من خلال قراءة الواقع الحياتي وما فرضته الجائحة من قيود ومفاهيم مختلفة عما اعتاد عليها البشر، وتغير في الأنماط الاجتماعية، وما يحمله (كوفيد ـ 19) من تداعيات وأحداث متواصلة تغزو مشاهدها العالم خطرًا ما زال يحدق في عالمنا لا نعلم متى يغادرنا، فالعالم بأسره ينتظر تلك اللحظة التي يعلن فيها رحيله المنتظر.
في الحقيقة إنه من المؤسف جدًّا أن يشهد المنحنى في السلطنة ارتفاعًا في عدد الحالات في هذه الفترة التي فتحت فيها الحياة الاقتصادية والاجتماعية أذرعها لتقلل الخناق على البشر وعودة الحياة الطبيعية بالتدريج، فالحياة لا تتوقف عجلتها ولا بد من الاستمرار ولكن عدم تقيد الكثير من الأفراد بالتعليمات التي أكدت عليها اللجنة منذ بداية متابعتها للأزمة ساهم في ارتفاع الأرقام المخيفة المقلقة والتي بات تفاقمها حديث الساعة تغزو قلوبنا صباحًا ومساء.
محطات يومية نتجرع من خلالها أخبار الموت والمرض وقد ضقنا ذرعًا من وجود كورونا الثقيل في حياتنا اليومية ليكتب تفاصيل مبهمة ومصيرًا مجهولًا بات هاجسًا مخيفًا يهدد حياتنا وسلبها الكثير من الألوان والتفاصيل الجميلة؛ فرحة التجمعات وزيارة الأرحام وصورًا رائعة من التلاحم المجتمعي بشتى أشكاله لتتغير ملامح الحياة وأساليب العيش فيها عما كانت عليه سابقًا وما زلنا مجبرين على التعايش مع (كوفيد ـ 19) متخذين التدابير والاحترازات والاشتراطات والضوابط المتعددة.
إن وجود (كوفيد ـ 19) واقع وحقيقة لا مناص منها في تفاصيل حياتنا وهذا يضعنا أمام مسؤولية جسيمة لتثقيف الذات وتعقيم الممارسات وتصحيح المفاهيم حول كورونا وما تتطلبه المرحلة القادمة من ضرورة التعايش وصناعة الفرح والسعادة، وفتح نوافذ الحياة بأشكال جديدة مفعمة بالعزيمة والإرادة لننتصر على هذا المرض ويغادرنا بلا عودة ونواصل المشوار.
وبلا شك المرض ما زال يواصل انتشاره ولو حاول البعض تضليل الحقائق وإعطاء معلومات خاطئة حوله، وهذا ما كنا نسمعه بأن الوباء بدأ في مرحلة الضعف وأنه لا يؤثر، هذه المعلومات غير الصحيحة جعلت الكثيرين يتهاونون ولا يتقيدون بالتعليمات الواردة من اللجنة، الأمر الذي جعل أرقام الإصابات تنهال علينا كالسهام ونوقع الضرر في أسرنا ومجتمعنا، فكم من أسرة فقدت أفرادها وخصوصًا من كبار السن بسبب عدم مبالاة الأبناء وتجمعاتهم العائلية ومع أصدقائهم، فهناك ضوابط معينة وهي خطوط حمراء من الخطأ تجاوزها ومن المحزن جدًّا أن ما نراه من ارتفاع في الإصابات والوفيات تعود أسبابه إلى عدم التقيد والالتزام والخوف من الآتي في عدم استيعاب المستشفيات للمرضى، ونأمل ألا نصل إلى هذه المرحلة.
وها هي أحياؤنا السكنية والتي بات شبح الموت والمرض يتجول في أزقتها يخيف صغارها ويرمّل نساءها، ويثير الخوف والرعب في كبارها..
ومن خلال ما نشاهده على أرض الواقع من جرعات الألم والخوف التي تئنُّ منها بيوت جيراننا وأقاربنا ومعارفنا ممن أصيبوا بالمرض..
ومن هنا أيضا لا بد أن نبث ونعزز ثقافة أخرى في تهيئة الذات والتعامل بكل وعي مع الأشخاص المصابين في أسرنا وعدم رشقهم بعبارات اللوم ووضعهم في قفص الاتهام حفاظًا أيضًا على حالتهم النفسية وحالة الخوف التي يشعرون بها في ظل وجود داء لم يعرف له دواء..
