مع ارتفاع منحنى الإصابات المسجلة في السلطنة والتي تعكس بلوغ مستوى الذروة، فإن ما أبدته اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) من قلق بالغ يبدو مبررًا تجاه المؤشرات الوبائية لجائحة كورونا (كوفيد19) والتي تشمل الارتفاع الكبير في الحالات المصابة، خصوصًا بين المواطنين، وارتفاع أعداد الحالات في العنايات المركزة والأجنحة وأعداد الوفيات، وما توصلت إليه عمليات التقصي من وجود عدم التزام من قبل البعض بالإجراءات الاحترازية لتجنُّب الإصابة بالفيروس.
المشهد الآن مع القرارات التي اتخذتها اللجنة العليا بفتح عدد من الحزم التي تشمل أنشطة اقتصادية وتجارية يبدو بين نقيضين؛ فاللجنة تجاهد من أجل عودة النبض إلى جميع مرافق الحياة الطبيعية، وخصوصًا قطاعات الإنتاج والخدمات التي تأثرت نتيجة إيقافها لفترة قاربت ثلاثة أشهر وتركت آثارها السلبية على شرائح واسعة من المواطنين والمقيمين، بينما في المقابل يبرز الطرف الآخر ونعني به تحديدًا بعض هذا الطرف الذي لم يلتزم بالإجراءات الاحترازية، في صورة معاكسة، وكأنه يسعى إلى إيقاف هذا النبض، وإعادة الحياة إلى مربعها الأول بإعادة غلق الأنشطة الاقتصادية والتجارية التي سمحت اللجنة بعودة ممارسة أعمالها، وذلك بما أبداه هذا البعض من استهتار وعدم مبالاة وتهاون يتنافى تمامًا مع ما يجب أن يتحلى به من مسؤولية وطنية عالية ومسؤولية أخلاقية ودينية وإنسانية، رغم أن ما هو مطلوب منه للتقيد به من إجراءات واشتراطات وتعليمات صحية لا يكلفه شيئًا ولا يرهقه، بل هو من أجل المحافظة على سلامته وصحته وحياته ولقمة عيشه، وعلى سلامة المجتمع بأكمله، وسلامة والديه وزوجته وأبنائه وأقربائه وغيرهم. وبات الوضع يصدق عليه قول الشاعر: “متى يبلغ البنيان يومًا تمامه .. إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم”.
ومما يؤسف له أن التباعد الجسدي الذي هو أحد الاحترازات الوقائية لمنع انتقال العدوى بالفيروس يختفي تمامًا من قاموس الوعي الذي يجب أن يكون حاضرًا في كل وقت وحين، فتجد هناك من همُّه قضاء مصلحته على حساب صحته وسلامته والآخرين، فيرمي بما يجب أن يلتزم به من إجراءات واحترازات وقائية وتعليمات صحية عرض الحائط.. ونسي هذا أو تناسى أن صحته وسلامته وصحة وسلامة أفراد عائلته وأفراد مجتمعه أولى من مصلحة يمكن قضاؤها أيضًا مع الالتزام والتقيد بالاشتراطات الصحية والإجراءات الاحترازية، وبالتالي حافظ على سلامته وصحته وعلى سلامة وصحة غيره.
اللجنة العليا بدورها وفي اجتماعها أمس الأول حرصت على أن تربط بين التنبيه والحزم، داعية الجميع إلى التقيد التام بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامة والمواظبة على نظافة اليدين وبقية الإجراءات الاحترازية، وأن يستشعر الجميع مسؤوليته الفردية والجماعية، حمايةً للنفس والأسرة والمجتمع من انتشار الوباء. كما دعت جميع المؤسسات في القطاعين العام والخاص إلى ضرورة توفير بيئة التباعد الجسدي ومراقبة التزام جميع موظفيها والمستفيدين منها بالإجراءات الاحترازية، ورصد المخالفين لإخضاعهم للإجراءات القانونية التي اعتمدتها في هذا الشأن.