علي بن سالم الرواحي ✽
تعريف الحديث المنكر:
جاء في اللغة معنى المُنكَر بأنه اسم مفعول من (نكر) وهو خلاف المعرفة، ومن أنكر الشيء لا يتقبله، لأنه لا يعرفه أو لا يعترف به.
أما في الاصطلاح فقال البرديجي أحد علماء الحديث هو الحديث الفرد الذي لا يعرَف متنه إلا من جهة راويه المتفرد به فقط، ولم يأت له متابع ولا شاهد، وزاد الذهبي فيه قيد ضعف راويه، بيد أن الذهبي أضاف في تعريف المنكر بجواز أن يكون راويه مفردًا صدوقًا، ولا يلزم من ذلك أن يكون الصدوق ثقة، بل الظاهر أن يكون غير ثقة بسبب ضعف ضبطه, و تفرده بالحديث بخلاف ما هو أولى منه.
هذا وقد صُوِّب في تعريفه التفصيل وهو شموله على قسمين على غرار الحديث الشاذ, وبهذا يكون المنكر بمعنى الشاذ.
قسما الحديث المنكر:
1) الحديث المنفرد عما رواه الثقات: ومثاله، فحديث المنكر: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:(لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ)، وحديث الثقات المحفوظ:حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ:(لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلاَ الكَافِرُ المُسْلِمَ)، وموضع الخلاف: أن أحد رواة الحديث المنكر في الموطأ هو عمر بن عثمان، والصحيح إنه عمرو بن عثمان، فسند المنكر خالف سند الثقات المشهور والمعروف.
2) الحديث الفرد راويه غير ثقة: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ، كُلُوا الْخَلَقَ بِالْجَدِيدِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَغْضَبُ، وَيَقُولُ بَقِيَ ابْنُ آدَمَ، حَتَّى أَكَلَ الْخَلَقَ بِالْجَدِيدِ)،فأبو زكير يحيى بن محمد المدني غير ثقة، ولقد تفرد برواية هذا الحديث.
الفرق بين الحديث الشاذ والمنكر:
وعند من فرّق بين الشاذ والمنكر قال بأنهما يجتمعان في عاملي مطلق التفرد وقيد المخالفة عما هو أوثق منه، ويفترقان في أن الشاذ راويه ثقة كما قال بذلك الكثير من المحدثين، بينما المنكر راويه غير ثقة، وهو وإن كان صدوقًا فإنه ضعيف سيء الحفظ.