ما حكم الأضحية في يوم العيد؟ وكيف تُقسّم؟
هي سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يفوّتها، وفيها اقتداءً من الناس بأبي الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) الذي ضحّى في هذا اليوم وكانت أضحيته فداء لولده إسماعيل، كما قصَّ الله تبارك وتعالى قصتهما في القرآن الكريم، وفي تقسيم الأضحية ينبغي أن تُقسّم أثلاثًا اتباعًا للسنة، فثلث يُتصدق به وثلث يُؤكل وثلث يُدّخر، وإن لم يدّخروا شيئًا وأكلوا الجميع فلا حرج عليهم، لكن ينبغي لهم أن لا يفوّتوا التصدق بثلث الأضحية.
إخوة يعيشون في منزل واحد أب وأبناؤه فهل تجزي أضحية واحدة عن الكل؟
إذا ضحى رب الأسرة فإن الأضحية تجزي عن الجميع، لا تلزم كل واحد منهم أضحية مستقلة وإلا لكانت الأضحية كصدقة الفطر بحيث يخرج الإنسان عن كل واحد صاعاً من الطعام، أما الأضحية فلا، تجزي أضحية واحدة عن الكل ما داموا جميعاً يشكلون أسرة واحدة في بيت واحد.
هل يشترط استقبال القبلة في حالة الذبح؟
استقبال القبلة لايشترط وإنما يؤمر بها أيضًا (هذه من الأمور التي غفلناها ولا بد من ذكرها) يؤمرالإنسان بأن يحرص على الرحمة في حال الذبح، النبي (صلى الله عليه وسلّم) يقول:(إذاقتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ـ وفي رواية فأحسنوا الذبحة ـوليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته). ومعنى ذلك أنه لا يذبحها بسكين كليلة وإنما يذبحهابسكين حديدة حتى لا تتعذب البهيمة عند الذبح، وكذلك من الآداب التي يؤمر بها أنيخفي السكين عن الحيوانات عندما يأتي لذبحها. ومما ينبغي أيضاً أن تُسقى قبل الذبححتى تكون تذبح وهي مرتاحة .
البعض يقوم بقطع ما يسمونه بالقفل أوالنخاع، فهل يصح هذا في الذبيحة؟ وفي حال التعمد لو فعلها وقطع القفل أوالنخاع؟
جاء في الحديث عن النبي )صلى الله عليه وسلّم(أنه نهى في الذبح، وهذا في مسند الإمام الربيع بن حبيب ـ رحمه الله ـ من رواية أنس ـ رضيالله عنه ـ أن النبي (صلى الله عليه وسلّم) نهى في الذبح ـ عن الوخز والخزل والنخعوالترداد. فهو ينهى عن الوخز أي بحيث تطعن الذبيحة بالسكين أو الخزل هو القطع قيلهو قطع كل الرأس وقيل غير ذلك والترداد هو أن يردد المدية في حلق الدابة كما يرددالمنشار والنخغ هو قطع النخاع وقطع النخاع شُدد فيه وذلك لأجل أن تكون الذبيحة تذبحبطريقة فيها رحمة، ليس فيها تعذيب، ولئلا يكون قطع النخاع مساعداً على موتها، وإنكان للعلماء خلاف في ذلك، وفي نفس الوقت لا خلاف في أنها تحل لو قطع الرأس جميعاًعلى طرق الخطأ كما قال الإمام السالمي ـ رحمه الله:(... وما به على الخطا من بأس)،وإنما ينهى أن يتعمد الإنسان ذلك، وإن تعمد ذلك فإنه شُدّد في هذا الأمر، ومن الناس من قال بأن النخغ هوكسر النخاع باليد، وقالوا الخزل هو قطع جميع الرأس .
كيف يتم توزيع لحمالأضحية، وهل يصح أن يعطى الفقير لحمًا مطبوخًا؟
الأضحية يُراد منها أولًا قبل كلشيء تذكير هذه النفوس بالمحنة التي مر بها أبو الأنبياء إبراهيم وابنه إسماعيل(عليهما السلام)، فقد رأى إبراهيم في المنام كما جاء في نص القران الكريم أنه يذبحولده إسماعيل، وعرض الأمر عليه فقال له:(يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُسَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات ـ 102) كلمنهما استسلم لأمر الله، إبراهيم (عليه السلام) استسلم لأمر الله سبحانه وتعالى فيذبح وليده وتلك محنة شديدة قاسية على النفس وطأتها وطأة عظيمة، وإسماعيل (عليهالسلام) أيضًا استسلم لأمر الله تبارك وتعالى إذ لم يكن له أن يكون بمعزل عما يقتضيههذا الأمر الرباني، ورؤيا الأنبياء حق، فإن رؤياهم إنما هي وحي، ولذلك كانت هذهالرؤيا واجبة الامتثال، ولكن الله تبارك وتعالى لما علمه من هذين العبدين الصالحينمن الإخلاص وحب الخير والتفاني في طاعة الله والتضحية بأعز ما يملكان لأجل نيل ـ رضوان الله تبارك وتعالى ـ تداركتهما عنايته فلطف بهما سبحانه وتعالى وفدى إسماعيل(عليه السلام) بذبح عظيم، فكانت تلك سنة الأضاحي في هذا اليوم العظيم من أجل تذكيرهذه النفوس، وفي هذا أيضًا ما يجعل الناس يذكر بعضهم بعضا بالخير بحيث إن الأغنياءيواسون الفقراء في هذا اليوم بما يقدمونه من هذه الضحايا، وقد جاء في الحديث عنالنبي (صلى الله عليه وسلّم):(كلوا وتصدقوا وادخروا)، فأمر النبي صلى الله عليه وسلّمبأن يأكلوا وأن يتصدقوا وأن يدخروا، وذلك بعدما منع من الادخار، وكان منع الادخارمن أجل الدافة أي: التي تدف إلى أرض المدينة من البوادي، والمراد بها الناس الذينيأتون وهم محتاجون إلى الطعام، فأمر النبي (صلى الله عليه وسلّم) ألا يدخر من لحمالأضاحي وأن يعطى هؤلاء منها، ثم بعدما وجدت الغُنية عندهم وكانوا في غير حاجة إلىهذه الأضاحي التي يضحي بها أهل المدينة وسّع النبي (صلى الله عليه وسلّم) لهم فقال:(كلوا وتصدقوا وادخروا)، ولذلك ينبغي للإنسان أن يأكل ثلثها وأن يتصدق بثلثها وأنيدخر ثلثها، هكذا من أجل هذا الأمر الذي جاء من النبي (صلى الله عليه وسلّم)، وإن لميدخر شيئاً بأن كانت الحاجة داعية إلى الصدقة فذلك خير، أو كانت الحاجة داعية إلىالأكل وذلك أن يطرق الإنسان طراق من ضيوف أو غيرهم فلا مانع في هذه الحالة أن يقدمإليهم من لحوم الأضاحي حتى ولو أكلوا ذلك جميعًا، ولكن ينبغي له ألا يفوت الصدقة عنالفقراء بحيث يعطيهم شيئًا ولو أقل من الثلث إن لم يكن بمقدار الثلث مواساة لهم .. والله تعالى أعلم.