[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
في هذه اللحظة الزمنية الحرجة جدا، وعلى غير عادتنا في ايام الإجازات التي نتوقف فيها عن الكتابة، نرى من المصلحة العامة والعليا، مواصلة الكتابة في حدث الساعة على صعيدنا الوطني، وهو حدث ان وعاجل لا يؤجل ابدا، وهو يكمن في ما كشفه معالي الوزير المسئول عن الشئون المالية عن عدة خطوات لمواجهة هبوط أسعار النفط، وخاصة تلك التي سوف يكون لها الآلام اجتماعية جديدة، كوقف التوظيف الحكومي والترقيات والعلاوات لعام 2015، فهذه خطوات كنا نعتقد أنها تشكل الآن خطوطا حمر يحظر الاقتراب منها ابدا، لماذا؟ كنا نعرف الإجابة على هذا التساؤل، وازدادت معرفتنا به في ضوء ما تنبأ به أكثر من (1000) خبير عالمي بأن قضايا الباحثين عن عمل وعدم عدالة توزيع الدخل ونقص القيادة تتصدر قائمة عشر قضايا سوف تواجه الأنظمة في عام 2015، وقد تناولنا ذلك في مقال سابق بعد مشاركتنا في قمة مجالس الأجندة العالمية التي عقدت في دبي مؤخرا.
فكيف يتجاهل المسئولون المشرفون على وزارة المالية هذه الإكراهات والتحذير منها، ويتجرؤون في المساس بالمحظور؟ في مرحلة يجمع عليها كبار سياسيينا مع الخارج بأنها تعد مرحلة انتقالية لدول المنطقة كلها ـ دون استثناء ـ إذن، هل تلك الخطوات التي تمس منطقتنا الاجتماعية يجب أن تتخذ الآن أم أنها خطوات خطيرة وينبغي أن لا تتخذ ابدا، الإجابة على هذا التساؤل المهم، تتجلى في ان التفكير لمجرد التفكير في اللعب داخل المنطقة الاجتماعية هو من المحرمات السياسية،، الظرفية،، فكيف بعد انتاج هذا التفكير خطوات مثيرة هي حديث كل فئات المجتمع؟ وهنا نضع علامات استفهام كبيرة على اداراتنا لهذه المرحلة، فالوعي السياسي المرتفع بها لا يترجم على الأرض من الناحية الاقتصادية، بل العكس، ويتم ذلك بوسائل الإثارة، وذلك عندما يتم التلويح بعدم المساس مرتباتنا، لهذا المستوى وصل تفكيرنا الاقتصادي وقلقنا من ازمة هبوط اسعار النفط؟ لقد استقبلنا تلك العبارة بحساسية مفرطة جدا، وتوالت علينا تساؤلات كبيرة جدا، وردنا بعضها أمس في موقعنا الإلكتروني كرد فعل اولي على جرأة المساس والتصريح، وهي جرأة غير مسبوقة، وربما يكون لها مثيلاتنا في تاريخ الفريق الاقتصادي السابق، لكنها جرأة غير مسبوقة حديثا في إطار الظروف الجديد التي استجدت على الزمان والمكان منذ عام 2011، أو في ظل توقعات الآلاف من الخبراء بخطورة تلك القضايا في العام المقبل، وهنا يكمن التحدي الحقيقي وهو،، الإصرار على المساس بالمنطقة الاجتماعية في وقت تتعالى الأصوات تحذيرا منه،، من يتحمل التداعيات؟ والجرأة شملت كذلك المساس بكيانات سيادية كان مجرد الاقتراب منها، تعد من المستحيلات، وهذا كله يعكس لنا ماهية وحجم الجرأة ،،ظرفيا،، والظرفية مهمة جدا هنا، إذن، ماذا يجري خلف الكواليس؟ وبعيدا عن هذه العاطفة التي تتجذر من مشاعر الظرفية التي عبر فيها الحجر والبشر وكل ما هو مرئي وغير مرئي عن حب يحار فيه العالم، ويعجز عن ايجاد تفسيرات أو تأويلات له، فإن وقف التوظيف الحكومي والترقيات والعلاوات بحجة التقليل من الإنفاق العام، مردود على الفريق الاقتصادي والمالي، والتلويح بعد المساس بالمرتبات يعكس لنا ازمات في عمليات التسيير والتخطيط، بل أكبر من ذلك، فرغم ان بلادنا قد تبنت منهج التخطيط منذ السبعينيات الذي اهتدى إلى اعتماد سياسية تنويع مصادر الدخل، الا أن الأزمة النفطية الراهنة تبرهن فشل القائمين على تطبيق هذه السياسة، قديما وحديثا، فهل ينبغي محاسبتهم؟ إذا فتحنا نافذة صغيرة على نجاح تجربة التنوع الاقتصادي في بعض دول الجوار النفطية، فسوف يكون استدلالنا على الفشل واضحا رغم بعض الإيجابيات غير المنكورة الا انها ايجابيات دون الطموحات، بدليل، تبني خطوات ترجعنا إلى الوراء في وقت يجب ان نتقدم إلى الأمام، فدولة مجاورة قد وصل اعتمادها على النفط بنسبة (30%) فقط، وتخطط إلى ان تصل هذه النسبة إلى (7%) عام 2020، وهذا العام المستهدف ليس ببعيد، فكيف نحمل المواطن البسيط أن يدفع ثمن هبوط اسعار النفط من لقمة عيشه ومستقبلها ومن يتولى مسئولية صياغة مستقبله لم يتمكنوا من تنويع قاعدتنا الاقتصادية؟
لذلك، قلنا فضائيا، ونقول مجددا على الأرض، أن هناك فعلا أزمة نفطية ثقيلة، ولماذا ثقيلة علينا؟ بسبب ذلك الإخفاق، فهى ليس ثقيلة على دول نفطية مثل تلك الدولة، لأنها استفادت من الأزمات السابقة، وعملت على تجنبها مستقبلا، فنجحت الآن، ولن تتخذ خطوات مؤلمة اجتماعيا، وحتى لو اسلمنا بضرورة خفض الإنفاق، فلماذا يتم المساس بالمنطقة الاجتماعية الآن؟ وقد شرحنا لماذا الآن، فهناك استثماراتنا في الداخل والخارج، فلماذا لا نفكر في الاستفادة من القليل من عوائدها، وهناك مشاريع ضخمة، فلماذا لا يتم تأجيل بعضها،، مؤقتا ،، إذا لم يكن وراءه تبعات مالية إضافية، وهناك اغنياؤنا والشركات، فلماذا لا يتضامون مع الحكومة في هذه الظرفية، يا أغنياءنا ضحوا بالقليل من أجل ديمومة الكثير، ويا شركاتنا ان الأوان لرد الجميل .. وكلنا نعرف حجم الكثير الذي تقدمه الحكومة طوال العقود الماضية وحتى الآن، دعم مباشر وغير مباشر، دون ضرائب وبضرائب رمزية .. واعادة النظر في اتفاقيات الغاز، لماذا لا يكون خيارا مطروحا، وهنا نستدعي مداخلة سعادة سليم بن علي الحكماني رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى خاصة قوله ان (85) بالمائة من عائدات السلطنة تأتي من النفط والغاز والعقود الموقعة مع الشركات تعد (مجحفة وتظلم الأجيال المقبلة إذا استمرت هذه العقود التي تحقق أرباحا هائلة للشركات) ومن نفس المنطلق طالب بإنهاء عقود بيع الغاز التي ترفض الشركات إعادة النظر فيها، ومن ثم، كيف يتم رفض كل مقترحات مجلس الشورى؟ وهذا ما كشفه الحكماني عندما اشار إلى ان مقترحات مجلس الشورى للعام الماضي تم رفضها كليا ولم يتم الموافقة على أي منها وكلها كانت تهدف لرفد موارد الدولة، هل تصر الحكومة على ادارة المرحلة لوحدها فقط؟ رأينا الإدارة المنفردة وتداعياتها، ورأينا كيف تدخل الإرادة السلطانية ومنحت مجلس الشورى صلاحيات تشريعية ورقابية جديدة .. فلماذا لم تفعل؟ للموضوع تتمة.