[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
من العيوب التي يمكن أن تتسبب بنتائج، مخيبة للآمال في التنمية ازدياد معدل الاندثارات والضياعات، مقارنة بالنتائج الإيجابية المتحققة لصالح المجتمع، وفي كل الأحوال إن أي اندثار في أي اقتصاد يمثل حالة سلبية ينبغي معالجتها بمنع تراكمها أولًا وإيجاد مفاتيح تمنع استمراره، وهو في الحساب النهائي خسارة إذا تجاوز الهامش الذي مرسوم له كفضلات جانبية، سواء كان من مخلفات المواد الأولية المستخدمة، أو على صعيد ما ينعكس في الحالة اليومية الميدانية على حساب الإصحاح البيئي المطلوب لتقليل مخاطر التلوث.
وحسب إجماع الخبراء فإن الاندثارات تكثر وتزداد وتائرها كنتائج للمشروع، إذا لم تكن هناك بيانات محددة تعتمد في تنفيذ المشاريع، من حجم الكلفة إلى الآليات المستخدمة، إلى النتائج المتوقعة، إلى عدد المساهمين فيه بكفاءة وخبرة وكذلك حجم التأثير الإيجابي أو السلبي على المنطقة السكانية التي يقام بها من حيث التأثير الاقتصادي واستيعاب الحاجات الاجتماعية، وفي هذا السياق أيضًا أن الاقتصادات التي تستخدم التدرج التنموي الهادئ والموازنة بين الاستهلاك والإنتاج ضمن مديات قصيرة أو طويلة فإن نسبة الضياعات تكون ضئيلة حتمًا، خاصة إذا ارتبط المشروع بالتنمية البشرية المستدامة.
وبقراءة موضوعية يمكن القول إن الاقتصادات التي تعتمد مبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتي ولو نسبيًّا بأنها أكثر قدرة على تقليل حجم الاندثارات، وهذا الوضع يرتبط قطعًا بمعدل الإنتاج مع هامش من معدل يتناسب وتنامي الحاجة الاقتصادية، فضلًا عن وجود رأي عام يؤمن بأهمية ذلك سواء كان ذلك على صعيد الرأي العام الحكومي والمؤسسات المعنية بإدارة الاقتصاد، أو الرأي العام المتلقي لنتائج التنمية، ومن هنا يكون الاقتصاد والتنمية عمومًا في منأى من حالات الاندثار الواسع إذا أخذت هذه الاعتبارات بعين النظر، أما هل يمكن لنا أن نحدد اقتصادات ذات طبيعة قادرة على التحكم في حجم الاندثار والخسارات الجانبية، فلنا أن نتوقف عند الاقتصاد العماني بوصفه واحدًا من هذه الاقتصادات وإن كان الأمر لم يصل بعد إلى حد وجود آليات دقيقة متواصلة للحد من الاندثارات، خاصة في شواطئ السلطنة التي تشهد لفترات متكررة ضياعات بالثروة السمكية نتيجة أخطاء بشرية واستخدام الأكياس البلاستيكية ورميها في البحر، وعدم وجود ثقافة بيئية على درجة من الاستعداد الكامل لمواجهة الأعاصير المدارية.
إن العلامات الواضحة في الاقتصاد العماني في هذا الشأن اتساع رقعة الاهتمام بالبيئة الريفية من خلال بناء قرى عصرية تستلزم العمل الإنتاجي على صعيد الغذاء وكذلك الدواجن، وهذا التوجه يحد من الاندثار في مساحة الأراضي الزراعية نتيجة التعرية في الطبيعة أو بسبب العادات الزراعية الخاطئة.
لقد أخذ بمبدأ تقليل الضياعات في المناطق الريفية منذ انطلاق خطط التنمية الخمسية المتكررة ابتداءً من عام 1970، وكذلك الاهتمام بالبيئة البحرية ضمن عنوانين، الأول يتجسد في تجديد الخدمات البحرية في الموانئ واستحداث موانئ جديدة تلبي حاجة الحركة التجارية العالمية بوصف السلطنة منطقة مرور تجاري تتوسط ممرًا تجاريًّا بين شرق العالم وغربه.
كما يمكن أيضًا النظر إلى دور التقنيات الحديثة التي أخذ السلطنة بالاعتماد عليها في تحديث الاقتصاد، مع العلم أنه كلما توسعت الدولة في استخدام هذه التقنيات فإنها تقلل حتمًا من حدوث اندثارات، انسجامًا مع حقيقة اقتصادية لا يختلف عليها اثنان أن نقص المعرفة التقنية وراء ارتفاع معدلات الاندثار.
وحسب متابعاتي المتواضعة لأوضاع الاقتصاد العراقي فإنه يعاني الآن من أعلى نسبة من الخسائر نتيجة بقائه تحت طائلة تأثير الاقتصاد الريعي فحسب، وهناك مخاوف جدية من انتكاسات قادمة له إذا لم تنتبه الحكومة العراقية إلى أهمية تنشيط المكونات الذاتية الأخرى لهذا الاقتصاد والمتمثلة في الزراعة والصناعة وتوسيع الاهتمام بالقطاع الخدمي، كما يمكن قياس ضياعات في الاقتصاد اللبناني التي كشف بعضها في الأيام القليلة الماضية وزير الصحة وائل أبو فاعور نتيجة الغش الخدمي والصناعي.
على أي حال، أكتفي بهذه العينات، لأقول إنه يمكن السيطرة على الضياعات إذا توفرت سياسات اقتصادية واجتماعية تحرص على الترشيد، وعندها تكون التنمية قد أخذت طريقها المتوازن في التطبيق.