[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
من ينبغي أن يقدم التوضيحات للرأي العام بعد تصريحات معالي الوزير المسئول عن الشئون المالية، إذا كان هناك سوء فهم لتصريحاته بشأن قضايا مست العمق الاجتماعي؟ الحكومة أم أعضاء في مجلس الشورى؟ وكيف نفسر صمت الحكومة وإقدام رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى على عملية التوضيح ؟ بل أنه كان أقرب للدفاع أكثر منه للتوضيح أو للاستدراك مهما كانت غاياته، مما أدخل نفسه في موقفين مختلفين؟ الأول، الموقف الناقد لسياسات وتوجهات حكومية محددة داخل أروقة مجلس الشورى، وذلك عندما كشف عن عدم اعتداد الحكومة بمقترحات مجلس الشورى كلها المتعلقة بالبحث عن موارد مالية لمواجهة هبوط أسعار النفط ، وكذلك عندما اعتبر الاتفاقيات النفطية مع الشركات الأجنبية مجحفة وظالمة لحقوق الأجيال، والثاني، موقف الموضح والمدافع بالنيابة عن الحكومة، فكيف نفسر هذين الموقفين المختلفين ؟
المسألة المثيرة في عملية توضيحات رئيس اللجنة الاقتصادية نفيه وقف الترقيات فقط ، فماذا عن وقف التوظيف الحكومي ووقف العلاوات؟ ألم يدخل فيها سوء الفهم كذلك؟ فتصريحات رئيس اللجنة الاقتصادية تختزل كل القضايا المثيرة للجدل في قضية واحدة فقط ، وهى الترقيات، وبقية القضايا المهمة جدا لم يأت على ذكرها من قريب أو بعيد، ولسان الحال هنا يشير الى الاستمرار في الترقيات ووقف التوظيف والعلاوات ، هكذا يفهم من تصريحاته، فهل هذا صحيح؟ نتوجه بهذا التساؤل الى الحكومة بعد أن أحدثت تلك التوضيحات أو الاستدراكات وأحيانا البعض يسميها التراجع، تشتتا في الرأي العام، وإذا كانت الموازنة المقبلة سخية في الانفاق كما تقول التصريحات، فهل السخي يكون حصريا على كبرى المصالح والمنتفعين منها فقط؟ فقضية التوظيف تعد مسألة حيوية وتحتل المرتبة الأولى في قضايانا الوطنية لا تقل شأنا عن الترقيات والعلاوات، فلماذا لم تأت التصريحات أو الاستدراكات أو التراجع على ذكرها وخصت بالذكر الترقيات فقط؟ وحتى هذه الأخيرة أي الترقيات التي اعتبرتها تصريحات رئيس اللجنة الاقتصادية مضمونة في موازنة (15) مليار ريال عماني، قد جعلتها مرتبطة بمستقبل هبوط أسعار النفط ،نلمس ذلك في توضيحاتها بأن استمرار هبوط أسعار النفط يستدعي المراجعة من الحكومة والمواطن، وهنا نجد هذه التصريحات تحمل المواطن مسئولية تبعات الأزمة النفطية أسوة بتصريحات درويش ، فماذا يمكن أن يقدمه المواطن في حالة استمرار هبوط الأسعار النفطية ؟ ليس عنده غير حقوقه الاساسية، العمل والترقيات والعلاوات أو ضرائب جديدة عليه ... بينما الحكومة عندها عدة خيارات أبرزها ترشيد سخائها الانفاقي أو زيادة قليلة في سقف ضرائبها البسيطة على الشركات ، لكن مشكلتنا مع الفريق الاقتصادي والمالي أنه يبحث عن الحلول من داخل منطقتنا الاجتماعية دون المساس بالمنطقة الاقتصادية، وقد مسها بكل جرأة قبل اندلاع الأزمة النفطية وذلك عندما ألغى المنحة الشهرية (150)ريالا لكل باحث مسجل قبل (27) فبراير عام 2011 دون ان تستوفى شروط قطعها، وهى تكمن في حصولهم على وظائف، وقد قطعت كذلك دون تحقيق البعد الغائي من ورائها ، وهى تحقيق العيش الكريم للشباب وفق ما ورد هذا القيد في توجيهات سامية تزامنت مع منحة الباحثين عن عمل ، ورغم عمومية التوجيهات الا أنها قيدت بقيد ذلك التاريخ، اي انها صرفت لعدد محدود من الباحثين وليس كلهم، ووقف هذه المنحة قد اثار استياء الباحثين، وقد تواصل معنا الكثير منهم ، الا أن الكشف عن وقف التوظيف الحكومي ... قد فتح القضية على مصاريعها ولم تعد مشكلة نوعية وفئوية، فلماذا لم تأت تصريحات رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى على ذكرها؟ وخص بالذكر وقف الترقيات فقط ؟ المسألة تبدو لنا خارج سياقات الفهم وعدم الفهم، ربما يراد بها محاولة لامتصاص ردة فعل المجتمع الغاضبة ، لكنها لم تنجح، وكنا نتمنى ألا تكون عن طريق هذا الشخصية الاعتبارية، وتبدو لنا تصريحاته كذلك محاولة لإعادة التوازن النفسي لسوق مسقط للأوراق المالية بعد تصريحات درويش، لكن تأثيرها لن يكون كما لو قام بذلك مسئول حكومي رفيع، وحتى هذه كنا نتمنى ألا تأتي عن طريق هذه الشخصية الاعتبارية، لأن عملية توضيحاته وتطميناته أو استدراكات الحكومة غير مباشرة وغير كاملة، ومشتتة للرأي العام، والأهم أن هذه المسألة هى من اختصاص الحكومة فقط ، فالتصدي لها من قبل تلك الشخصية نيابة عن الحكومة رأينا فيها النيابة المنتزعة وليس الموكولة له، فهو عضو برلماني وليس عضوا حكوميا مهما كانت الدوافع، وظهوره كما تتناوله وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي يسحب البساط من تحت أقدام وزراء مختصين، وهذا التصدي في جوهره يبعدنا جوهريا عن مواقفه السابقة داخل مجلس الشورى التي نفهم منها حرصه كل الحرص على عدم تحميل المواطن تبعات الأزمة النفطية ، والحرص نفسه على ثروات الاجيال ، وكل من تابع كذلك على وجه الخصوص حديثه الخاص لجريدة الوطن المنشور يوم السبت الماضي، فماذا سيخرج منه؟ سيخرج منذ الوهلة الأولى بأنه حديث موجه، صادر من مسئول حكومي، لذلك كان ينبغي أن يصدر من قبل مسئول حكومي لا من عضو برلماني، لكن أن تصمت المصادر الحكومية ولا نسمع سوى صوت برلماني واحد يوضح ويفند ويحدد ملامح المستقبل، فذلك يدعو الى التساؤلات.
هل لأنه وجد فراغا، فتصدى لتعبئته، لإيمانه بأن الفراغات إذا لم تشغل لنا سوف تشغل علينا ؟ وهل وجد أن التشاؤم سيد الموقف، فحاول التصدي له برفع منسوب التفاؤل ولو جزئيا ، أو وجد تراجعا حكوميا في قضية الترقيات ، فسارع تلقائيا الى تطمين المجتمع لو جزئيا، أو فعلا هناك سوء فهم لتصريحات معالي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية في مجال الترقيات فقط، لكنه لم يخبرنا كيف تولد سوء الفهم؟ وفي كل تلك الحالات هى من اختصاص الحكومة، فلماذا، وكيف تنازلت الحكومة عن دورها؟ ليس شرطا هنا أن يكون بإيعازها، لكن التصدي لها من قبل عضو مجلس الشورى حتى وإن كانت حمولته اقتصادية، يفسر كذلك، من هنا نطالب ببيان توضيحي من قبل الحكومة يتناول كل القضايا المثيرة للجدل وليس إحداها، وهذا البيان كان ضروريا بعيد تصريحات معاليه، فصمت الحكومة إذا كان هناك من سوء فهم لتصريحات معاليه كبدنا خسائر كبيرة تحملها طبعا المستثمر الصغير، فهل ستصدر الحكومة بيانها عاجلا أم ستترك لغيرها أن يسحب البساط من تحت أقدام بعض أعضائها ؟ كما أن توضيحاتها سيكون لها قوة أكثر من غيرها على المجتمع والسوق.