[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/k.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خلفان المبسلي[/author]

لا ريب أن للبحوث والدراسات دورًا مهمًّا في الكشف عن كثير من التساؤلات والإشكاليات، خصوصًا تلك التي تعتريها الضبابية، ونعني بالدراسات تلك التي تخضع لمنهجية علمية واضحة، تبدأ بالشعور بالمشكلة وتحديدها، ودراستها، ووضع المخطط البحثي، وتقديم شرح للمشكلة، وفرضياتها، ومصطلحاتها، ومحدداتها واختيار مجتمع الدراسة، بأدواته وإجراءاته وتصاميمه ومعالجاته الإحصائية، وتفريغ البيانات وتحليلها وقراءتها، واستخراج النتائج الكمية أو الكيفية ومعرفة العلاجات أو الحلول والتدابير المناسبة لاتخاذ القرار الملائم، وحين تبحث الجهات المعنية عن علاج الإشكاليات الوبائية على وجه الخصوص بواسطة المنهج البحثي وقتئذ ندرك بأن القائمين عليها يقدرون استنباط النتائج وصدقها بواسطة البحوث العلمية.
ولعل المسح الاستقصائي الذي تنفذه وزارة الصحة يعد إحدى الوسائل البحثية التي تبحث في تقييم هذه الجائحة ومراقبة مدى انتشارها بين الأوساط المجتمعية.
كما أكدت وزارة الصحة أن (المسح الاستقصائي المصلي يُعدُّ وسيلة لدراسة مناعة السكان ضد الفيروس).إن اتخاذ قرار دراسة مدى انتشار جائحة (كوفيد ـ 19) بين الأوساط المجتمعية يُعدُّ قرارًا جريئًا وسط التباعد الاجتماعي والتدابير الوقائية التي تعلنها اللجنة العليا، بيد أن استمرارية تفشي الوباء ما زال يتزايد بين صفوف المجتمع مسجلًا أرقامًا يومية تفوق الألف إصابة، ليأتي هذا القرار لمعرفة معدلات الإصابة، وكذلك الكشف عن الانتشار التراكمي بين مختلف الفئات بحسب متغير الأعمار والجنس ومتغير الولاية في مجتمع الدراسة، كما أنه من الضروري التأكيد على أن العيِّنات التي سيشملها المسح الاستقصائي تعد عيِّنات ممثلة لمجتمع الدراسة الكلِّي، وفي ضوء ذلك سيتم تعميم النتائج على جميع أفراد المجتمع العماني والمقيمين.
إن الوعي المجتمعي بقيمة المسح الوطني له أهمية كبرى، ويتطلب من جميع أفراد المجتمع دعم ومساندة استكمال متطلباته وشروطه حتى تتحقق الأهداف المنشودة بسلاسة ويسر بما ينعكس على استخدام نتائجه وتوظيفه ضمن المؤشرات الصحية المستقبلية، خصوصًا وأن الجميع يطمح في إعادة حركة الحياة وفتح الأنشطة الاقتصادية والتجارية والصناعية والاجتماعية والتعليمية كما كانت عليه سابقًا، ورفع القيود التي باتت تشكل ضغوطًا، سواء على أفراد المجتمع من المستهلكين أو التجار وغيرهم من ذوي المصالح الأخرى.
لقد رصدت وزارة الصحة بالتعاون مع اللجنة العليا عددًا من الأهداف الأخرى التي ستتحقق إذا ما استوعبت الفئات المستهدفة القيمة المضافة التي أطلق بشأنها هذا المسح الاستقصائي، وهي أهداف قابلة للتحقق أبرزها: تقييم مدى التفشي بحسب متغير الفئات العمرية، والكشف عن الحالات غير المشخَّصة مخبريًّا والموجودة في أوساط المجتمع، وهي السبب الرئيسي في انتقال العدوى، إلى جانب الكشف عن مستويات العدوى بحسب متغير الولاية على مستوى ولايات السلطنة، إضافة إلى الكشف عن تأثر مستويات معيشة الفرد بحسب متغير الولايات، وعمل مقارنة بين الولاية المغلقة مقارنة بالولاية غير المغلقة من حيث تقييم آثار هذا الإغلاق على مستوى السلطنة.
على كل حال، المسح الوطني الاستقصائي سيأخذ حيزًا كبيرًا من الوقت تستغرق مدة تنفيذه قرابة سبعين يومًا لتحقيق الأهداف خلال أربع دورات متكاملة، مدة تنفيذ كل دورة تصل إلى خمسة أيام، والفاصل التنفيذي بينهما يصل إلى أسبوعين، بحسب إعلان وزارة الصحة. إذًا ما زلنا نراهن على وعي العيِّنات الممثلة لمجتمع الدراسة بأنها ستأخذ الأمر بمنتهى الجدية، فهي تشارك في اتخاذ قرار وطني للبحث عن الأساليب الناجعة في التصدي لهذه الجائحة، سواء للوضع الحالي أو المستقبلي وبما أن الوقت عامل مهم لتنفيذ الدراسات، خصوصًا تلك التي تستدعي أعدادًا كبيرة من العيِّنات.
عليه، يجب أن نوجه أفراد أسرنا ومجتمعنا إلى التحلِّي بالصبر والتعاون مع الفريق البحثي؛ لتطبيق المسح في بيئة مناسبة، وأن ندوِّن البيانات الصحيحة التي ترفع من مصداقية نتائج الدراسة، وعسى أن يصبح هذا المسح خطوة نحو الأمام للتعافي من شر هذه الجائحة.
الجدير بالذكر أن هذه الدراسة المزمع البدء فيها بتاريخ الـ12 من يوليو الجاري ستقام في جميع أنحاء السلطنة وعلى مستوى الولايات بشكل مسح متسلسل مقطعي، على أن يتم اختيار العيِّنات من جميع سكان السلطنة من مختلف الأعمار بمن في ذلك الوافدون.
وستكون آلية اختيار العيِّنات بشكل عشوائي اعتمادًا على البيانات المكانية للسكان المزودة من قبل المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، كما سيتم تجميع البيانات عن طريق برنامج “ترصُّد بلس” وتشمل البيانات الديموغرافية عن المشارك، وعيِّنة دم لفحص الأجسام المضادة لمرض (كوفيد ـ 19)، وتعبئة استبانة حول التاريخ المرضي والحالة الاجتماعية والأعراض.
وستقام الدراسة خلال أربع دورات، حيث ستستغرق كل دورة خمسة أيام، ويفصل بين كل دورة وأخرى أسبوعان، وذلك على مدى عشرة أسابيع.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]