مهما كان لدى الحكومات من إمكانيات مادية وبشرية وقوة اقتصادية وحراك سياسي وعلاقات ومعارف ومؤسسات خدمية وسيادية وغيرها من المصطلحات، إلا أنها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقوم بالأدوار المناط بها لخدمة المجتمع دون أن يكون هناك مشاركة من أفراده سواء من خلال إقامة مشاريع تجارية أو اقتصادية أو إنشاء منظمات تخصصية والتي يطلع عليها إصطلاحا مؤسسات المجتمع المدني كل في مجال تخصصه، وذلك للقيام بالأدوار المكملة لدور الحكومة في تقديم الخدمات أو رسم الخطط والسياسات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من السياسات التي يسمح لها ان تكون شريكا فيها دون قيود في ذلك، ولقد نجحت حتى الآن الكثير من هذه المؤسسات في إيجاد مساحة من التفاعل مع العديد من البرامج مع الحكومة، على الرغم من حداثة هذا المصطلح في المجتمع والذي لم يصل حتى الآن الى اكبر شريحة من افراده ، بل الأدهى من ذلك والذي لا يدركه الكثيرون ممن ينتمون الى التخصص الذي تنضوي تحته المؤسسة، كما ان البعض الآخر يحاول أن يقف حجر عثرة أمام الجهود التي تبذلها بعض المؤسسات ويقلل من الدور المهني والاجتماعي والوطني الذي تقوم به ، ليس فقط خدمة للاعضاء الذين ينتمون اليها وانما الى غيرهم من اصحاب المهنة والى المجتمع .

فأي خدمة على سبيل المثال تتحقق بجهود هذه المؤسسات في اي مجال من المجالات لا تقتصر فقط على مجموعة معينه من الاعضاء ، بل يتعدى ذلك الى زملائهم حتى اولئك الذين يتخذون مسارا سلبيا من اداء المجموعات التي تدير العمل المؤسسي التطوعي المهني ، واذا كانت هذه المؤسسات منجزا من منجزات المسيرة المباركة وولدت بفكر ومباركة سامية استشرافا من جلالته لما ستكون عليه في المستقبل دعما لمسارات التنمية، فإنها تحتاج الى المزيد من الدعم خاصة من الجهات المعنية التي أولت لها مسؤولية الإشراف عليها ليس في الشق القانوني والرقابي، وانما الدعم المادي الذي يؤهلها لتكون في مستوى الطموح الذي اريد لها ان تكون فيه وان لا تصل الى درجة التسول للبحث عن الموارد المادية لكي تنفذ برنامجها السنوي ويرضى عنها اعضاؤها والمجتمع الذي يتهمها بالتقصير دون معرفة اسباب ذلك، صحيح هناك بعض مؤسسات المجتمع المدني واقصد هنا المهنية لدى بعض القدرة على تنفيذ بعض الانشطة والبرامج ودعم بعض الحالات الانسانية لدى الاعضاء ، الا ان ذلك لا يلبي طموح مجالس اداراتها المطالبين من جمعياتهم العمومية بتقديم المزيد من الانشطة والفعاليات .
كما أن شعور هذه المؤسسات بالتبعية لجهة ليست لها علاقة بعملها الا مراقبتها لتطبيق قانون اقحمت فيه قصرا ويعني بالدرجة الاولى المؤسسات التطوعية الخيرية وليست المهنية ، فضلا عن تلك الوصاية المفروضة على كافة تحركاتها داخليا وخارجيا يجعل من البعض منها متحفظا الى الدرجة التي لا تمكنه من اقامة او المشاركة في اي نشاط ، فإلى متى ستظل هذه التبعية غير المهنية للكثير من مؤسسات المجتمع المدني المهنية ؟ ألم يحن الوقت بعد لتكون علاقة كل جمعية وليس تبعيتها الى الجهات الأقرب الى مهنيتها وذلك تعزيزا ودعما لدورها المهني ؟ بدلا من ان تكون الجهة الحالية المشرفة على هذا المؤسسات طريق ذو اتجاهين لإحالة طلبات الجمعيات التخصصية الى الجهات المعنية ثم استلامها وارجاعها الى الجمعية مرة اخرى .
إن مؤسسات المجتمع المدني خاصة المهنية لا تزال تحتاج الى الكثير من الجهد والدعم الحكومي لترسيخ مفهوم هذا العمل في المجتمع الذي حتى الآن لا يدرك اهميتها ، والدور الذي يمكن ان تحدثه من تغيير العديد من المسارات المتبعة بعض الاجهزة الخدمية والمعيقة للحصول على الخدمات المطلوبة بالسهولة والسرعة المطلوبة ، فهناك في الحقيقة العديد من الجمعيات المهنية لا توجد لها مقار لممارسة عملها والدعم المادي الذي يمكنها من تنفيذ خططها وأنشطتها، فضلا عن عدم الاعتراف بها لدى بعض المؤسسات ومعاملتها كمنشآت ربحية لابد ان تدفع رسوما مقابل الخدمة التي تقدم لها ، على اعتبار أن القوانين والإجراءات المتبعة في تقديم تلك الخدمات لا تعفي الجمعيات المهنية من دفع الرسوم وهنا يتطلب تدخل من الجهة المشرفة على الجمعيات بطلب الإعفاء من أي رسوم يمكن ان تترتب على جميع الطلبات التي تحتاج اليها الجمعيات المهنية لتسيير عملها التطوعي ، فهل ذلك إذا تحقق مثلا سيكلف الدولة الشيء الكثير ؟ .

طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية [email protected]