قلنا بالأمس لمن لم يقرأ الحلقة الأولى أن الصورة الذهنية المرتبطة بالإنسان الخليجي عند كثيرين، سواء في الشرق أو الغرب، أنه ذاك الشخص المترف الذي لا يهتم إلا بنفسه ونزواته وشهواته ، بسبب ما بيده من ثروة أو فائض من المال لا يدري كيف يتعامل معها أو يستثمرها !! وقلنا بأن المشكلة في الصور الذهنية هي صعوبة تغييرها أو محوها وإزالتها من الذهن ما إن تثبت وتترسخ ..

الإنسان الخليجي بداية ليس من الملائكة أو من الأنبياء كيلا يخطئ أولا تغلبه أمراض النفوس المعنوية المتعددة، شأنه شأن أي أحد يعيش على هذه الأرض. ومثلما أن هناك الخليجي المترف المسرف غير العابئ بما حوله ، فكذلك هناك الحكيم الواعي، المدرك لما يجري حوله ويتفاعل بكل إيجابية. لكن حين يتم تسليط الأضواء على السلبيات عبر وسائل الإعلام المختلفة، وفي المجالس والمنتديات وغيرها، فلا شك أنها ستغلب على الجوانب الإيجابية وتعطي انطباعات سلبية تبعاً لنوعية الرسائل الإعلامية المرسلة إلى اللاوعي عند مستقبلي تلك الرسائل. وهذا هو ما حدث وما زال، سواء للإنسان الخليجي أو العربي أو حتى المسلم.

حين تقوم وسائل الإعلام وخاصة العربية، بتغييب النماذج الواعية الحكيمة في المجتمع الخليجي عن عمد وتجاهل في كثير من الأحيان، وتسلط الأَضواء على آخرين أقل حكمة وعلماً وثقافة وإدراكاً، مع احترامنا للجميع، وتبرز الجوانب السلبية من حياة الإنسان الخليجي أو المجتمع الخليجي بشكل عام، فإنه من المؤكد أنها تقوم بترسيخ صورة ذهنية غاية في السوء والتشويه عن الخليجي، تحتاج إلى سنوات طوال ، وجهود إعلامية مستمرة وكبيرة ومتنوعة لتغيير تلك الصورة .

هناك نوابغ من الخليجيين في مجالات عديدة. هناك مفكرون واستراتيجيون ومثقفون وأدباء وكتّاب وأطباء وعلماء في تخصصات علمية وأدبية .. لماذا لا يظهرون في وسائل الإعلام العربية من المشرق إلى المغرب؟ لماذ نرى كل الوجوه العربية في صحف وفضائيات الخليج، والعكس غير صحيح؟ كم مغربي أو تونسي أو ليبي أو مصري على سبيل المثال، يعرف عن مفكر استراتيجي ؟



ظني ختاماً، أن هناك عدم عدالة بيننا كإعلاميين عرب في إبراز الإيجابيين في مجتمعاتنا، فلماذا نلوم إذن وننتقد الغريب الأجنبي، ونحن كعادتنا في أغلب المجالات ، مؤسسات وحكومات ونسبة من الشعوب، متناحرين متحاسدين ومتباغضين ؟ سؤال يحتاج إلى إجابة أو حتى مؤتمر .. فماذا ترون ؟

د. عبدالله العمادي
[email protected]