مما لا يختلف عليه اثنان أنّ للمستهلك حقوقا كما عليه واجبات، فهل أدرك المستهلك واجباته فيما يعنى باستهلاك الغذاء الصحي السليم..؟ أم أنه ترك الحبل على غاربه فأطلق العنان لنفسه في أكل غذاء أصبح اليوم يحتوي أغلبه على مواد حافظة، إنه موضوع في غاية الخطورة وهو مربط الفرس في عمود اليوم، فهل سألنا وبحثنا يوما عن أسباب ارتفاع مبيعات بعض من المواد الغذائية خصوصا ما يقتنيه الاطفال في كل حين؟ وهل أدركنا كثرة توافر بعض المنتوجات طوال العام دون انقطاع..؟ وهل فهمنا سبب إطالة أعمار بعض المنتجات الغذائية رغم تعرضها للأشعة والحرارة دون أن تتعفن..؟ إنها المواد المضافة، إذا أغلب ما نأكل من طعام يحتوي على مضافات ومكملات غذائية، وهو أمر أُثير حوله الجدل في مدى قدرته على التأثير السلبي على صحة الإنسان وحياته..!! فهل توجد مضافات غذائية لها أهمية فاعلة ويستدعي إضافتها لما نتناول من أطعمه..؟ أم أنّ الإضافات لأجل حفظ الطعام وتزيينه وإضافة النكهات المصطنعة فيه بهدف الإقبال والإغراء على الشراء واللهث خلف المنتج من باب زيادة الارباح والفوائد دون مبالاة بصحة المستهلك.. !!
إنّ ما نرمي إليه في النص يتعلق بثقافة المستهلك ومدى اطلاعه ومعرفته بمكونات المنتج ومدى استيعابه وفهمه لعناصر مكونات المنتج الذي يقتني، وإلمامه بمسميات الرموز في ظل تطور الأغذية وازديادها وتنوع أصنافها وأشكالها وأذواقها ناهيكم عن قدرتها على قطع الاف الاميال دون تعفن أو خلل بعد ان تمكنت من غزو العالم وهو ما يدعو الى الحيرة والدهشة من قوة هذه المواد المضافة وهو أمر وجب أن يسأل المستهلك عن مدى ضرره؟ وما الذي يسبب الأمراض فورا أو على المدى البعيد؟ ومدى ما سيقع من أضرار جراء تناول هذه الأغذية كل يوم وكل حين.
نسعى كذلك في هذا النص إلى توضيح دقيق لمفهوم المضافات الغذائية التي أعرّفها إجرائيا بأنها مواد كيميائية يتم إضافتها للغذاء عنوة؛ بهدف إضفاء النكهات والحفظ من التلوث ليطول عمرها فيتمكن المنتج من بيعها قبل انتهاء صلاحيتها، كما تعطي لونا برّاقا وجاذبا للمستهلك فتؤدي إلى إغراء المستهلك لاقتنائها فتدر أموالا طائلة للمنتج وتورث أمراضا وعللا مزمنة ربما ندركها بعد فوات الاوان.
وكما ذكرت سلفا بأنّ كثيرا من المنتجات باتت تحتوي على المضافات الغذائية والنكهات الاصطناعية ومن مثل ذلك المشروبات غير الكحولية وحلويات الاطفال والأيس كريم والمخللات والمخبوزات والأجبان وبطاطس الاطفال الذي أخذ أشكالا وانواعا ونكهات متعددة يطيب لآكله استمرارية الاكل وبشراهة، إضافة إلى المشروبات الغازية والفواكه الطازجة المستوردة وغيرها الكثير من المنتجات التي لا ينظر المستهلك إلى مكوناتها وربما لا يدرك مفاهيمها ولا مسمياتها ولا يعي ماهية رموزها والتي إن تقصّى عنها وعرف كنهها لتركها غير أبه بلذتها ولا بقيمتها ولا بمدى حاجته إليها، حيث أشارت بعض الدراسات إلى ان مسببات المضافات الغذائية باتت جلية وواضحة لبعض المستهلكين لما تسببه من تقيء وحساسية لبعض أعضاء الجسم وبعض من الصداع وتارة الحمى الفجائية كل ذلك بسبب الاستمرارية والإفراط في تناول المواد المضافة في الغذاء وتعود الأسباب إلى عدم التزام بعض المنتجين بالنسب والمقادير المحددة لتركيز هذه المواد المضافة في الغذاء وعدم التقيد بالجداول الثابتة والتي يلزم بها المنتج بالتركيز الأدنى لهذه المضافات وعدم الافراط عن النسب أو الحدّ المصرّح به عالميا.
إنّ إكثار المستهلك وتناوله كميات مفرطة من الغذاء المضاف هو ما يفاقم كذلك المشكل الصحي لديه ويؤدي به الى ظهور العلل لأسباب تجاهل مثل تلك الاضافات وعدم الاكتراث بقراءة مكونات المنتج والجهل بمسمياتها وهنا يأتي دور المستهلك الذكي الذي يدرك واجباته إدراكا يقيه الامراض ويحفظ صحته عند تناول مقدار بسيط من المواد الغذائية المضافة كي لا تتراكم في جسمه وتظهر له بعد حين ما يعرف بأمراض العصر.
وجب علينا في هذا النص أن ندعو المستهلك إلى حماية نفسه ووقايتها من آفات المواد المضافة ومكونتها الكيميائية وذلك عن طريق الاطلاع ومعرفة وفهم مكوناتها وحفظ رموزها لأن بعض المنتجين يرمزون إلى بعض المكونات المحرمة شرعا والمتعارف بنجاستها إلى رموز دون ذكر مسمياتها تعلة كشف الأمر من جانب المستهلك كما ندعو المستهلك عند اقتناء الاغذية أن يقتني أغذية تحتوي على أقل نسبة من المواد المضافة كما يجب عليه التدقيق جيدا وقراءة بطاقة المحتويات، إضافة إلى ترك ما يستغني عنه من ترف غذائي يحتوي على مكونات كبيرة من المواد المضافة كالايسكريمات والمقرمشات بأنواعها وبعض الحلويات المضاف إليها نكهات صناعية، والتي يتهافت إليها أطفالنا نهارا وليلا لدرجة أنهم يفضلونها عن وجبات البيت الصحية.
إنّ المسؤولية الأساسية فيمن يتحمل مسؤولية حماية المستهلك من المواد المضافة تقع أولا على عاتق المستهلك نفسه إذ يجب أن يدرك فعليا بأنّ الوقاية خير من العلاج وأن يجتهد في توعية نفسه وتثقيفها بما وفرته الهيئة العامة لحماية المستهلك من معلومات وتوعية ثقافية إزاء هذا الجانب، ولن يحكّ جلدك أيها المستهلك غير ظفرك، فلتعي أنّ الأسواق مفتوحة والمنتجات تتكاثر والعقول تدبر والأموال تتكدس ومصانع الغذاء تتناسل كل يوم جديد فاحرص على اقتناء الغذاء الصحي السليم.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]