قيس الخزيري:
أحيانًا في المساء أقوم برياضة المشي، وليس يخفى على أحد أهمية الرياضة في واقعنا المعاصر الذي تعددت فيه وسائل الراحة والتنقل وكثرة الأطعمة وقلة فيه الحركة، ويؤسفني مشاهدتي لبعض الشباب وهم يبذلون أوقاتهم وزهرت عمرهم فيما لا طائل منه.

روي عن عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:(مَن أمضى يومَهُ في غيرِ حَقٍ قضاه أو فَرضِ أدّاه أو مَجدٍ بناه أو حَمدٍ حصّله أو خير أسسه أو عِلمٍ اقتَبَسه فقد عقَّ يَومَهُ)، وعن عبدالله بن مسعود ـ رضي اللهُ عَنه قال:(ما نَدِمتُ على شئٍ ندمي على يَومٍ غَربت شمسُه ونقصَ فيه أجلي ولم يَزدد فيه عملي).

هذا شأن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عرفوا قيمة الحياة وضرورة المحافظة على الأوقات فيها، فالإنسان لم يُخلق عبثًا وإنما خُلق لغاية عظيمة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات ـ ٥٦)، ومع هذا يضع الإنسان أهدافًا يسير عليها في حياته تكون معينة له للوصول إلى رضا الله سبحانه، ولا ينس حق الله، لا ينس المنعم عليه المتفضل عليه بصنوف الخيرات، وهذا سيدفعه لمراقبة تصرفاته وحركاته لتكون متوافقة مع ما أمر الحق سبحانه وبذلك تكون منسجمة مع الكون بأسره (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (الإسراء ـ ٤٤])، وكن واثقًا أيها المؤمن أن الحياة بحلوها ومرها مسخرة لك والمؤمن يبتلى فيها فلا تضيع حياتك في توافه الأمور وفي مضيعات الأوقات وفي مقارفة الآثام والموبقات فحياتك أعظم من هذا!.

* كاتب عماني