علي بن سالم الرواحي:

مضى ذكر الشذوذ في المتن والسند معاً، ونتحدث هنا عن الشذوذ في المتن والشذوذ في السند كل على حدة.

ثانيًا ـ الشذوذ في السند:

ويكون الشذوذ في السند بالتفرد بذكر أحد الرواة أو بعدم ذكره وكل ذلك خلافًا لسند الحديث المحفوظ، ومثاله كالآتي:

ـ الحديث الشاذ، جاء في السنن الكبرى للبيهقي: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا سُلَيْمَانُ، وَعَارِمٌ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَوْسَجَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ:(أَنَّ رَجُلًا مَاتَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلَّا مَوْلًى لَهُ هُوَ أَعْتَقَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِيرَاثَهُ)، قَالَ الْقَاضِي: هَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ مُرْسَلًا، لَمْ يَبْلُغْ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ الشَّيْخُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مُرْسَلًا.

ـ الحديث المحفوظ، جاء عند البيهقي: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَوْسَجَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ:(مَاتَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا إِلَّا عَبْدًا لَهُ هُوَ أَعْتَقَهُ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِيرَاثَهُ).

وتابع ابن جريج حديث سفيان ابن عيينة على وصل الحديث، حيث جاء أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَبُو حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(اللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ)، ووجه الشذوذ هو: تفرد حديث حماد بكونه مرسلاً مع إثبات ايصاله من طرق أخرى.

ـ الشذوذ في المتن (اللفظ)، ومثاله: الحديث الشاذ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ).

ـ الحديث المحفوظ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ).

وجه الشذوذ: زاد في الحديث الشاذ عبارة (يوم عرفة) وهي غير واردة في الحديث المحفوظ.