[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يحتج العقلاء ويعترض الكثيرون على أي خطوات وقرارات حكومية تعمل على العسكرة في الدولة والمجتمع، ففي الوقت الذي يتوق الناس لمزيد من التنمية وتوظيف واردات الدولة للتعليم والصحة وتحسين البيئة وتعبيد الطرق وبناء المساكن، تطرح الحكومة في بغداد ميزانية حربية غير مسبوقة، التي تعني اخذ الأموال للبارود الذي يقتل الناس ويدمر المباني والمدارس ويلوث البيئة.
قررت حكومة بغداد تخصيص 23 مليار دولار للجيش في ميزانية عام 2015.
هذه الميزانية تعادل ميزانية الأردن لثلاث سنوات.
ليس من المعروف فقرات هذه الميزانية الضخمة التي تبلغ ربع ميزانية العراق التي يقول المسؤولون إنها ستكون بحدود مائة مليار دولار، فهناك غائمية وغموض في هذه الميزانية، خاصة إذا عرفنا أنه قد تم تخصيص عشرات المليارات على قطاع الأمن منذ عام 2003، وأن القوات العسكرية في العراق تمتلك افضل تسليح في جيوش المنطقة بل وربما في العالم، وأن هذه القوات تمتلك افضل عربات النقل المدرعة والدبابات الأميركية التي تركتها القوات الأميركية بعد انسحابها، أو تم شراؤها من قبل الحكومة في بغداد بمبالغ باهظة ولا يعرف العراقيون أي شيء عن تلك المبالغ والعقود.
كما أن هذه القوات تمتلك منظومات اتصال متطورة جدا، ومقرات محصنة غالبيتها كانت قواعد أميركية عملت على تقوية تحصينها خشية تعرضها لضربات المقاومة في العراق، وتوزعت تلك المقار على 505 قواعد ومعسكرات في مختلف مناطق العراق.
الغريب أن قبولا مطلقا من السياسيين والبرلمانيين وأصحاب الرأي لهذه المبالغ الطائلة التي يتم تخصيصها للعسكر، وليس ثمة من اعترض أو ناقش أو استفسر عن العديد من الجوانب التي تخص مشروع عسكرة العراق بمبالغ تحتل ربع ميزانية البلد.
لم يسأل احد عن فقرات هذه الميزانية، وما هي الأسلحة التي سيتم شراؤها وهل هناك حاجة فعلية للأسلحة، أم أن الحاجة لجيش مهني لم يعد موجودا في العراق. وليس من المؤمل مشاهدته في ظل الفساد الخطير وعدم وجود مسؤولين حريصين ومخلصين ومهنيين.
تقول الولايات المتحدة سيتم خفض عديد الجيش العراقي إلى 45 الفا فقط، وهل يحتاج هذا العدد إلى هذه الأموال؟
في العام الماضي تم ابرام صفقة سلاح مع الروس بحدود اربعة ونصف مليار دولار، وتبين أنها تزخر بالرشى والفساد، وتوقف الحديث عنها دون أن يعرف العراقيون مصير تلك الأموال التي نهبها المسؤولون وشركاؤهم من السماسرة والتجار. وكم ستأخذ أموال العسكر من حصة المدارس والمستشفيات وتعبيد الطرق؟ وكم عدد المدارس والمستشفيات التي ستدمرها قوات الجيش بالأسلحة التي سيتم شراؤها في هذه المبالغ ؟