مع إشراقة كل صباح تتوالى خطوات التنمية على كامل التراب العماني، ولعل الجهود القائمة والمبذولة من قبل حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لتنمية الموارد البشرية ورعاية الكوادر الوطنية الشابة تعليمًا وتدريبًا وتأهيلًا، تؤشر بوضوح إلى استمرارية تلك المتوالية التنموية. كما أن عدد اتفاقيات وبرامج التدريب الموقعة والمعدة من أجل رفع كفاية العاملين في المؤسسات الحكومية والخاصة ونوعيات هذه الاتفاقيات والبرامج وأماكن تنفيذها تؤشر هي الأخرى إلى اتساع رقعة التنفيذ والاهتمام بكل شبر في أرض عُمان وبكل تجمع للمواطنين أينما كانوا، انطلاقًا من حرص جلالة السلطان المعظم ـ أبقاه الله ـ على أن تعطى الموارد البشرية الرعاية اللازمة والكافية من التعليم والتدريب والتأهيل، سواء كانت على رأس العمل أو على مقاعد الدراسة، لما لهذه الموارد من دور حيوي لا يمكن تجاوزه أو إغفاله، كما لا تتأتى التنمية ومشروعاتها وبرامجها بدون الموارد البشرية المؤهلة والقادرة على التخطيط وتحديد الأهداف وتنفيذها وتقويمها بكل تجرد وأمانة وإخلاص وعدالة في التوزيع وتطوير آليات العمل وتحسينها لضمان تحقق الأهداف الموضوعة للخطط والمشاريع والبرمج التنموية.
إن رفع المهارات الإدارية وتكامل الجهود بين مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة والاستفادة من الخبرات العربية والدولية في هذا الشأن، يعزز إمكانات تحقيق التنمية المستدامة، وفرص الإنتاج والنمو والازدهار الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين الذين هم رأس المال الفكري. ولذلك فإن التنمية الإدارية تصب في اتجاه الاهتمام بالموارد البشرية حيث تقام المعاهد ومراكز التدريب والدورات التثقيفية وحلقات العمل للنهوض بمستوى كفاءة وكفاية العنصر البشري في مسيرة التنمية، خاصة فيما يتعلق بمواكبة أحدث النظم والآليات التقنية التي تتوصل إليها العقول البشرية، وكلما حققنا إنجازًا في طريق التنمية الإدارية نكون قد أضفنا لبنة جديدة في صرح دعامات الاقتصاد الوطني، فالاقتصاد هو عماد الحياة المعاصرة ومحرك كافة الجوانب الأخرى في حياة الإنسان المعاصر الذي يحيا في عالم متسارع لا يترك مجالًا للعشوائية أو البطء في الحركة.
وتعد الاتفاقيات التي وقعتها وزارة الخدمة المدنية أمس مع شركات حكومية وخاصة للتدريب عن بُعد والاستفادة من تقنية المعلومات والاتصالات في تنمية الموارد البشرية بوحدات الخدمة المدنية، أحد وجوه الاهتمام بالموارد البشرية، حيث الهدف من ذلك هو تبسيط الإجراءات وإعداد الخطط وتعديلها وإصدار التقارير والإحصائيات بأعداد من تم تدريبهم وتأهيلهم خلال الخطة آليا، وكذلك إثراء نشاط التدريب وتنمية مهارات الموظفين ذاتيًّا بأسلوب تفاعلي متطور يحاكي الواقع ووفقًا لميول وقدرات الموظفين، وكذلك بهدف وضع برامج مشتركة وخطط عمل للتطوير الإداري وتبادل الخبرات والممارسات الإدارية الناجحة في نظم وأساليب متابعة وتقييم الأداء الإداري، وتحسين أداء إدارة الموارد البشرية وتبسيط الإجراءات في الخدمات العامة وتطويرها، وتحسين جودة الخدمات العامة وتدريب وتأهيل القيادات الإدارية وتطوير أسس وضع الخطط والبرامج المطلوبة في هذا الشأن وتقييم العائد من التدريب والتأهيل ووضع الأسس والمعايير اللازمة لرفع جودة الأداء على مستوى الوحدات والمؤسسات الإدارية.