[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
لا تزال دراسة التاريخ الكردي غير وافية، الأمر الذي اوجد مختلف الآراء حول اصل الأكراد وتطورهم التاريخي، وبالنسبة لديانة الأكراد، فقد كانوا يدينون بالزرادشتيه وبعد ظهور الاسلام، ودخول كردستان (الفتح الاسلامي عام 640م) تقبله الأكراد واعتنقوه، ويتناول تفاصيل حياة الأكراد في العراق الباحث العراقي ماجد عبد الرضا في كتابه (المسالة الكردية في العراق الى 1961)(136) ويعطي أي. ام هاملتون تفاصيل كثيرة عن طبيعة وحياة وعادات وتقاليد الأكراد في شمالي العراق في كتابه (طريق في كردستان) ولكنه لا يتعرض لليهود في المنقطة الشمالية إلا قليلاً، فيذكر في ص54 ان اليهود يعيشون مع المسيحيين في المناطق الكردية بدعة وبسلام وفي ص148 يقول: ان اليهود في شمالي العراق احفظ الطوائف لشعائر دينهم، فلا ترى يهودياً واحداً يشتغل يوم السبت، وهم يعيشون في القرى في كنف شيوخ العشائر الكردية، ويعاملون معاملة طيبة، ووجدنا ان العديد من الرحالة والباحثين الذين كتبوا عن المنطقة الكردية في العراق، لم يتناولوا الاوضاع الحياتية والاقتصادية للطائفة اليهودية المنتشرة في القرى والمدن هناك في حين اهتم باوضاع اليهود الرحالة من اليهود الذين سنأتي عليهم لاحقاً.
وقبل الخوض في تفاصيل حياتهم وتعدادهم، لابد من دراسة المرحلة التي وصلوا خلالها الى شمالي العراق، وذلك في زمن الحكم الآشوري، ويقسم المؤرخون العهد الآشوري (911-612) الى ثلاثة ادوار: دور الإمبراطورية الأولى (911-824 ق.م) والثانية (824-745 ق.م) والدور الثالث (745-612 ق.م) ويقول اندري بارو عن الآشوريين في كتابه (بلاد آشور نينوى وبابل): لم يكن الآشوريون الذين ظفروا بالسيطرة على بلاد الرافدين من الوافدين الجدد الى المنطقة قط، فالواقع انه من بين كل الشعوب التي حكمت بلاد الرافدين خلال الالفي سنة السابقين لا يوجد اقدم منهم من يزعم انتسابه الى هذه البلاد، فنحن نجدهم يستوطنون منطقة أعالي دجلة منذ بداية فجر التاريخ، وان رقيماً مكتوباً يعود الى القرن الثامن قبل الميلاد، يدرج اسماء ما لا يقل عن مئة وسبعة عشر ملكاً، ومثل هذا الاستمرار يغدو اكثر وضوحاً عندما نقارنه باحد عشر ملكاً من اكد، وبخمسة ملوك من اور الثالثة وباحد عشر ملكاً من بابل الأولى، وحتى بالستة وثلاثين ملكاً كشياً.
وكان اول احتكاك بين الآشوريين وإسرائيل قد حدث في زمن شلمنصر الثالث (859-824ق.م) خلف وابن الملك اشور ناصر بال الثاني فورث عن ابيه إمبراطورية شاسعة برهن على انه كفء للمحافظة عليها ودعم نفوذه فيها بل وعلى توسيعها ايضاً.
ويبدو ان شلمنصر الثالث كان مشغولاً اغلب الوقت في سوح المعارك، وقد كرس واحداً وثلاثين عاماً من عهد حكمه، الذي دام خمسة وثلاثين عاماً لشن الحروب على الاعداء، فوطأت اقدام الجنود الآشوريين اماكن نائية لم يبلغوها من قبل، في ارمينيا وكليكية وفلسطين وفي قلب جبال طوروس وزاكروس وسواحل الخليج العربي (جورج رو، العراق القديم ص397) ، وفي سنة 853 ق.م خاض حرباً مع الاراميين، الذين ألفوا اتحاداً مع بقية الممالك الارامية وفينيقيا وإسرائيل، ومع ان هذه المعركة التي وقعت في القرقار على نهر العاصي في سورية لم تكن حاسمة، الا ان الاراميين وحلفاءهم تكبدو خسائر جسيمة في الارواح والمعدات وقد تمكن شلمنصر الثالث من اخضاعهم للجزية.