علي بن سالم الرواحي:
عزيزي القارئ .. نواصل معك حلقات حول (تعريفات حول علم الحديث) والذي بدأنا بنشر حلقاته قبل شهر رمضان المبارك، حيث أن علم الحديث متسع في تعريفاته.
* تعريف الحديث الشاذ
يقال في اللغة شذ عن الجماعة أي انفرد عنهم وفارقهم, أما اصطلاحاً فالحديث الشاذ هو حديث الثقة الذي خالف فيه حديث جماعة من الثقات بزيادة أو نقص، أو خالف فيه من هو أوثق منه، ولا ريب فإن جماعة الثقات أوثق من الثقة الواحد، والبعض من يزيد في التعريف قيد عدم قبول الجمع مع الأحاديث المحفوظة فيه، وقيل: لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ, ويقابله الحديث المحفوظ، والشذوذ قد يقع في السند أو في المتن أو فيهما معًا، ولنأخذ هذا الشذوذ على حدة.
أولاً: الشذوذ في المتن والسند، ومثال ذلك:الحديث الشاذ، جاء في صحيح البخاري: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ـ وَاللَّفْظُ لِلْحَسَنِ ـ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ) قَالَ: الْحَسَنُ، قَالَ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرُبَّمَا حَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
ـ الحديث المحفوظ: جاء في صحيح البخاري: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُحَدِّثُهُ: عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْهَا فَقَالَ:(أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ) قِيلَ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ مَعْمَرًا يُحَدِّثُهُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ إِلَّا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ مِرَارًا).
وجه الشذوذ: فالحديث الأول شاذ متنًا وسندًا، وإن كان حديث ثقة، بينما الحديث الثاني محفوظ، ووجه شذوذه آتٍ في السند حيث أن معمر رواه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، بينما بقية الرواة رووهعن الزهري عن عبيدالله عن ابن عباس عنميمونة، ووجه شذوذه من ناحية المتن أنه ذكر التفصيل وهو الجامد والمائع، بينما الحديث المحفوظ لم يذكر هذا التفصيل.
.. وسنكمل إن شاء الله في الحلقة التالية حديثنا عن الشذوذ في المتن والشذوذ في السند.