ما كان بالأمس غامضًا على البعض من حقائق عن المؤامرة الإرهابية التي تستهدف سوريا خاصة والمنطقة عامة لم يعد اليوم كذلك، فالأدلة على الأسباب والأهداف والأطراف التي تقف وراء هذه المؤامرة الإرهابية آخذة في التبلور كل يوم إلى حد الافتضاح، بل إنها غدت حقيقة كضوء الشمس في رابعة النهار بالمسميات والأرقام والهويات والوجوه والجنسيات وكافة مكونات المؤامرة وداعميها وأدواتها ووسائل دعمها.
وما يتكشف اليوم وغدًا من تقارير ذات صبغة رسمية ودولية مبرِزةً الأطراف الأصيلة والوكيلة والعميلة للمؤامرة الإرهابية ضد سوريا، ومثبتةً الأدوار الوظيفية للعصابات الإرهابية، ليس سوى دليل إضافي إلى ما هو متداول ومعروف في واقع مجريات الأحداث، وما يرتكب من مجازر وأعمال إرهابية وإجرامية ونهب وتدمير ممنهج، وتوثق "أي التقارير" في الوقت نفسه العلاقة العضوية وخيوط الارتباط بين تلك الأطراف والعصابات الإرهابية المسلحة واتفاقها على هدف واحد، وهو تنفيذ المشروع الصهيو ـ أميركي ضد المنطقة بإعادة رسم خريطتها الجغرافية لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتشظية دول المنطقة إلى كانتونات طائفية متناحرة قزمة أمام كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ولذلك فإن ما كشفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير له عن إقامة علاقات تعاون وتنسيق بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والمجموعات المسلحة في سوريا، وعن وجود سلاح في مخيمات النازحين في منطقة فصل القوات التابعة للأمم المتحدة (الأندوف) في الجولان السوري المحتل، يؤكد المؤكد ويعكس جذور العلاقة العضوية القائمة بين العصابات الإرهابية المسلحة وكيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه الاستراتيجيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، وكذلك بين عملائه، والتطابق في الأجندات والأهداف بين الإرهاب بوصفه أداة لمشروع أميركي بهويته الإسرائيلية، وبين المصالح الغربية عمومًا بمواصفاتها الاستعمارية، وذلك منذ لحظة إطلاق يد التنظيمات الإرهابية المسلحة في سوريا ودعمها, وجلب عشرات الآلاف من التكفيريين والظلاميين والمرتزقة للانضمام إلى صفوفها جماعات وفرادى، وبالتالي لم تكن عمليات الخطف سوى أحد مصادر تمويل للإرهاب متفق عليه بين الداعمين والممولين وبين العصابات الإرهابية المسلحة، ويتضح ذلك من خلال الفئات التي تتعرض للخطف من المدنيين والعسكريين والتي يمكن ابتزاز دولهم أو مؤسساتهم، أو ترتيبها لتكون ساترًا على حقيقة التمويل المستمر كما هو حال قوات الفصل التابعة للأمم المتحدة "الأندوف" والقادة والجنود العسكريين اللبنانيين، وراهبات معلولا وغيرهم الذين تعرضوا للخطف والإفراج عنهم بدفع فدية ضخمة يتكفل بها الممولون، وإن كانت قضية العسكريين اللبنانيين تراوح مكانها لأسباب تعود إلى الممولين والداعمين للعصابات الإرهابية الخاطفة أولًا وليس الأطراف الأخرى.‏
وما من شك أن هذا التقرير الأممي هو من الأهمية بمكان ذلك أنه يرد على المشككين في حقيقة ما يجري من مؤامرة إرهابية لا تستهدف سوريا وحدها وإنما عموم المنطقة، ويثبت بالأدلة الدامغة على انتفاء ما يسمى "ثورة" سورية من خلال العلاقة العضوية بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والعصابات الإرهابية المسلحة، ومثلما أنه يعد دليل إدانة للأطراف المتآمرة يفند حقيقة التقارير التي ساقتها من قبل الأمم المتحدة ممثلة في مجلس حقوق الإنسان التابع لها والتي اتهمت فيها الحكومة السورية والجيش العربي السوري بارتكاب ما أسمتها جرائم ترقى إلى "جرائم حرب" وغيرها من التقارير المبنية على المغالطات وإفادات مغرضين ومندسين وإرهابيين محسوبين على معسكر التآمر والعدوان. وأمام ذلك يجب على الأمم المتحدة أن تتخذ إجراءاتها القانونية تجاه من ثبت لديها أنه يمارس الإرهاب ويدعمه، وتنتصر للدول العربية المعتدى والمتآمر عليها وفي مقدمتها سوريا والعراق ولبنان ومصر.