[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كلما مات رجل أسود في الولايات المتحدة، اهتز قبر مارتن لوثر كينغ الحكيم الذي خر هو الآخر صريع اللون والمزاج والتاريخ والجغرافيا. قتل السود تتنقل بين ولايات اميركية، وليس هنالك من كلمة أسف، فيما المشهد الدموي لم يصل بعد الى البيت الأبيض الذي يفترض ان يكون هذا الواقع المؤلم من اولى اولوياته. لكن سمار وجه الرئيس اوباما ينظر اليها على انها بيضاء، هكذا تقاليد الحكم، وليس من مهرب سوى الاعتراف بها كي تصلح الأمور وتقف عند حد لاتتجاوزه.
يموت السود " معليش " فداء لأمة متحضرة منقادة بهذا المفهوم وتقدم ذاتها للعالم تحت امنية من هذا النوع، لكن هيهات ان يصدق احد ان اميركا مغسولة الوجدان من اللونين المتناقضين. اللون فيها طريقة حياة .. وغير اللون الابيض له عالمه ومفهوم الحرية لديه. لهذا قتل مارتن لوثر كينغ، ومن اجل ان لاينتصر لونه على اللون الابيض قامت محاولاته لدعم محو اللون من الخارطة الاميركية ومن مشهد متكرر يظل التأهب فيه ساري المفعول كل الأوقات.
سماحة زعيم كوبا فيدل كاسترو حملته ذات مرة من مطلع السبعينيات حين زار تشيكوسلوفاكيا التي كات واحدة يومها، ان قبل مقابلة مع احدى المجلات الاميركية مقابل عشرين الف دولار، وحين انهاها طلب من الصحافية التي اجرتها ان تضع المبلغ في مغلف واصر عليها ان تكتبه هدية من الثورة الكوبية الى الثورة الزنجية وان تسلمه يومها الى قائد اسود يدعى كارل مايكل . كان كاسترو يعني مايفعل، يريد ايصال رسالة سريعة الى الأميركيين والعالم كله ان اميركا منقسمة على نفسها وان اللونين الابيض والاسود لايتطابقان ولا يتأملان العيش سويا بدون منغصات.
لايبدو ان المجتمع الاميركي الذي ينظر اليه كثيرون من خارجه بعين الحسد، مثار التحام الالوان فيه، فهناك الاصفر، والهندي الاحمر، والاسود، والاسمر، هنالك تتعايش الوان لكنها منذ لحظة النظر اليها تعطي الانطباع عن صاحبها وعن كيفية التعامل معها. من هنا لابد من الاعتراف ان اللون الابيض تطغى جماليته برأي الاميركي على بقية الالوان ، وقد يلقى في وجدان الاميركي نظرة خاصة تبلورها اللحظات الحاسمة، او تلك التي لها مشهدها الخاص في التعامل.
إذا قلنا ان هنالك ثورة للون الاسود في ولايات اميركية فنحن امام تعميم، لكن الأمور آخذة الاتساع، بدأت في مكان واحد ثم تطورت، ثم صار لها مقومات .. مجرد سرعة انتشارها يعني انها تحولت الى موقف والى شكل سياسي، خرج منها القديم الذي تكرر، بل كان هنالك روح تهوم فوق كل مشهد من هذا النوع، هي روح مارتن لوثر كينغ الذي من اجل ان لايكون لاميركا حالة كهذه قام، ثم قتل.
تتخلص الولايات المتحدة من مشهدها ذاك، لكنه لن ينتهي تأثيرا، ففي عناوين الحياة اليومية حالات مشابهة لايذكرها الاعلام ولا تتحول الى صورة جماعية، لكن النظرة الى اللون في مكان متحضر لم تستطع كل التواريخ والقراءات والتعاليم ان تغير النظرة اليه، بل كل الحديث عن التمييز العنصري لم يصل بعد الى تجاوزه ... وهكذا هو حال العالم.