تشاك هيجل وزير الدفاع الأميركي السابق كان كبش الفداء الذي دفعه الرئيس باراك أوباما فداء لفشله في السياسات التي يتبعها ويأتي على رأسها القضاء على تنظيم داعش أو حتى تحجيمه حيث إن نفوذه يتسع وأذرعه تصل لأماكن لم تكن يصل إليها من قبل وأعداد المتطوعين في صفوفه تتنامى خاصة القادمين من أوروبا وأميركا.
إن القرارات التي اتخذها أوباما في الفترة الأخيرة والضربة القاسية التي تلقاها الحزب الديمقراطي في الانتخابات التشريعية مؤخرا تدل على أن أوباما يبحث عن مجد جديد يحققه في السنتين المتبقيتين له في البيت الأبيض بحيث يخرج وهو مرفوع الرأس .. إلا أنه يتخبط في قراراته التي تبدو متناقضة في بعض الأحيان وهو ما يجعلنا نتساءل .. هل يستطيع وزير الدفاع الجديد أشتون كارتر حفظ ماء وجه أوباما أو أن يخرجه من المأزق الذي يمر به؟.
لقد عمل كارتر مع 11 وزيرا للدفاع وتولى منصب وكيل الوزارة لفترة طويلة ولكن هل هذا يكفي لكي يتولى هذا المنصب الخطير؟..
إن الملفات المفتوحة أمام الوزير الجديد كثيرة فالقوات الأميركية تقاتل مسلحي داعش في العراق وسوريا .. وتكافح فيروس الأيبولا في غرب أفريقيا .. وتواجه حربا في أفغانستان مع المطالبة المستمرة بتخفيض أعدادها .. بالإضافة إلى مشكلة خفض الإنفاق التي يجب أن يعالجها ليسكت المطالب المستمرة من الكونغرس بذلك .. وغير ذلك من القضايا التي على كارتر التصرف فيها بحكمة.
الغريب أن كارتر لم يخدم بالجيش من قبل وبالتالي ليس لديه الخبرة الكافية التي تؤهله لرسم استراتيجيات الحرب فهو رجل أكاديمي في المقام الأول حيث يحمل شهادة دكتوراه في الفيزياء النظرية وإذا كانت لديه خبرة في الأجهزة الإلكترونية وكيفية تفكيك الأسلحة النووية إلا أن عمله يتطلب منه كذلك ضرورة التخطيط للقوات كي تتحرك بما يحقق مصالح بلاده.
لاشك أن استقالة وزير الدفاع هيغل كشفت الغطاء عن الصراعات التي تدور في الخفاء بالبيت الأبيض وحدة الانقسامات التي تعاني منها الإدارة الأميركية.. فالصدام الذي دفع هيجل استقالته كثمن له كان بسبب محاولة عدة أطراف فرض رأيها والسيطرة على مجريات الأمور خاصة فيما يتعلق بالأزمات التي تمر بها معظم دول العالم لاسيما منطقة الشرق الأوسط وذلك تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي .. وغير ذلك من المشاكل التي أدت في النهاية إلى تقديم هيجل لاستقالته.
السؤال الذي يفرض نفسه بشدة .. هل تغيير وزير الدفاع الأميركي سيؤثر في سياستها الخارجية ؟.
الإجابة بالطبع معروفة وهي النفي لأن السياسة الخارجية الأميركية ثابتة لا تتغير ويتحكم فيها الكونجرس الذي يسيطر عليه بدوره اللوبي الصهيوني فلا الحكومة ولا حتى الرئيس بيده أن يوجه دفة المبادئ الأميركية أو سياستها .. فهيجل كان يؤمن بضرورة انسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان إلا أنه لم يتحقق له ما يريد ولم تتخذ القرارات إلا في وقتها.
لاشك أن وزير الدفاع الجديد إذا استمر على نفس الوتيرة في معالجة القضايا المختلفة على الساحة الدولية فإن سياسته سوف تبوء بالفشل أيضا .. فالحرب على الإرهاب والتحالف الدولي الذي تترأسه أميركا لن تجدي ضرباته الجوية هنا وهناك بل يجب أن تتغير السياسة الحالية مع ضرورة إدراك أن التدخل السافر أو إبقاء القوات الأميركية فيما يشبه الاحتلال في أية دولة عربية لن تحل المشكلة بل على العكس تزيدها سوءا ويعم البلد الاضطراب والفوضى.
يجب أن يعيد أشتون كارتر النظر في سياسة وزارته فما تعانيه أمريكا من خسائر مالية وعسكرية بسبب الحروب التي تقحم نفسها بها يجب أن تجبره على لملمة البنتاجون والحفاظ على ما تبقى له من قوات وأموال لاسيما وأن نفقات العمليات التي يشنها على تنظيم داعش تقترب من 585 مليار دولار .. فالهيمنة لا تكون بالقوة العسكرية بل بالفكر والعلم الذي يفرض احترام العالم لصاحبه .. أما التدخل في الشئون الداخلية للغير ونشر القوات زورا وبهتانا تحت حجج واهية ستشوه من صورة الدولة العظمى وتنفر منها الجميع.

