[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]

السلطنة من الدول القلائل حول العالم التي تستطيع المرأة قيادة سيارتها بكل طمأنينة وسلام، دون خوف من تعرضها لأي نوع من المضايقات، بل ستجد من يهب لنجدتها ومساعدتها إذا تعرضت سيارتها لحادث أو عطل مفاجئ على الطريق، بكل أدب واحترام..
تصدر السلطنة دول العالم وتصنيفها في المركز الخامس عالميا في معدلات الأمان والخلو من الجريمة، أمر يبعث على الاعتزاز والفخر لا شك في ذلك، خصوصا أنه صدر في وقت يعاني فيه كثير من دول العالم من انتشار الجريمة وتدني مستوى الشعور بالأمان.
فالأمن والأمان واقع حياتي ينعم به ويلمسه كل من يعيش على أرض عمان، سواء كان مواطنا يسافر إلى الخارج ويلاحظ الفرق أو وافدا جاء منذ سنوات وطابت له الحياة على أرضها، فاستقر واعتبرها موطنه، أو زائرا مر بها فيظل الإحساس بالأمان هو الانطباع المسيطر على مشاعره تجاه السلطنة، وينقله للآخرين ليحفزهم على زيارتها والتمتع بأجواء المحبة والتسامح السائدة في قراها ومدنها.
في العامين الأخيرين انتشرت في العالم حملات شعبية وإعلامية لمناهضة “التحرش”، بدأت في الولايات المتحدة الأميركية عقب خروج عدد من نجمات هوليوود للحديث عن حالات تحرش تعرضن لها في بداية مشوارهن الفني، على يد منتج سينمائي شهير استغل نفوذه القوي في صناعة الأفلام الأميركية؛ ليقايضهن بين الاستجابة لرغباته الدنيئة وإسناد أدوار مهمة لهن في الأعمال السينمائية التي يشرف على إنتاجها؛ مستغلا حاجتهن للشهرة والمال، ولاقت الاعترافات تفاعلا وتعاطفا واسعا من النساء والرجال في كثير من دول العالم وأطلق عليها مصطلح “مي تو ـ أنا أيضا” لتشجيع الفتيات على البوح وعدم السكوت وفضح المتحرشين والإبلاغ عنهم، كون جريمة التحرش في أميركا لا تسقط بالتقادم.
انتقلت هذه الحملة إلى منطقتنا العربية مؤخرا، بعد استفحال ظاهرة التحرش ومضايقة النساء في بعض الدول العربية؛ نتيجة خلل وازدواج المعايير والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع؛ والنظرة الدونية من قبل البعض للمرأة باعتبارها الحلقة الأضعف في المجتمع، رغم ما حققته من تفوق علمي وعملي في كافة مناحي الحياة في العقود الأخيرة، وتحمل كثير من النساء مسؤولية إعالة الأسرة ماديا وتربويا؛ نتيجة غياب العائل بسبب الوفاة أو الطلاق أو الهجرة.
في السلطنة الوضع مختلف فحقوق المرأة مصانة ومكفولة بالعرف والقانون، ولعل حيثيات تصدرها مؤشر الأمان وانخفاض الجريمة على مستوى العالم تؤكد ذلك؛ فقد تضمنت انخفاض جرائم القتل والسرقة والسطو والاغتصاب مقارنة بالمعدلات السائدة في باقي دول العالم، والفضل يعود في ذلك ـ بعد فضل الله تعالى ـ إلى التحضر والرقي والقيم والمبادئ الأخلاقية السامية التي يتمتع بها المجتمع العماني، والوازع الديني القوي السائد بين العمانيين ويحترمه الوافدون، وقوة القانون التي تكفل الحرية للجميع ما داموا يحترمون النظام العام للدولة والعادات والتقاليد المتفق عليها في المجتمع وتردع كل من تسول له نفسه الخروج على النص والتعرض بسوء للآخرين، دون النظر لجنسه أو عرقه أو نوعه. وشرطة عمان السلطانية الساهرة على أمن الوطن والمواطن والتي يتمتع أفرادها بقدر عالٍ من الكفاءة والمهنية والتدريب، وتمتلك الأدوات والأجهزة الحديثة التي تساعدها على منع الجريمة قبل وقوعها، وتمكنها من الاستجابة السريعة والحسم في تطبيق القانون على الجانحين بتجرد وحيادية ـ خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاعتداء أو التعرض أو الإساءة للمرأة بأي شكل من الأشكال.
الأمر الذي يجعل أي “متحرش محتمل” يفكر ألف مرة قبل الإقدام على تصرف مسيء أو حماقة تجاه المرأة، لأنه يعرف جيدا المصير المحتوم والعقاب الرادع الذي ينتظره إذا تحولت النية إلى فعل.. “سيجد شرطة عمان السلطانية فوق رأسه”.. بمجرد توجه المجني عليها ببلاغ ضده، وسيخضع لقانون العقوبات دون شفقة ولا رحمة ولا واسطة ولا استثناء، وسيتم تحويله للادعاء العام للتحقيق معه، وسيمثل أمام القضاء العادل لينال العقوبة التي تتناسب مع جرمه إذا ثبتت عليه التهمة.
السلطنة من الدول القلائل حول العالم التي تستطيع المرأة قيادة سيارتها بكل طمأنينة وسلام، دون خوف من تعرضها لأي نوع من المضايقات، بل ستجد من يهب لنجدتها ومساعدتها إذا تعرضت سيارتها لحادث أو عطل مفاجئ على الطريق، بكل أدب واحترام، وربما هذا الشعور بالأمن والأمان شجع النساء، سواء عمانيات أو وافدات على ممارسة السياقة واقتناء السيارات الخاصة بنسبة فاقت المعدلات العالمية.

محمد عبد الصادق
[email protected]
كاتب صحفي مصري