ما تطالعنا به وزارة الصحة عن أعداد الإصابات بمرض فيروس كورونا «كوفيد 19» يوميًّا، لا يمكن أن يوصف إلا بأنه صادم وقاسٍ على المجتمع، فالأرقام التي لا تزال متمسكةً بالرقم ألف ونيف تمثل قلقًا وانزعاجًا كبيرين بالنظر إلى النتائج المترتبة على ذلك، سواء على المستوى الصحي أو المستوى الاقتصادي أو المستوى الاجتماعي، كما تعكس معطيات تشي بأن الضوابط التي كانت سائدة في الفترة الماضية قد تخلَّى عنها الكثير من الناس، وخصوصًا أولئك الذين لم يضعوا اعتبارًا لجهود الحكومة، ولا للمجتمع وقيمه ومبادئه وأخلاقه، ولا للشريعة الإسلامية وأحكامها.
المشكل أن أولئك الذين ركبوا مراكب الجهل والاستهتار والتهاون وعدم المبالاة لم يدركوا أن سلوكهم المنافي لكل القيم والأعراف ستكون له ارتدادات كارثية، فاستمرار الإصابات المسجلة والمحافظة على ارتفاعها اللافت لألف إصابة ونيف يوميًّا سيرهق القطاع الصحي، ويهدده بالعجز والانهيار ـ لا سمح الله ـ فإذا ما وصل هذا القطاع إلى شفا ذلك فإن أولئك الذين تسببوا في هذه الجريمة سيلحقون بالبلاد الهلاك الكبير، وسيدخلون الوباء والأحزان والآلام إلى كل بيت.
لذلك لا بد أن ينصاع هؤلاء المستهترون والمتهاونون وغير المبالين لصوت العقل والمنطق والدين والقيم والمبادئ والأخلاق، وأن يقدروا ويفكروا فيما سيورثونه من مصائب وكوارث وآلام لا تقتصر على غيرهم، وإنما تشملهم أيضًا.
إن العقل والمنطق والوعي والفطرة السليمة في ظل هكذا أوضاع يدعو إلى تغليب المصلحة وجلبها، والابتعاد عن المفاسد ودرئها، وليس ثمة مفسدة اليوم أكبر من وباء كورونا «كوفيد 19» الخطير الذي فتك بالأرواح وبالاقتصاد، ولا يزال خطره القاتل يستشري في أوصال الحياة لينال منها الكثير والكثير، وبالتالي وأمام هذا الواقع الوبائي الكارثي، وفي ظل عدم التمكن بعد من الوصول إلى لقاح أو علاج للفيروس، يبقى الوعي والمسؤولية الوطنية هما السياج المنيع الذي يحول بين الوباء وبين ضحاياه، فملازمة البيوت والتباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامة، والمداومة على غسل اليدين بالماء والصابون وسائر المعقمات، وترك مسافة مترين بين الفرد والآخر، وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى؛ كل ذلك بمثابة أسلحة ودروع نحمي بها أنفسنا ومجتمعنا.
إن مواصلة منحنى الإصابات الارتفاع سيعني أننا أمام مرحلة قاسية وشديدة المرارة، وأن كل بيت ليس بمنأى عن أن يذوق مرارة الآلام والأحزان، ولا ريب أن مرارة الألم والحزن ستكون أقسى وأشد بعد كل ما بذله من جهد والتزام وتقيد بالقرارات والإجراءات الاحترازية وبالتعليمات والإرشادات الصحية، ليجد ذاته ضحية الوباء نتيجة سلوك مستهتر ومتهاون وغير مبالٍ من قبل البعض، لذا آن الأوان أن تتوقف هذا الأرقام، وآن لمنحنى الإصابات أن يتراجع، وآن لكل مستهتر ومتهاون أن يتخلَّى عن سلوكه ويتحلَّى بالوعي والمسؤولية الوطنية، ويكف عن سوق الآلام والأحزان إلى المجتمع، وآن للجهات المعنية أن تغلِّظ عقوباتها، وتفعِّل قوانينها لردع كل مستهتر متهاون غير مبالٍ.