* * *
آن الأوان لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي
مازالت الدولة الصهيونية تنتهج سياسة الاستفزاز المقيت .. فهي تمنع المسلمين من الصلاة بالمساجد في الوقت الذي سمحت فيه للجماعات اليهودية المتطرفة باقتحام المسجد الأقصى تحت مظلة الشرطة والتحرش بطلبة حلقات العلم في المسجد .. كما قامت بهدم عدد من أحياء المدينة المقدسة يمتلكها فلسطينيون بحجة البناء بدون ترخيص واستولت على الأراضي لتقيم عليها مستوطناتها الجائرة .. بل أوقفت أعمال الترميم والصيانة لباب الرحمة بالمسجد الأقصى التي كان يقوم بها مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس وفي ذات الوقت تزيد من حفرياتها أسفل المسجد ليقع وينهدم وتقيم مكانه هيكل سليمان المزعوم.
السؤال الذي يفرص نفسه إلى متى تظل الدولة الإسرائيلية سادرة في غيها ولا يوقفها أحد ؟.. متى يتحرك المجتمع الدولي وعلى رأسه العرب كي يحاسب بني صهيون على أفعالهم المشينة ؟.
لقد آن الأوان كي يتحرك العرب والفلسطينيون لأنه إذا استمرت إسرائيل في مخططها فلن يجد الفلسطينيون لهم أرضا يقيمون عليها دولتهم المنشودة .. فإسرائيل تتبع سياسة الأمر الواقع وفرض الحقائق على الأرض وبعد مرور الوقت واستمرارها في توسيع نطاق جدار العزل والتهامها للأراضي الفلسطينية وإقامة مستوطناتها ستصبح كامل الأرض تحت سيطرتها ومع دعم الفيتو الأميركي لن يستطيع العرب الحصول على شبر واحد من تلك الأراضي .. كما أن الحفريات التي تجرى على قدم وساق أسفل المسجد الأقصى ستؤدي حتما إلى سقوطه ورفض إسرائيل لأعمال الترميم خير دليل على رغبتها في التسريع بذلك.
إن ما تدعيه إسرائيل برغبتها في عقد المزيد من المفاوضات والتوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين ما هو إلا تضييع للوقت حتى تحقق ما ترمي إليه من الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وطرد أصحابها من البلاد نهائيا.
إن الخطوة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية بالتوجه لمجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال خطوة على الطريق الصحيح ربما تنبه العالم للتصدي للانتهاكات الإسرائيلية والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني للتخلص من الاحتلال الجاثم على صدره منذ سنين طويلة .. المهم هو أن يقف الفلسطينيون صفا واحدا ويعملون على قلب رجل واحد لإنهاء الاحتلال وألا يستسلموا للضغوط التي تمارس عليهم من أجل التنازل عن هذه الخطوة وأن يوحدوا رؤاهم في هذا الجانب فيسيرون في نفس المسار لأن الفرقة والتشرذم تخدم العدو الصهيوني في المقام الأول.
وفق الله الفلسطينيين للحصول على حقوقهم وأعاد لهم أرضهم وممتلكاتهم وخلصهم من الاحتلال المقيت .. إنه نعم المولى ونعم المجيب.

* * *
حروف جريئة

الدعوة التي أطلقها الأزهر الشريف وناشد فيها المسيحيين العرب بعدم الهجرة والتجذر في أوطانهم بل وطالب الدول الغربية بالامتناع عن تسهيل الهجرة لهم دليل على أن الإسلام دين تعايش وسلام ويرفض الإرهاب .. فالدين لله والوطن للجميع.

يبدو أن شبح الطائفية سوف يطل برأسه على الولايات المتحدة الأميركية حيث تجتاجها التظاهرات للتنديد بعدم معاقبة عناصر من الشرطة من البيض قامت بقتل مشتبها بهم من السود وهو ما ينذر بصراع عرقي والعودة لعقود مضت .. يبدو أن الأيام دول فالفوضى الخلاقة التي تسعى أميركا لنشرها في منطقة الشرق الأوسط وصلت إليها كما أن هذه الحادثة أثبتت زيف ادعاءاتها بالحرص على حقوق الإنسان الذي ثبت أنها للبيض فقط .. فهل ستستطيع الإدارة الأميركية التغلب على طائفيتها أم سيأكل المواطنون بعضهم بعضا ؟.

دعوى قضائية رفعها أحد المدافعين عن حقوق الحيوان في نيويورك الأميركية طالب فيها بتطبيق حقوق الإنسان على الحيوانات واتخذ من الشمبانزي مثلا له حيث رفع الدعوى باسمه لفك أسره من صاحبه الذي يؤويه .. لكن المحكمة رفضتها .. السؤال الذي يفرض نفسه أليس أجدر بهذه الدعوى الإنسان الفقير والمستعبد والمريض والمحتل أن يتمتع بحقوقه هو الآخر؟.

* * *
مسك الختام
قال تعالى : "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله".

ناصر اليحمدي