[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/jawadalbashity.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]جواد البشيتي[/author]
تقدَّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الكنيست بمشروع قانون ينص على يهودية إسرائيل (الدولة) بعد أنْ أقرَّت حكومته الائتلافية تقديم المشروع، في نهاية جلسة عاصفة (14 عضوًا أيَّد تقديم المشروع، وعارضه 4 أعضاء، منهم وزيرة العدل تسيبي ليفني، ووزير المالية يائير لابيد). وكان سبب معارضة ليفني ولابيد، اللذين ألمحا إلى خروجهما من الائتلاف الحكومي في حال إقرار الكنيست مشروع القانون هذا، أنَّ مشروع القانون "يتعارَض مع ديمقراطية الدولة (دولة إسرائيل)". وزراء ونوَّاب من "اليسار" و"الوسط" أعربوا عن خشيتهم من أنْ يضفي القانون الطابع الرسمي على العنصرية (الموجودة الآن في شكل "أَمِر واقِع").
وبكلام جامِعٍ مانِعٍ، قال نتنياهو (وكأنَّه يُعَرِّف "دولة إسرائيل الجديدة") إنَّ إسرائيل هي "دولة قومية لليهود فقط"!
نتنياهو بدا مُصِرًّا على هذا "التَّعْريف" ولو عَرَّف العالَم إسرائيل، بعد، وبسبب، إقرار مشروع القانون هذا، على أنَّها دولة تقوم على "نظام الفصل العنصري"؛ ولقد جاء هذا التَّوجُّه الإسرائيلي الجديد متزامنًا مع تعاظُم التأييد الأوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فبدا عِقابًا إسرائيليًّا للأوروبيين، وردعًا لهم (وللفرنسيين على وجه الخصوص) عن المضي قُدُمًا في هذا المسار الجديد.
إنَّها دولة يريدها نتنياهو (مع أشباهه وأمثاله، ومع مَنْ يُمَثِّل من الإسرائيليين) لليهود (الإسرائيليين، وغير الإسرائيليين) فقط؛ وبما لا يتعارَّض مع ذلك، تكون، أو يجب أنْ تكون، "ديمقراطية" هذه الدولة؛ فديمقراطية النظام السياسي في إسرائيل يجب جَعْلها "أداة" لبناء "دولة قومية لليهود فقط"؛ و"اليهودية"، في تعريف المتعصِّبين لها، هي "اللافَرْق بين الانتماءين الديني والقومي (اليهوديين)"؛ وهذا "اللافَرْق" يُتَرْجَم، ويجب أنْ يُتَرْجَم، عمليًّا بما يؤكِّد أَنَّ إسرائيل "الدولة" لن تكون، أيضًا، لـ"الأقلية القومية العربية (الفلسطينية)"؛ ولن تكون، من ثمَّ، لـ"المسلمين والمسيحيين من أبناء هذه الأقلية". قد يبقى فيها هؤلاء جميعًا، أو بعضهم؛ لكنَّ بقاءهم لا يَجْعَل، ويجب ألاَّ يَجْعَل، إسرائيل "دولة ثنائية القومية (أكثرية يهودية، وأقلية عربية)"؛ فـ"الحقوق القومية" في هذه الدولة لن تكون إلاَّ لليهود، ولليهود فقط. ومع هذه "المُزَاوَجَة" بين "دولة قومية لليهود فقط" وبين "الديمقراطية" لن يبقى للعرب الفلسطينيين (20% من السكَّان) في دولة إسرائيل (الجديدة) من "حقوق المواطَنَة" إلاَّ ما يجعلهم "مواطنين من الدرجة الثانية".
إسرائيل مُتَخَوِّفة دائمًا من أنْ تصبح "غير يهودية" بمرور الوقت؛ بسبب ازدياد نسبة المواليد لدى الفلسطينيين؛ وهي تُسَمِّي سبب تخوُّفها هذا "القنبلة الديمغرافية (الفلسطينية)"؛ وهي، في الوقت نفسه، مُتَخَوِّفة من "احتمال" أنْ يُتَرْجَم "حق العودة"، في اتفاقية "الحل النهائي"، بعودة قسم كبير من اللاجئين الفلسطينيين إلى حيث كانوا قبل تشريدهم، أيْ إلى "إقليم" دولتها، الذي ما زال قابلًا للتَّوَسُّع شَرْقًا؛ فإذا غدا هذا الاحتمال "حقيقة واقعة"، تَضاعَف خَطَر هذه "القنبلة الديمغرافية" على "الطَّابَع اليهودي" لدولة إسرائيل.
وإسرائيل، التي لم (ولن) تعترف بخط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 على أنَّه الخط الحدودي النهائي بينها وبين الدولة الفلسطينية المقبلة، على الرُّغم من قبولها، على مضض، فكرة "حل الدولتين"، تريد من الفلسطينيين (الآن، وقبل، ومن أجل، توقيع اتفاقية "الحل النهائي") أنْ يعترفوا بها على أنَّها دولة قومية لليهود فقط، لتَسْتَذْرِع بهذا الاعتراف الفلسطيني لمَنْع عودة أي لاجئ فلسطيني إلى إقليم دولتها، وللتَّخَلُّص من بعضٍ من مواطنيها العرب، مع جَعْل كل مواطنيها العرب مواطنين من الدرجة الثانية، ليس لديهم من الحقوق، ومهما تكاثروا، ما يبقيها متخوِّفة، قَلِقَة، على طابعها اليهودي (ديمغرافيًّا وسياسيًّا).