فيينا ـ وكالات: لا تزال منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) منقسمة عشية أحد أهم اجتماعاتها منذ سنين، مع استمرار رفض السعودية خفض إنتاج الكارتل، فيما دعت إيران إلى التصدي للفائض المتزايد للعرض في السوق النفطية. وصرح وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانة لدى وصوله إلى فيينا أن السوق النفطية تسجل فائضا في التموين، مؤكدا أن الوضع سيتفاقم العام المقبل ويترتب على منظمة الدول المصدرة للنفط أن تعالج المسألة بمساعدة من الدول المنتجة غير الأعضاء في أوبك. وقال زنقانة إن "جميع الخبراء يعتقدون أن هناك فائضا في العرض في السوق النفطية وأن الفائض سيزداد العام المقبل". وقد تدهورت أسعار النفط الخام بنسبة تزيد على ثلاثين بالمئة منذ الربيع، وسجلت أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات بسبب الاختلال المتنامي بين العرض والطلب. فمن جهة زاد الإنتاج العالمي مع ارتفاع العرض الأميركي للنفط بفضل ازدهار استغلال الموارد غير التقليدية مثل النفط الصخري. ومن جهة أخرى فإن التوقعات بشأن زيادة الطلب العالمي على الذهب الأسود تشير بعد مراجعتها إلى انخفاض هذا الطلب في الأشهر الأخيرة. وفي هذا السياق دعا زنقانة أوبك إلى "اتخاذ قرار لمراقبة السوق"، معربا عن أمله "في مساهمة دول منتجة أخرى من خارج أوبك". وكان أعلن "علينا أن نتناقش ونقابل وجهات نظرنا ونتخذ قرارا لضبط السوق". وأضاف أنه "من أجل التعامل مع هذا الوضع يجب أن نحصل على مساهمة من الدول المنتجة من خارج أوبك". وان لم يتقرر أي تخفيض منسق للإنتاج أثناء هذه المحادثات الرباعية فإن الدول الأربع اتفقت على الاجتماع مجددا في فبراير. وأعلنت شركة روسنفت الروسية العامة عن خفض رمزي لإنتاجها (25 ألف برميل في اليوم فقط)، ما يعتبر نقطة في بحر بالنسبة لروسيا التي تنتج قرابة 11 مليون برميل في اليوم.
لكن أوبك تبقى منقسمة حول الموقف الواجب اعتماده لمواجهة انخفاض الأسعار. وسيعيد وزراء الدول الاثنتي عشرة الأعضاء في أوبك اليوم في فيينا النظر في سقف انتاجهم الجماعي المجمد منذ ثلاث سنوات عند 30 مليون برميل في اليوم، اي نحو ثلث النفط الخام المستخرج يوميا في العالم.
وتباحث زنقانة بعيد الظهر مع نظيره السعودي علي النعيمي المعارض لأي خفض في الإنتاج. وقال للصحفيين "لقد أجرينا محادثات جيدة" و"لم نتحدث فقط عن خفض (محتمل لسقف الإنتاج)، وإنما أيضا عن الوضع العام في السوق ومواقفنا متقاربة"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المشاورات بين الوزراء ستتواصل. لكن بشكل ملموس، فإن المملكة العربية السعودية لا تغير مواقفها. وصرح علي النعيمي ملمحا إلى أنه سيدافع عن الإبقاء على سقف إنتاج اوبك على حاله. من جهته أعرب وزير الخارجية الفنزويلي رافائيل راميريز الذي تباحث على انفراد مع زنقانة، عن قناعته بأن أوبك ستقوم "بما هو أفضل لأعضائها". وعلق المحللون في مصرف كومرزبنك بالقول إنه نظرا إلى هذه التصريحات "لم يعد هناك الكثير من الفرص ليتقرر خفض للإنتاج أثناء اجتماع أوبك". وفي غياب التفاهم حول تدبير كهذا يرى هؤلاء المحللون أن أوبك التي يتجاوز إنتاجها بوضوح هذا السقف، قد تتعهد على الأقل بتطبيقه بانضباط أكبر، موضحين أن تصريحات الوزير السعودي "تعزز رأينا بأن أوبك ستكتفي فقط باحترام أفضل لسقفها الحالي".
وفي أكتوبر أنتجت أوبك 30,6 مليون برميل في اليوم في الإجمال، بحسب أرقام وكالة الطاقة الدولية، و30,3 مليون برميل يوميا بحسب تقديرات اخرى نقلها الكارتل. وفي هذا الوضع بقيت اسعار النفط قريبة من ادنى المستويات التي سجلتها مؤخرا منذ اربع سنوات. ففي لندن استقر سعر برميل النفط المرجعي لبحر الشمال (برنت) عند 78,73 دولارا ، فيما كسب برميل النفط المرجعي الخفيف في نيويورك سنتا واحدا ليصل الى 74,10 دولارا. كما استقر مزيج برنت قرب 78.40 دولار للبرميل.