[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedbinsaidalftisy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد بن سعيد الفطيسي[/author]

في هذه المرحلة نحتاج إلى صفات تميز من سيسلم المسؤولية، وتوضع فيه الثقة السامية للعمل على التغيير والتجديد، وتحريك الهمم والعزائم، لأن المستقبل بحاجة ماسة إلى “الصفوة المختارة التي تقود وتبدع وتبني وتنظر إلى الأمام وتحسب حساب الحاضر والمستقبل”.

لا شك أن الوطن يحتاج في هذه المرحلة من عمر النهضة المباركة إلى تجديد المؤسسات الوطنية، وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، إلى هندسة متجددة ومعاصرة للأفكار والتوجهات تواكب الطموحات الكبيرة، والآمال العظام التي تتزاحم على أبواب الغد الوطني المشرق بعون الله، وتذلل التحديات والعوائق التي لا محالة منها في أي مسيرة وطنية.
ولكن، قبل كل ذلك، قبل العمران، وقبل الطوب، نحتاج إلى استمرار بناء الإنسان، وإعادة هيكلة النفوس والأذهان، لأننا نحتاج أكثر إلى تلك السواعد الوطنية التي من خلالها وحدها يمكن إعادة البناء بحق، وتجديد المؤسسات بصدق، إلى من يملك مفاتيح الغد المشرق بفضل الله، ومن خلال تجديد الدماء, سيتجدد البناء لما فيه خير الأبناء.
ومن بين تلك السواعد الوطنية نحتاج أكثر إلى قدوة، لا أقول قدوة في التخصصات الحياتية كالاقتصاد والسياسة والأمن وغير ذلك من التخصصات التي يحتاجها الوطن، وهي مهمة بكل تأكيد. بل أقصد قدوة للنفوس والهمم، تستطيع أن تدفع بالآمال والعزائم إلى الأمام، إلى من يحرك في النفوس حب العطاء والبذل والتضحية والصبر، قدوات يلهمون من خلفهم للسير معهم لأجل خدمة وطنهم، وبناء مستقبلهم.
نعم في هذه المرحلة من عمر نهضتنا المباركة التي أسس بناءها القائد والأب الإنسان المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد “طيب الله ثراه” وحمل لواء التجديد ومواصلة البناء بعده حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم “حفظه الله ورعاه”. في هذه المرحلة نحتاج إلى صفات تميز من سيسلم المسؤولية، وتوضع فيه الثقة السامية للعمل على التغيير والتجديد، وتحريك الهمم والعزائم، لأن المستقبل بحاجة ماسة إلى “الصفوة المختارة التي تقود وتبدع وتبني وتنظر إلى الأمام وتحسب حساب الحاضر والمستقبل”.
بحاجة ماسة إلى تلك الشريحة من السواعد الوطنية التي تملك (الحساسات) اللازمة للاستجابة للضرورات الاجتماعية والطموحات الشعبية بحكمة وعقل ومنهجية، تستشعر حاجات المجتمع، وما يحدث فيه، بعيدا عن الاندفاع والعاطفة والتحيز. قدوة للداخل الوطني، تدرك التزاماتها ومسؤولياتها تجاه الجميع بلا استثناء، تعمل ليل نهار على تقدم مسيرة ونهضة هذا الوطن في مختلف الميادين والمجالات بلا كلل ولا ملل.
وقدوة أمام المجتمع الدولي، تستطيع أن تدفع بهذا الوطن وأبنائه إلى الأمام، إلى أن تستمر عمان وأبناؤها دائما في مزاحمة الأمم الوطنية العظيمة في موكب التاريخ وركب الحضارة، إلى المحافظة على المنجزات والثروات الوطنية، إلى أن تستمر عمان الوطن المجيد كما أراد له القائد المؤسس “طيب الله ثراه”، وما يطمح أن يراه القائد المجدد “أعزه الله”.
إذًا، أقول: إن المعايير التي يجب أن يتم من خلالها اختيار قادة المستقبل الوطني، لا يجب أن تنحصر في المؤهل الأكاديمي رغم أهميته، ولكن يجب أن يضاف إلى ذلك الأدوار الاجتماعية والخدمية الوطنية التي قام بها الفرد في مجتمعه، إلى ما قدم من عمل وإنجازات رفع بها مكانة هذا الوطن في الداخل الوطني والخارج الدولي، إلى معيار المهنية والعطاء والسيرة الذاتية، كذلك ومن المعايير المهمة للغاية في اختيار القادة أن نبحث فيهم عن ملكة الإبداع والفكر والفطنة والحكمة والنظرة الاستشرافية والمستقبلية.
أخيرا، إن كان من كلمة يمكن أن تقال في سياق هذا المقال، فهي الدعاء لله عز وجل بأن يرحم من علم الأبناء وأسس البناء، المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد “طيب الله ثراه” في هذا الأسبوع الذي نستذكر فيه الثالث والعشرين من يوليو المجيد، وأن يبارك هذا الوطن الكريم ونهضته المجيدة، وأن يسدد على طريق الخير أبناء عمان، وأن يحفظ لهم وطنهم من كل سوء، وأن يجنبهم شر الحاسد الحاقد الفاسد الكائد، وأن يمنَّ على حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم بالبطانة الصالحة التي تعينه على أمر دينه ودنياه وخدمة شعبه.. اللهم آمين.

محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

[email protected]
@MSHD999