إعداد ـ عبدالفتاح بن محمد بن تمنصورت ✽
أعزَّائي القرَّاء .. نستكمل معكم ما تبقى من هذا الموضوع .. ونقول: تلك القصةُ ذكرها النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلَّم) إِرْشَادًا للأُمَّةِ إِلَى ما هو أَفْضَلُ في الجوائِحِ وقضَائِهَا وتعليمهم دِينَهُمْ والتحذير من هذه الفتنِ لأنَّهُ ذكر في هذه القصَّةِ أَعْظَمَ الفتنِ التي قد يواجهها المرءُ في حياته النساء والمال وعليه فَلْنَكُنْ على استعدادٍ وبَيِّنَةٍ من أمرنَا!.
ومن الفوائد المستخلصة من هذه القصة ـ أعزَّائي القرَّاء ـ أن تكون لكم خبيئةٌ من عملٍ صالحٍ وسِرٌّ بينك وبين الله لا يعلمهُ إِلاَّ الله (سِرٌّ غَالٍ، سِرُّ عملٍ صالحٍ، سِرُّ صَدَقَةٍ، سِرُّ كَفَالَةِ يَتِيمٍ، سِرّ ُكفالة طالب عِلْمٍ..).
أعزَّائي القرَّاء .. اجعلوها خبايا بينكم وبين رَبِّكُمْ لأننا لا ندري ماذا يحدثُ في الدنيا ومَا يُخْفِيهِ القَدَرُ عَنَّا، فضيلة بِرِّ الوالديْنِ وأنه من الأعمال الصالحة التي تُفَرَّجُ بها الكرباتُ وتُزَالُ بها الظلماتُ، فتنة الأولاد والزوجة وأنهم كانوا يتغاضون جوعًا عند قدم الأب ويريدون أن يشربوا من الحليب لكنه لم يقدمه لهما ولا لزوجته حتى استيقظ والداه ففَضْلُ الوالديْنِ مُقَدَّمٌ على غيرهما فعليكم ببِرِّ الوالديْنِ حَيَّيْنِ كَانَا أو مَيِّتَيْنِ.
أعزَّائي القرَّاء .. جواز التوسُّلِ إِلَى الله بالأعمال الصالحةِ فبادِرُوا إليها فالدنيا لا تبقى على حال ولانعرفُ ما يُخفيهِ لنا القَدَرُ، ففَضْلُ الدعاء وأنَّهُ سلاح المؤمن في كل الأوقات هو من أفضل العبادات، وكما قال الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم):(الدعاء هو العبادة).
أعزَّائي القرَّاء .. فتنةُ النساء وفضيلةُ العِفَّةِ عن الزنا وَأَنَّ الانسانَ إِذَا عَفَّ عن الزنا مع قدرتِهِ عليه فَإِنَّ ذلك من أفضلِ الأعمال فقد ثبتَ عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلَّمَ) أَنَّ هَذَا من السبعةِ الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلاَّ ظِلُّهُ (رَجُلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منصِبٍ وجمالٍ فقال إِنِّي أخافُ اللهَ) وذَكَرَ الوقَايَةَ منهَا بالنكاح والبعدِ عن الزنا والعلاقات المحرمةِ.
ولِلأَسَفِ ـ أعزَّائي القرَّاء ـ أصبح هذا الأمر شائِعًا وخطيرًا في أيَّامِنَا هذِهِ في زمن التواصلِ الإجتماعيِّ، وقد خرُبَتْ بِهِ بيوتٌ كثيرَةٌ، فتَسْفُرُ عن فتنة المال أَخْلاَقُ الرجال، وقد بيَّنَ الحديث الشريفُ أَنَّ الوفاءَ والسَّدادَ من الأعمال الصالحة وأنَّ البَرَكَةَ في الصِّدْقِ والعطاءِ وما نَقُصَ مَالٌ من صدقةٍ، وفي هذا دليلٌ على قبض الأمانةِ وإِصْلاَحُ العمل للغير، فإنَّ هذا الرجلَ كان بإمكانه أن يُعْطِيَ الأجيرَ أجرهُ فقط وتنتهي المسألة على هذا الحد ويُبْقِي ما زاد بسبب تثميره له لكن لأمانته وثِقَتِهِ وإِخْلاَصِهِ لأخيهِ ونُصْحِهِ لهُ أعطاهُ كلَّ ما أثمرَ مِنْ أَجْرِهِ.
أعزَّائي القرَّاء .. يشير الحديث الشريفُ إلى بيانِ قُدْرَةِ الله عَزَّ وجلَّ حيثُ أَنَّهُ تعالى أزاح عنهم الصخرةَ بإِذْنِهِ لم تأتِ آلةٌ تزيل الصخرةَ و لم يأتِ رجالٌ يزحزحونها وإِنَّمَا هو أمرُ الله سبحانه وتعالى أمرَ هذه الصخرةَ أن تنحدرَ فتنطبقَ عليهم ثمَّ أمرها أن تنفرج عنهم والله سبحانه وتعالى على كلِّ شيءٍ قديرٍ، وكذلك الإخلاصُ فالإخلاص من أسباب تفريج الكربات لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم كان يقول:(اللهم إن كنتُ قد فعلتُ ذلك من أجلك فأَفْرِجْ عنَّا ما نحن فيه)، أمَّا الرياءُ والعياذ بالله والذي لا يفعلُ الأعمالَ إلاَّ رِيَاءً وسُمْعَةً حتى يُمْدَحَ عند الناس فإِنَّ هذَا كالزَّبَد ِالذي يذهبُ جُفاءً لا ينتفع منه صاحبه نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم الإِخْلاَصَ. أعزَّائي القرَّاء .. الإِخْلاَصُ هو كل شيءٍ، لَا تجعَلْ لِأَحَدٍ من عبادتكَ نصيبًا، اجْعَلْهَا كُلَّهَا لِلَّهِ سبحانه وتعالى حتَّى تكونَ مقبولةً عندالله لأنَّه ثبت عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يرويه عن الله تعالى أنَّهُ قال:(أنا أغنى الشركاء عن الشركاء عن الشركِ من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، فماذا لو كنتَ أنتَ الرابعَ بماذا كنتَ ستدعو اللهَ؟ أتوقَّعُ أنَّ الفكرةَ من عنوان المقال وصلتْ. وماذا لو كنتَ أنتَ الرابعَ و شبَّهنا دنيانا الفانية بالغار وشبهنا الـ(كوفيد ـ 19) المستجد بالصخرة التي أطبقتْ عليهم الغار بماذا كنتَ ستدعو الله من صالحاتِ أعمالكم؟.