الخطأ يقود دائمًا إلى التدخل والمعالجة والتصحيح بالوسائل المتاحة، والحزمة الإجرائية التي اتخذتها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19” في اجتماعها يوم الثلاثاء جاءت للهدف ذاته؛ أي من أجل التدخل اللازم بقصد المعالجة والتصحيح، وفي الوقت ذاته لفت الانتباه إلى أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات والقرارات بقدر ما هو ضرورة ومسؤولية حملتها الحكومة على عاتقها تجاه المواطنين والمقيمين على السواء بهدف الحفاظ على صحتهم وسلامتهم، وتجنيبهم مخاطر هذا الفيروس الذي لا يزال يواصل تحديه للعلماء والباحثين والمنظمات والمؤسسات الصحية والبحثية المعنية الدولية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية، بقدر ما أن هناك نفرًا لا يزال ـ للأسف الشديد ـ يعزف منفردًا وخارج السرب، غير آبهٍ بما يدور حوله، وما يدور في الإقليم والعالم من تداعيات يتنادى الجمع العالمي من أجل إيقافها أو الحد منها.
إن تكرار الخطأ إما أن يعكس استهتارًا مقصودًا وعدم مبالاة وتهاونًا متعمدًا، وإما أن يعكس مظاهر متعددة من الجهل وعدم الوعي وعدم القدرة على إدراك عواقب الأمور على المستوى الإنساني والوطني والقانوني والشرعي، وعدم الانتباه إلى خطورة إلقاء النفس إلى التهلكة، أو التسبب في جر الهلاك والمرض إلى أفراد المجتمع، وإلى والديه أو أحدهما أو زوجته أو أبنائه أو أحبابه وغيرهم، وإذا كان كل مستهتر ومتهاون وجاهل بأمور الدين لا يعذر في كل ما يصدر عنه من أفعال منافية لأحكام الدين لعدم سؤاله أهل العلم في الدين والأحكام والتشريع، فإنه كذلك لا يعذر عما يتسبب فيه من كوارث وجرائم بحق الأبرياء لعدم إنصاته إلى كل ما صدر ويصدر من قرارات وإجراءات احترازية ووقائية، وإلى تعليمات وإرشادات صحية، ولعدم الالتفات إلى ما صدر عن الجهات المعنية من عقوبات وأحكام قانونية وعقابية بحق كل من يتسبب في نشر الوباء، ويضرب بعرض الحائط كل القرارات والتعليمات والقوانين الصادرة في هذا الشأن، لذلك كلا النوعين (المستهتر والمتهاون وغير المبالي، والجاهل وغير الواعي) واقع تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة القانونية.
يجب أن يقرأ كل مستهتر ومتهاون وغير مبالٍ، وكل جاهل وغير واعٍ دلالة قرارات اللجنة العليا يوم الثلاثاء ومغزاها والأسباب المؤدية إليها والتي تمثلت في الإغلاق التام بين محافظات السلطنة ابتداءً من يوم السبت الموافق الـ25 من يوليو 2020م إلى يوم السبت الموافق الـ8 من أغسطس 2020م، ومنع الحركة وإغلاق جميع الأماكن العامة والمحلات التجارية خلال المدَّة المذكورة من الساعة السابعة مساءً وحتى الساعة السادسة صباحًا، على أن يتم خلال فترة الإغلاق تكثيف الدوريات ونقاط السيطرة في الفترة النهارية، وكذلك استمرار منع التجمعات بكافة أنواعها، خصوصًا صلاة العيد وأسواق العيد التقليدية (الهبطات) وتجمُّعات المعايدة والاحتفالات الجماعية بالعيد.
إن استشعار المسؤولية الوطنية وعلى جميع المستويات وارتفاع هذا الاستشعار، خصوصًا في وقت الأزمات هو ديدن جبلت عليه الفطرة الإنسانية العمانية، وهو ما ينتظره منا جميعًا وطننا العزيز.