[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
فيما كان حبس أنفاس بانتظار التصرف المريب الذي قرره " الإخوان " في مصر من رفع للمصاحف على تظاهرة شاءت أن تستمع الى قرار المحكمة بشأن حسني مبارك وجماعته، وهو القرار الذي لابد أن يغير مسار الأمور، وأن يوقف زحف بعض التصرفات الى حين استيعاب قرار المحكمة الذي حكم ببراءة الرئيس السابق المخلوع ومن معه.
نجت مصر من يوم كادت أن تتدخل فيه التعقيدات الدينية والانسانية بالرد العسكري، ونجا معها المصريون من مطب خطير أمكن الافلات منه بحركة عسكرية مدروسة أبعدت كأس الشغب وفتحت الباب من جديد للتفاهم، رغم صعوبته، وتعقيداته، بل الخطط الإخوانية التي مازالت قائمة وقد لاتتوقف.
براءة مبارك وجماعته غطت على الحدث المصري المنتظر لكنه قد لايوقفه .. كان واضحا أن الشارع المصري عاد وانقسم وتبين ان هنالك انفاسا للدولة العميقة مازالت تحكم جزءا من الشعب المصري، بل هنالك من مازال يهتف لمبارك، وأنه من غير المتوقع ان يحدث العكس .. إذ أن الرجل حكم ستا وثلاثين سنة بين نائب للرئيس السادات وبين رئيس فعلي، وأن هذه المدة كافية بكل تداعياتها أن تصنع له امتدادا شعبيا لم يتمكن من حمايته من السقوط ، فسقط .. وجاءت بعده سقطة خلفه محمد مرسي بشكل مريع، وهو سقوط حزب كبير ستظل تردداته قائمة، اذا اعتبرنا أنه شبيه بزلزال ليس إلا.
في الواقع السياسي لدى مصر حمايتها الدائمة على مر العصور، وهو جيشها الذي صنع لها ما ارتضته دائما .. وحين يدخل في القضايا الصعبة والمصيرية، نكون دائما خارج أية تسوية .. إذ لايجوز ان يكون هنالك أمن التراضي، او تفاهم على مصير أمام الأخطار .. القوة العسكرية وحدها مطلوبة، ولغة القوة تلك مفهومة لدى كل المصريين، سواء أيدوا الجيش أو لا كما هوحال " الإخوان " منذ تسلم الرئيس السيسي الحكم.
لكل من يضع يده على قلبه كلما أحاطت بمصر مشكلة تبدو صعبة او خطيرة، كما يحدث اليوم في صحراء سيناء تحديدا والذي لاتبدو امتداداته الى القاهرة وغيرها قد اقتربت، فان احتواء الأزمة هي معنى للقوات المسلحة التي تعيد سيطرتها، وتنبه الى وجودها الفاعل .. من الضروري الإشارة إلى أن الجيش المصري هو جيش الأمة، وبالتالي فان العمل على فرطه قد لا تقوم له قائمة ، رغم علمنا بأن الخطط تناولت هذا الجيش تحت بند القضاء عليه، لكن ثبت استحالة هذا الأمر لأكثر من سبب، ثم اذا كان هو الجيش الثالث، فالجيش الأول جيش عربي آخر لم ولن يقهر وهو الجيش العربي السوري.
تسرنا مصر كثيرا كلما قدمت لنا صورة متقدمة من فهمها في مناقشة قضاياها الداهمة، حتى وهي تدخل في دولتها العميقة، فإنها تظل هادئة ولو أن قشرة على السطح تحركت .. مصر تبني، تحاول أن تخرج من شرنقة المصاعب التي راكمها زعيم الدولة العميقة حسني مبارك الذي يجري تبرئته ومن معه في لحظة الحاجة الى تجاوز ما صنعه لمصر وعلى حساب المصريين.