إعداد ـ يوسف بن سعيد المنذري:

الإنجازات التي حققها المصورون العمانيون بحصادهم لجوائز ومراكز متقدمة في محافل عالمية لم تأتِ من فراغ، حيث أصبحت العدسات العمانية تشكل بحضورها علامة فارقة وهي نتاج جهود كبيرة يبذلها أصدقاء الضوء حيث يقودهم الشغف نحو رحلة لا تنتهي، فحالما ينتهون من تجربة يتعمقون لتجربة أخرى تحمل في طياتها المغامرات والاستكشاف والبحث عن الجماليات التي تختزنها السلطنة في بيئتها وعاداتها وتقاليدها وأصالتها، ولا يختلف اثنان على الأدوار التي يقدمها المصورون في بلورة الأحداث والأنماط الثقافية والاجتماعية والتعريف بها عالميا من خلال الترويج لها في الصحف والمواقع المختصة في التصوير الضوئي ووسائل التواصل الاجتماعي التي وفرت مساحات شاسعة لنشر الإبداعات. قام المصوران محمود الجابري وموسى الحجري بتوثيق موسم التبسيل والذي يشهد سنويا اهتماما من قبل الأهالي سعيا إلى استغلال محصول نخلة (المبسلي) حيث يتم قطع العذوق ثم قطف البسر ليتم بعد ذلك طبخه في المراجل ونثره في المسطاح بعد الانتهاء من عملية الطبخ لتجفيفه ويسمى محليا بالفاغــور. وتشهد هذه الظاهرة الاجتماعية تفاعلا من قبل الأسر حيث تجد التعاون من قبل الجميع صغارا وكبارا، كما يشهد هذا الموسم اهتماما استثنائيا وملحوظا من قبل المصورين لتسليط ضوء عدساتهم نحو لقطات متفردة بهدف التعريف عن هذه العادة التي عرف بها المجتمع العماني منذ القدم، وعندما تجتمع رؤية المصور بتفاصيل المكان تتجسد مشاهد تجذب المتلقي وتروي حكاية من الكفاح. المصور محمود الجابري كان ينتظر بشغف هذا الموسم ليكون حاضرا بعدسته وحول توثيقه لموسم التبسيل قال: أشعر بالفخر والسعادة حينما أكون متوجها إلى مكان يشهد تفاصيل استثنائية ومشاهد جاذبة والعدسة رفيقة دربي لكي أجعل من هذه التفاصيل جزءا من ذاكرة الأيام، وقد قمت بتوثيق مراحل التبسيل في قرية الأبيض بولاية نخـــل بدءا من جداد المبسلي ثم تجميعه وغليه في مراجل مصنوعة من النحاس ثم نقله إلى المسطاح لتجفيفه. وأضاف: مثل هذه العادات مثرية للمصور حيث تجد مختلف الفئات العمرية مما يسهل لعدستي التقاط صور متنوعة حول المراحل التي تتخللها عملية التبسيل، وبدورنا كمصورين نساهم في نشر ثقافة الصورة بالسلطنة بالأخص في الصحف ووسائل الإعلام الرقمي والمنافذ الخاصة بالمصور التي يتمكن من خلالها الترويج لأعماله، وبها مصورون من كافة أقطار العالم. وفي ولاية بدية تفاعل المصور موسى الحجري بحضوره لتوثيق موسم التبسيل الذي يشهد وفرة في الإنتاج، وحول تجربته المثرية قال: ما أجملها من مشاهد تعكس مدى التعاون بين الأسر، ومن بين تلك المشاهد التي شدتني؛ الجد يعلم حفيده ويشرح له عملية التبسيل منذ البداية حتى تسلسل المراحل، وسيكبر هذا الحفيد وسيواصل ما تعلمه من جده وترديد الأناشيد التراثية القديمة من قبل الصغار والكبار. وأضاف: المصور لا يقتصر دوره على مجالات معينة بل يجب أن يكون له دور فعال في نقل وقائع الأحداث والعادات في المجتمع ويعكس بعدسته التفاصيل التي مع مرور السنوات تتحول من حاضر إلى ماضٍ لتواصل هذه الأعمال الفوتوغرافية التعريف بماضي الأجداد وسعيهم الدؤوب وكفاحهم وتمسكهم بعاداتهم مهما طرأت الحداثة في شتى الميادين، وهنا عدستي صالت وجالت وهي توثق جملة من الصور التي ظهر من خلالها الأهالي وهم يعيشون لحظات استثنائية، وستساهم هذه الأعمال في تعزيز رصيدي الفوتوغرافي الذي أطمح من خلاله للتعريف بعادات الشعب العماني للعالم، حيث يبقى المصور سفيرا لبلده وناقلا لأجمل عاداتها ومشاهدها.