منهم من يقول لك إنه قادم من مكان بعيد وليس معه ما يكفي لدفع قيمة المواصلات للعودة، ومنهم من يقابلك بأسرته ليشكو لك ضيق الحال أو مرضًا يحتاج لعلاج، بل منهم من وصل به الأمر أن يكون مستقلًّا سيارته بطرازها الحديث.
ليطلب منك ثمن الوقود؛ لأنه قادم من سفر وليس معه نقود تملأ خزان وقوده، في قصص تتكرر ليزيد تراكمها من ظاهرة التسول التي باتت تنتشر بصورة ملحوظة في المجتمع نسبة ومن جنسيات مختلفة .. ظاهرة نحن معنيون بمواجهتها، ولكن مسؤولية الجهات المختصة تكون أكبر.
وينتشر هؤلاء المتسولون الذين يبرعون في حكي القصص المختلفة بجوار المراكز التجارية وأجهزة الصراف الآلي، وغيرها من الأماكن، ومنهم من يضيف إلى حكي القصص نمطًا آخر من التسول وهو التسول المقنع كأن يبيع بعض السلع البسيطة أو زجاجات المياه في التقاطعات وإشارات المرور.
وفيما تعد هذه الظاهرة من الظواهر السلبية التي تؤثر على الأمن النفسي والاجتماعي والاقتصادي، وتشوه صورة المجتمع، وتوجد الاتكالية والاعتماد على الغير وظهور فئة غير منتجة .. فإن سلبيات هذه الظاهرة تتفاقم في ظل جائحة كورونا لعدم مضمونية التعامل مع المتسولين أو السلع التي يبيعونها كستار للتسول.
وإذا كانت هذه الظاهرة تعنينا نحن بالمقام الأول؛ كوننا نحن من نتعامل معهم فإن مسؤوليتنا تعنى بالتحدي الأكبر الذي يواجه عملية مكافحة التسول والمتمثل في التعاطف مع المتسول وتلبية رغبته، ما يدفعه إلى الاستمرار في التسول وتشجيع غيره على ذلك.
أما مسؤولية الجهات المختصة ـ وهي المسؤولية الأكبر ـ فتتمثل في الوقوف بحزم في وجه هذه الظاهرة وضبط المتسولين، خصوصًا وأن أماكن وجودهم باتت معروفة للجميع, كما أن التسول مجرم بحكم القانون الذي أوجد عقوبات مشددة على المتسولين تشمل الحبس والغرامة.


المحرر