ليست جديدة خطط " داعش " التي هي في أساسها خطط داعميه ومموليه وصانعيه، والتي تقوم على استباحة الأراضي العربية وخصوصا في بلاد الشام والعراق، بزعم إقامة " دولة " الخلافة. وعندما أفاق العالم فجأة على تمدد هذا التنظيم في مواقعه الحالية داخل العراق وسوريا، ثم سقطاته الكبرى التي أبدى فيها مجازره وتصرفاته الرعناء الحمقاء، وعدم تقبله لأي آخر مهما كان حتى لو كان من جلده كما فعل مع ما يسمى جبهة" النصرة "، استنفر هذا العالم، رغم الشكوك التي مازالت قائمة، بأن من صنع الحياة له، لابد أن يستمر بمشروعه باعتباره آخر حلم له ضد العرب والعروبة، وضد سوريا والعراق تحديدا والبقية تأتي.
ولكن أمام صيحات العالم من تصرفات هذا التنظيم البشعة والدموية والمقرفة، كان لابد من أن يتحرك المجتمع الدولي لإقامة تحالف عالمي لمقاتلته، حيث صدرت عن مجلس الأمن الدولي قرارات تدعو الى ذلك وإلى تجفيف مصادر تمويله وتسليحه، وهو الموقف الذي استغلته الولايات المتحدة الأميركية مسوغا قانونيا لإقامة تحالف خارج نطاق الشرعية الدولية ويضم إلى جانبها دول معروفة بدعمها للتنظيمات الارهابية ومن ضمنها "داعش" للقيام بضربات جوية لمواقع داعش تشمل الأرض السورية وبدون حتى التنسيق مع الحكومة السورية، لكن " داعش " رغم هذه الضربات تمدد أكثر، وها هو على الحدود مع تركيا في مدينة عين العرب، رغم عجزه حتى الآن عن احتلالها الذي سيكون مقدمة لتمدد أوسع لو تم له ما أراد. فكيف أمكن لهذا التنظيم وسواه من التنظيمات الارهابية أن تتمدد في الأراضي السورية رغم الضربات الجوية لأميركا وتحالفها ورغم الضربات الأرضية التي يوجهها لها الجيش العربي السوري والجيش العراقي؟، لقد أكد مراقبون عراقيون من أهل الحكم، إن الطائرات الحربية الأميركية وغيرها كانت ترمي لهذا التنظيم حاجته من السلاح والذخيرة، في الوقت الذي كانت فيه تلك الطائرات أيضا تغير عليه.
لقد بدت الأمور وكأنها غير مفهومة في البداية، لكن التفسيرات التي نشأت بعدها، اثبتت من هي الدول الداعمة والصانعة والممولة والتي يدخل إليها عشرات ومئات من التنظيم بشكل يومي من أجل التسلح وغيره، فكانت كما قال مؤخرا وزير الخارجية السوري وليد المعلم التي تقايض المجتمع الدولي من أجل أن لا تكون ضمن التحالف القائم ضد تنظيمها. أما الولايات المتحدة التي عينها عليه، وعينها الأخرى له، فكانت وفية له كما تقدم، في وقت كانت على علم أن القصف عبر الطيران وحده لا يجدي نفعا، وأن المطلوب قوى مشاة تستطيع وحدها أن تغير وتبدل في واقع الأمور.
إذن، المخطط الأساسي يقضي أن يتمدد هذا التنظيم ويتوسع وأن يأكل المزيد من الأراضي العربية السورية والعراقية مع بقية التنظيمات الارهابية، ليكون مبررا لنزول جحافل الجيوش الأميركية والحليفة للاجهاز على سوريا تحت عناوين إعطاء الشعب السوري الحرية والديمقراطية تماما كتلك الحرية التي وفروها للشعب الليبي وقبل ذلك للشعب العراقي، وكما يطالب عملاءهم واجراءهم من السوريين، ولهذا لم تغلق صنابير الدعم المادي ولم تتوقف امدادات السلاح ولم يتوقف الغثاء الإعلامي الذي تبثه الوسائل الإعلامية الناعقة أوالناطقة باسم التحالف المعادي الموجه ضد سوريا خاصة وضد قوى الممانعة العربية عامة.