إنما لا بد من الوقوف معهم لاجتياز تلك المرحلة الصعبة من حيث توفير الاحتياجات الضرورية لهم من مأكل ومشرب ومكان مخصص وحسن التصرف، وتشجيعهم على التغلب على المرض والتواصل معهم عن بُعد مع أخذ الاحتياطات اللازمة لذلك، ونبتعد عن التهويل المبالغ به والتخويف والإحراج والذي قد يسبب التشنج الفكري والنفسي فيؤثر سلبًا على نفسية المريض وأسرته.
فبعض الحالات أصيبت للأسف بسبب استهتار فئة معينة لم تفصح عن إصابتها وتعاملت مع الجميع بشكل طبيعي، وهذه كارثة حقيقية نتيجة عدم الشعور بالمسؤولية تجاه أفراد المجتمع.
نأمل أن يكون هناك وعي بالمستوى المطلوب من ناحية الأسرة بشكل عام والشخص المصاب بشكل خاص، وأن يلتزموا بالحجر المنزلي والبقاء في البيت لكي لا يكون اختلاطهم سببًا في تزايد الحالات مع تأكيد دور البرامج التوعوية التي تعمل بمهنية تتسم بمضامينها الإيجابية ترافق الشخص المصاب منذ بداية الإصابة حتى يجتازها بقوة إرادة وشجاعة وتعطيه جرعات إيجابية تؤهله أن يكون شخصية مشبعة ومشرقة بالأفكار والخبرة تساهم في وضع بصماتها في المجتمع لينهض بفكره ودوره في التوعية والتثقيف بعد تعافيه، وبلا شك سينجح من خلال تفاعله وتأثيره الإيجابي على الأفراد المصابين.
وبحرص بالغ، تواصل اللجنة العليا المكلفة بالتعامل مع تطورات فيروس كورونا (كوفيد ـ 19)
جهودها وتعليماتها ومتابعتها المستمرة منذ بداية الأزمة، وحرصها على سلامة وأمان الأفراد في المجتمع من خلال وجودها بشكل دائم في جميع التفاصيل وما تسعى إليه من جهود مشكورة وباسلة وإنجاز وطني للحفاظ على الأرواح مع إعطاء صورة واضحة لمرحلة التعايش مع كورونا وتداعياته، وما تحمله من أساليب وأنماط جديدة مختلفة تمامًا، وإعطاء النصائح المغلفة بحبهم ورعايتهم واهتمامهم الكبير، وتشجيعهم وحث المجتمع على التعاون لطرد هذا الضيف الثقيل الذي كبَّد العالم خسائر فادحة في الأرواح وتسبب في انهيار الاقتصاد العالمي.
*رسالتي..
فلنفتح نوافذ الحياة ونعيش تفاصيلها بكل حذر، ولا نخرج من بيوتنا إلا ونحن ملتزمين بلبس الكمامات والقفازات وغسل اليدين والتعقيم، مراعين ضرورة التباعد الجسدي وترك مسافة بيننا وبين الأشخاص، فكلنا مسؤولون، وحكومتنا الرشيدة لم تقصِّر بجهودها وأفكارها واحتوائها منذ بداية الأزمة، وفيروس كورونا لم يضعف كما يدَّعي البعض وإنما تحوَّل إلى عملاق كبير يدخل البيوت، ويجوب الأماكن، وينتهز جميع الفرص لينقض على الأرواح، فلنكن العقول النَّيرة والحكيمة، ولا نجازف بأرواحنا وأرواح أهالينا وأحبابنا في لحظات تهور وتهاون، ولا نستقي المعلومات إلا من المصادر الموثوق منها، وكل الشكر للأعين الساهرة في جميع القطاعات وشتى الميادين..
شكرًا لكوادرنا الطبية المشرفة..
شكرًا لكل من يعمل من أجل هذا البلد الطيب.
الآن أنا وأنت مسؤولان..
وعمان أمانة لدينا ورحم الله موتانا وموتاكم وحفظكم المولى من كل مكروه.


- سميحة الحوسنية
مراسلة «الوطن» بالخابورة