**
في الثامن والعشرين من يناير من عام 1971م كانت مشيئة القدر أن يبزغ نور فجر صحيفة "الوطن" أول صحيفة عمانية في التاريخ العماني الحديث، لتواكب مسيرة النهضة المباركة التي أطلق بواعثها وطاقاتها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م، حيث مثل ارتباط التاريخين حدثًا تاريخيًّا فارقًا نجح في تقديم قيمة مضافة لمتواليات الأحداث، أخذت "الوطن" على عاتقها حمل أمانة الرصد الدقيق والأمين لكل خطوة من خطوات التنمية، وكل لبنة من لبنات البناء والتعمير.
وعندما تحتفي "الوطن" اليوم بتاريخ مولدها المجيد الذي شكل نقطة تحول ونقلة نوعية بالغة الأهمية والتأثير في التاريخ الإعلامي والصحفي العماني المعاصر، فإنها تنظر بزهو بالغ وبفخر عميق لهذا اليوم قبل ما ينيف على 42 عامًا، حيث أعادت "الوطن" تقديم أوراق اعتمادها في سجلات قامات الإعلام والصحف الناهضة والباحثة عن مكان تحت شمس التقدم والعصرنة، والمهتمة بأهمية قدر الإنسان واحترام عقله وفكره، ومراعاة ذوقه ومشاعره ورغائبه.
وعلى مدى أكثر من أربعة عقود واكبت "الوطن" الحدث النهضوي لوطننا العزيز، وتطورات الأحداث على مستوى وطننا العربي الكبير بروح المسؤولية، وبصدق الكلمة، وبرقي الفكر، وواقعية التحليل، وبوضوح الصورة، وبشفافية الرأي وصراحته، بعيدًا عن التشنجات وإثارة النعرات والاعتلالات، مع الحرص على تقديم عطاء متميز وفكر جديد ورؤية عميقة متجددة، والإسهام في إثراء الساحة المحلية والثقافية والسياسية والاقتصادية، وتقديم كل ما هو مهم وجديد كانت هذه الساحات في حاجة إليه.
إن "الوطن" وهي تحتفل بيوم مولدها لتؤكد على المكانة الرفيعة للقارئ والمعلن الكريمين، وأهمية احترام ذائقتهما عبر إطلالتها اليومية بمنجزات وأحداث ومقالات وتحليلات وموضوعات محلية وسياسية وثقافية وفكرية، وعروض لأهم الإصدارات في عالم المطبوعات وقضايا الساعة.
وانطلاقًا من المكانة التي تبوأتها "الوطن" لكونها نافذة عمانية إلى العالم ورافدًا معرفيًّا وجسرًا للتواصل بين هذا العالم الفسيح والفضاء الكوني وبين قرائها، كان لمعنى أمانة الكلمة ومسؤوليتها أصلٌ متجذرٌ في نهج الصحيفة من أجل نقل متون الحقيقة بكل تجرد وشفافية وصراحة ووضوح وموضوعية، ووضعها في قالب حدثها الذي تصوره دون زيادة أو نقصان أو تهويل، ما جعل "الوطن" بمطبوعاتها "أشرعة وصحتنا وآفاق" ومعها شقيقاتها "عُمان تريبيون وفتون والملاعب" اللاتي رعتهن منذ مولدهن واحة معرفية وعلمية وثقافية، وحائزة لقصب السبق وتحقيق القيادة والريادة، فحملت رسالتها الإعلامية في ثقة واقتدار، ومعها تحمل إلى العالم رسالة هذا الوطن المعطاء وقيمه ومفاهيمه السامية التي أرساها جلالة عاهل البلاد المفدى ـ أيده الله ـ الذي آلى على نفسه منذ بزوغ فجر نهضة عُمان الحديثة أن يؤكد على حرية التعبير ومنطلقاتها، ومن بينها الشعار الذي يسافر بحرية التعبير إلى آفاق براح، وهو الشعار المنبثق من كلماته السامية التي أكد فيها أنه لن يترك فرصة لأحد كي يصادر الفكر.
وعلى الرغم من هذه النقلة النوعية والالتزام الأدبي والأخلاقي مع القارئ، فإن طموح "الوطن" لا تحده حدود، فمع كل دورة من دورات الزمن تكون قد نهضت إلى تحديث نفسها والتماس أحدث مخرجات التقنيات والتكنولوجيا لتحسين الأداء وجودة الإنتاج، وكذلك تقديم العون المتواصل لتدريب فريق عملها وكوادرها الوطنية كي يرتقوا بأسلوبهم العملي والصحفي وأدواته الإعلامية ليواصلوا حمل الرسالة المقدسة، رسالة الكلمة بكل ما تحمل من قوة وقدرة على اقتحام الزوايا البعيدة والقريبة للحصول على المعلومة الصحيحة والموثقة التي تثمر ثمرة أو تضفي لبنة في حركة البناء والتنمية الوطنية في كافة المجالات.
وإذ تعتز (الوطن) وشقيقاتها كل الاعتزاز بمسيرتها الإعلامية المظفرة وبالثقة والمصداقية والاحترام ليطيب لها في يوم ميلادها اليوم أن تتقدم بأعطر آيات الشكر والتقدير والعرفان وأجلها إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أعلى صروح الكلمة وشاد مجدها وكرم أرباب القلم وصناع المعرفة والثقافة والأدب، وهيأ أسباب الرقي والتطور لوسائل الإعلام. كما يطيب لها أن تتقدم بوافر الثناء وجزيل الشكر إلى قرائها الكرام، وللمؤسسات الحكومية ولشركات ومؤسسات القطاع الخاص على حفزهم إياها على الانطلاق المتجدد والمساير للتطور المتسارع لأدوات الاتصال الجماهيري.
كل التحية إلى أولئك الفرسان المؤسسين الأوائل لـ"الوطن" الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذه الواحة الإعلامية الكبيرة، ولهذه الانطلاقة الإعلامية المشهودة، وفي طليعتهم المغفور لهما بإذن الله تعالى نصر بن محمد الطائي وسليمان بن محمد الطائي، ومِزْجُ التحية إلى فارسها القائم بأحوالها ومدبر شؤونها وناظم عقدها هي "أي الوطن" وشقيقاتها صاحب الامتياز المدير العام ورئيس التحرير محمد بن سليمان الطائي الذي سخر طاقاته وجهوده الطيبة لبلوغ هذا الشأو الإعلامي المبدع والخلاق.

المحرر