ارتبطت التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالكثير من العوامل والأسس التي قادت إلى رواجها ونجاحها وتحقيقها الأهداف والبرامج والخطط الموضوعة، ويأتي من بين هذه العوامل الاستثمار بشقَّيْه المحلي والأجنبي، ذلك أن الاستثمار وما يرتبط به من تدوير لرأسمال أو جر مدخولات جديدة هو من الأشياء التي أخذت تسجل حضورها وتبذل حكومات دول العالم جهودها لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، وتقديم قطاعات ومجالات متعددة أمام أصحاب رؤوس الأموال مع ما يلزم كذلك من تقديم للمزايا والتسهيلات والتفضيلات، وتقديم البيئة المستقرة والآمنة والواعدة التي أول ما ينظر إليها الراغب في استثمار أمواله.
ولأن عنصر الوقت يعد من الأمور المهمة وتتصدر أولويات الأشياء لدى الراغبين في الاستثمار، أخذت العديد من الدول هذا المطلب بعين الاعتبار؛ لكونه عاملًا أساسيًّا من عوامل الجذب والتشجيع، وعاملًا له دوره النفسي والمعنوي الكبير، حيث يولِّد الانطباع والقناعة لدى الراغبين في الاستثمار بأن سرعة إنجاز المتطلبات تؤكد الرغبة الأكيدة لدى الدولة في الاستثمار وإعطائه الاهتمام الذي يليق به، والتسهيلات المطلوبة وإحاطته بالقوانين والتشريعات الخاصة بالاستثمار، الأمر الذي لا يبني العلاقة الجيدة والصورة الحسنة فحسب، وإنما يعزِّزها ويقوِّيها، وهذا بدوره ستكون له انعكاساته الإيجابية، حيث سيلعب هؤلاء المستثمرون الذين حظوا بفرصهم وتحققت طموحاتهم وأهدافهم، وضاعفوا مداخيلهم وأرباحهم، وأفادوا في الوقت ذاته البلد المستضيف، سيلعبون دورًا كبيرًا في الترويج للبلد المستضيف للاستثمار وهكذا.
والخطوة التي أعلنت عنها هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم عن تقليص فترات إنجاز معاملات المستثمرين عن الفترات المحددة باللوائح والتشريعات المعمول بها حاليًّا تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، وتعد معالجة جيدة لتأخر إنجاز طلبات الراغبين في الاستثمار، وهي خطوة ستعمل على تسريع الاستثمار في المنطقة ضمن رؤية الهيئة (2030) الرامية إلى جعل الدقم الوجهة الاستثمارية الأولى لمختلف الأنشطة الاقتصادية، ومركزًا متكاملًا ومدينة عصرية توفر أعلى معايير جودة الحياة.
وبموجب ذلك، ستعمل هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم على تقليص فترات تخليص المعاملات وتعديل اللوائح والتشريعات لتتماشى مع الفترات الجديدة، وحسب الرئيس التنفيذي للهيئة فإن فترة الحصول على حق الانتفاع بالأرض قُلِّصت إلى خمسة أيام عمل بدلًا من ثلاثين يومًا المحددة بلائحة الانتفاع بالأراضي، كما تضمَّنت الإجراءات الجديدة تقليص فترة تسجيل المشروعات من خمسة أيام عمل إلى خمس عشرة دقيقة فقط، وتتيح الهيئة للمستثمرين تسجيل شركاتهم عبر خيارين الأول هو زيارة المحطة الواحدة في الدقم أو مسقط ويتم تسجيل الشركة واستلام الرسوم المقررة خلال خمس عشرة دقيقة فقط، والثاني تسجيل الشركة عبر بوابة الخدمات الخاصة بالهيئة على الموقع الإلكتروني ودفع الرسوم آليًّا.
لا ريب أن هذه الخطوة تأتي منسجمة مع الاتجاه المتنامي الذي تعمل عليه السلطنة لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، ومنسجمة أيضًا مع الثمار المنتظر جنيها من المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ولتمثل إضافة كبيرة لمنظومة الاقتصاد الوطني، ومصدرًا جيدًا من مصادر الدخل.