بعض منطلقاتها وأغراضها وكيفية توزيع الأدوار فيها على العازفين وعرفت على سبيل المثال بأن البرلماني الهولندي( جيرت ويلدرز) الذي أنتج شريطا سينمائيا عنصريا بعنوان الفتنة ما هو إلا صهيوني متعصب قضى شهورا في «موشاف» أي قرية زراعية اسرائيلية في أرض فلسطين المغتصبة وعاد لوطنه هولندا يبشر بما سماه الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. وهنا لا بد من الربط بين الحملة المعادية للإسلام وبين مخططات يدبر لها في اسرائيل. ثم ان القس الأرثوذكسي بطرس الذي يتكلم في قناة (الحياة) شاتما رسولنا الكريم ومتهكما على كتابنا القويم بلغة سوقية هجينة انما ينطلق من بعض المراكز المشبوهة المتواجدة في قبرص وتحت اشراف اسرائيلي مستتر! و لا يسميه الإعلام الغربي لا تطرفا ولا تعديا على الإسلام بل يستقبل كلامه البذيء إما بالتهليل وإما باللامبالاة بينما يقاضى المسلمون الأوروبيون مثلا حين يدافعون عن دينهم! بالإضافة إلى حركة أطلق عليها أصحابها اسم (بشارة) وهي تضم شبابا من المغرب الإسلامي من تونس والجزائر والمملكة المغربية يتقدمهم قس تونسي (نعم تونسي ويا للهول!) اسمه كما يناديه المحاور في الفضائية «الأخ عماد» وهو مسلم مرتد يتكلم باللهجة التونسية الشعبية ويدعو جمهوره من أبناء جلدته لمن سماه (الرب يسوع) ويفسر الانجيل والقرآن بأسلوب جهول حقود يبث السموم في عقول عربية غضة لعلها عرضة لتأثير هذا القس المنسلخ عن دينه. ومثله يقوم قس شاب من المغرب فيخلط خلطا بدهاء جهنمي مدروس بين بعض الحركات الجهادية المتطرفة المسلحة وبين الإسلام كدين وكحضارة. وهذه الحركة الغريبة تعتمد على سند الأوساط اليهودية النافذة في الإعلام ومجالات المال والأعمال في الاتحاد الأوروبي. وبالتوازي مع عمليات التشويه الصليبي هذه يعمل بعض أدعياء الدعوة من ذوي المدارك المحدودة والمعارف المعدودة على بذر بذور التجهيل على منابر بعض الفضائيات العربية (التي تدعي خدمة المسلمين ودينهم) أو على أمواج بعض الإذاعات، فيعززون الاعتقاد بأن الاسلام ظلامي وبأن الشريعة عدوان على الحداثة وحرب على العقل وبأن تاريخنا كله جنس وقتل وارهاب. وهؤلاء الجهلة البسطاء سمعت بعضهم يتحدث عن النبي المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وعن الخليفة علي كرم الله وجهه وعن أمهات المؤمنين وعن فاطمة الزهراء رضي الله عنهن كأنما كان هذا الدعي لا الداعية بصحبتهم صباح نفس اليوم في أحد المقاهي الشعبية بل كأنما خرج من مجالس النبوءة واجتماع الخلفاء الراشدين منذ وقت قصير فنسمع هؤلاء الأدعياء لا الدعاة يرددون كلاما سخيفا صدر في السنوات الماضية عن مؤسسات نشر يهودية خططت للإساءة لدين الحق ووزعت تلك الكتب الصفراء التي لا تزال تباع على أرصفة المدن العربية إلى اليوم. ولعل هؤلاء الجهولين الذين يفتون بما لا يعلمون يشكلون الحلقة الثانية للحملة التشويهية على الإسلام (و شهد شاهد من أهلها!) لأنهم يعطون الحجة والبرهان للحاقدين التنصيريين على ما يدعون ويمدونهم بزاد التعليل لممارسة التضليل واشاعة التجهيل ثم وهذا هو المقصود اتاحة العدوان العسكري وتبرير الغزو والاحتلال لشعوب الاسلام وبالطبع والمنطق تقوية شوكة اسرائيل وتمرير اغتصابها لأرض فلسطين بلا مقاومة ثم تذييل الغرب من خلال حلف الناتو وتوظيف قواته العسكرية لخدمة أهداف الصهيونية المتعصبة بعد جر الإدارة الأميركية الانجيلية كما كانت في عهد بوش والعاجزة المترددة في عهد أوباما إلى هاوية المواجهة مع الإسلام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر المثيرة للجدل والتي لم يكشف الواقع ألغازها بعد! إلى الحرب التحالفية ضد ظاهرة داعش في العراق و الشام. ولاستكمال آليات غسيل العقول المسلمة تتولى شركات أميركية توزيع ألعاب العنف والقتل الإلكترونية التي أصبحت تجند عقول المراهقين لإدراجهم في حروب العراق وأفغانستان الافتراضية وتضعهم في صفوف المارينز لملاحقة من يسمونهم الارهابيين في مخطط صهيوني- أمبريالي يسمى (القوويم) أي ابادة كل من هو غير يهودي. وهو منطق خطير يورط الملايين من أبنائنا، وقد تجند لمقاومة هذا الشر شرفاء الغرب واليهود أنفسهم أمثال الصديقة هلجا زياب لا روش رئيسة معهد شيلر الألماني والكاتب الاسرائيلي (أفرام بورج) الذي كان رئيسا للكنيست وأدان سياسة بلاده في كتابه الأخير (الانتصار على هتلر) في حين غاب العرب غيابا مريبا لانشغالهم على ما يبدو بالبحث عن جدول أعمال لقمتهم القادمة! بينما العراق و سوريا و ليبيا و اليمن و لبنان وبقية أرض العرب بدرجات أقل توشك أن توضع على كف عفريت ...عفريت موجود تحت عباءتنا وفي عقر ديارنا. اللهم رحمتك و هداك.