[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
توقف الغذاء عن النازحين السوريين في لبنان والأردن وربما بقية مكان النزوح في تركيا ومصر والعراق .. صار على السوري الذي كان ينتظر اعاشته كل شهر ان يتدبر أمره، بمعنى ان يفتش بنفسه من مصادر رزقه، بأي طريق كان. قرار غير مفهوم من منظمة الغذاء العالمي بقطع الغذاء عن هذه الشريحة المسكينة التي لا مال عندها وأوضاعها السكنية مزرية الى حد كبير.
كان كل فرد من النازحين السوريين يحصل على ماقيمته شهريا 60 دولارا، هبط في الاشهر الماضية الى ثلاثين ثم الى عشرين واخيرا الى دولارين فاستعيض عنها بلاشيء بدلا من هذا الرقم المخزي. وهكذا دخل النازحون الذين كان ما يتسلمونه من غذاء يكفيهم تقريبا الى ان يمن الله عليهم بعودة قريبة الى بلادهم، لكن، حتى هذا الأمل الضئيل الذي رعته بعض الدول تم التراجع عنه لأسباب لايعرفها احد ، منها مزاجية ، ومنها اعتباطية، ومنها تنصل من مسؤولية وغيرها من الأسباب.
من سيئات هذه الأزمة المرئية ان السوريين الذين هم على محطة الجوع، سيفتشون عن وسيلة اخرى تخرجهم من ازمتهم فلن يجدوا سوى: اما العودة الى سوريا وهذا محال في ظروف صعبة ومعقدة، واما اللجوء الى السرقة والنهب والقتل والتعدي على املاك اللبنانيين والأردنيين وغيرهم. قرار سيصنع من كل سوري لغما مؤقتا او دائما في بلاد هشة بالكاد تكفي أبناءها.
من اعجوبة قرار توقف الغذاء ان بعض المانحين العرب يلعبون بالدم السوري وما زالوا يراهنون على سقوط النظام والدولة والمجتمع والجيش .. الجزء العربي من مسؤولية حجب الغذاء، يمولون الارهاب على سوريا، يصرفون مئات الملايين بل المليارات على السلاح والمسلحين فيما هم " عاجزون " عن اكمال طريق المساعدة لفريق من البشر المعدمين الفقراء الذين قرروا عدم الانخراط بواقع بلادهم من اجل ان يعيشوا بعيدين عن كل لعب بالدم والتخريب والتدمير .. هؤلاء اليوم مهددون بالجوع، اضافة الى الحالة المزرية لأماكن سكنهم تحت خيام رديئة وفي ظل اجواء باردة .. فهي اذن عيشة مغمسة بالذل والمهانة وتحمل المصاعب الطقسية الى حين.
العرب المانحون اذن اصابهم الفقر فجأة فيما لازالت ملايينهم ترمى في سوق الارهاب .. هؤلاء يجب قتل مشروعهم في سوريا، والواقع انه يجري ذلك، ولسوف لن تقوم لهم قائمة، وسيدفعون ثمن تعديهم على حريات وأرواح الناس وعلى مستقبلهم الوطني، بل على شعب لم يضمر الشر لاخوانه ولا لغيره من الشعوب، شعب عامل يصنع من بلاده انموذجا للدول الطموحة بتحقيق استقلال ذاتي على كافة الصعد. هذا الكلام لا يعجب اللاعبين بالدم السوري، فتراهم يزيدون من حجم تورطهم في إلحاق الأذى بسوريا وبتدميرها وقتل شعبها ..
من يزرع العاصفة لايحصد سوى الريح، فهؤلاء من خيبة الى خيبات، لكن يجري قتل مشروعهم التآمري بأيد سوريا، وبقدرات الصمود الوطني السوري، وبالتلاحم الشعبي حول ذاته ونظامه ودولته وقيادته الفذة. حلم هؤلاء خاب ، ومراهناتهم ذهبت الى الجحيم ، وهم ايضا الى الجحيم سائرون.
ملايين اذن من السوريين ستكون بدءا من مطلع هذا الشهر بدون اعاشة غذاء يؤمن لها الاستمرار النسبي كي تمر عاصفة بلادهم ويعودون اليها معززين مكرمين.