الترشيد: حكم القاضي ببلوغ الشاب الرشد.
الرشد: أن يبلغ الصبي حد التكليف صالحًا في دينه مُصلحًا لماله.
والرشد في القانون: السن التي إذا بلغها المرء استقل بتصرفاته.
ويُعتبر رشيدًا في القانون من أتمّ سن الرشد، ما لم يظهر من تصرفاته عدم مقدرته على إدارة أمواله، فقد نصَّت المادة (151) من قانون الأحوال الشخصية على أنه:(يكون رشيدًا من أكمل سن الرشد، ما لم يحجر عليه لعارض من عوارض الأهلية).فقد أفاد هذا النص، أنه يُعتبر رشيدًا من أكمل الرشد، إلا إذا كان محجورًا عليه لعارض من عوارض الأهلية، فسبب عدم الترشيد في هذه الحالة ليس البلوغ، وإنما الحجر عليه بسبب أحد العوارض، وعوارض الأهلية هي: الجنون، والعته، والغفلة، والسفه.
وسنُ الرشد التي حدَّدها القانون هي إتمام الصغير الثامنة عشرة من العمر، إذ نصَّت المادة (139) من قانون الأحوال الشخصية على أنه:(سن الرشد إتمام الثامنة عشرة من العمر)، ومن نقل القول أن يكون تحديد السن بالتاريخ الهجري، لاعتماد القانون الحساب القمري في جميع أحكامه، إذ نصَّت المادة (280) من قانون الأحوال الشخصية على أنه:(يُعتمد الحساب القمري في المدد الواردة في هذا القانون).ومع أن الرشد بإتمام الشخص ثماني عشرة سنة ــ وفق ما أوضحناه سابقًا ــ فإنه يجوز للقاضي ترشيد القاصر الذي أتمّ الخامسة عشرة من عمره شريطة أن يثبت للمحكمة حسن تصرفه في إدارة أمواله، إذ نصَّت المادة (152) من قانون الأحوال الشخصية على أنه:(للقاضي ترشيد القاصر إذا أتم الخامسة عشرة من عمره، وثبت حسن تصرفه).فقد أجاز هذا النص للمحكمة أن تقضي بترشيد القاصر إذا أتمّ الخامسة عشرة من العمر، وثبت لديها أنه يُحسن التصرف في القيام بشؤون نفسه والحفاظ على أمواله وعدم تبذيرها.
* دعوى القاصر ضد الوصي ذكرنا سابقًا أن على الوصي أن يُقدِّم للمحكمة حسابا بصفة دورية عن أموال القاصر وما صرفه عنها وسببه، ويستمر ذلك حتى بلوغ الصبي أو ترشيده، فإذا رأى القاضي ترشيد القاصر على الوصي تقديم حساب ما صرفه على القاصر والباقي عنده، وللقاصر حق الاعتراض إذا رأى إجحافًا في حقه من قبل الوصي ورفع ذلك إلى المحكمة المختصة لمحاسبة الوصي عن أمور الوصاية.
فمثلًا: إذا ادَّعى الوصي أنه أنفق على القاصر من ماله، ثم أنكر القاصر بعد البلوغ، فإن كان الوصي محتسبًا وكان ثقة وأمينًا فهو مصدِّق فيما أنفقه على القاصر إذا لم يدّع إنفاقًا فاحشًا لأنه قائم بما وجب عليه من أمر اليتيم ومن قام بالواجب عليه كان أمينًا فيه، فإن أُتهم بتضييع الإنفاق كان عليه اليمين، وأمَّا الوصي والوكيل فهما أقرب من المحتسب في هذا المعنى لأنهما مسلّطان، والفرض متعين عليهما دون غيرهما.
واعتراض القاصر على الوصي أنه قصّر في واجباته ليس مطلقًا في أي وقت شاء، وإنما حدَّده القانون بمدة خمس سنوات من تاريخ بلوغه سن الرشد، ويعد مضي هذه المدة لا تسمع دعواه إلا إذا أتى بعذر شرعي لعدم تمكنه من إقامة دعواه خلال هذه المدة.
واستثنى القانون انتهاء الوصاية بالعزل أو الاستقالة أو الوفاة، بحيث تبدأ مدة خمس سنوات من تاريخ تقديم الحساب الختامي الخاص بالوصاية، إذ نصَّت المادة (153) من قانون الأحوال الشخصية على أنه:(لا تسمع عند الإنكار وعدم العذر الشرعي دعوى القاصر على وصيه المتعلقة بأمور الوصاية بمضي خمس سنوات من تاريخ بلوغ القاصر سن الرشد، غير أنه إذا انتهت الوصاية بالعزل أو الاستقالة أو الموت فلا تبدأ المدة المذكورة إلا من تاريخ تقديم الحساب الختامي الخاص بالوصاية).فقد أجاز هذا النص للقاصر الذي بلغ سن الرشد رفع دعوى على وصيه إذا رأى اخلالا بحق الوصاية بأن بدد أمواله ولم يحسن إدارتها أو اختلس شيئا منها وذلك خلال خمس سنوات من تاريخ بلوغه سن الرشد وبعد هذه المدة لا تسمع دعواه ضد الوصي.
على أنه إذا انتهت الوصاية بالعزل أو الاستقالة أو الموت فتبدأ المدة من التاريخ الذي يقدم فيه الحساب الختامي الخاص بالوصاية..
.وللحديث بقية.

د.محمد بن عبدالله الهاشمي
قاضي المحكمة العليا
[email protected]