[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تنتج الحروب شرا كثيرا وخيرا كثيرا، هذه المقولة، قد لا يتفق معها الكثيرون، خاصة اولئك الذين يسمعون بها أو يقرأونها للمرة الأولى والحرب مستعرة ويكتوون بنارها في كل يوم.
شرور الحرب لا تعد ولا تحصى، إذ ليس ثمة خبر سار على الاطلاق، وحتى تلك الاخبار التي يشعر هذا الطرف بأنها سارة ومفرحة في واقع الحال تتحدث عن خسائر في الطرف الآخر، ما يعني أن قتلى وجرحى ومعاقين وخسائر مادية قد وقعت بين الناس في الدولة أو الدول الاخرى، لأن اخبار الحروب تنحصر في جانبين لا ثالث لهما، هما، انتصار هذا الطرف ، ما يعني أنه لم يخسر الكثير من الناس والاموال، وهزيمة الطرف الثاني، ما يعني وقوع قتلى وجرحى وسيول الدماء قد سُفكت هناك وخسائر مادية قد تكبدوها.
أما الخبر الوحيد السار للناس في الطرفين، هو خبر انتهاء الحرب، الذي يدمي قلوب الكثيرين من الذين خسروا ابنا أو قريبا وتهدم بيته او خسر عمله ومصدر رزقه، لكن في نهاية المطاف يغمر الفرح الناس لأنه ليس هناك اسوء من الحروب بما تحمله من شرور وما تخلفه من دماء ودمار.
طالما أن الحرب تعني البارود والمدافع والقنابل والمدافع والطائرات، فإن ذلك يعني الدماء النازفة وعويل النساء ودموع الناس وطالما أن الرجال هم وقود الحرب، فإن المجتمع سيمتلىء بالارامل واليتامى، ويتقلص الانتاج وتتراجع التنمية في حين تتسع مساحات المقابر.
هل هناك خير في الحروب؟
هذا الامر ظل مثار جدل واسع ، فهناك من ينكر اثرا للخير اثناء الحروب، فصوت الرصاص يعلو على اي معلم للفرح الحقيقي، وأن البشر لا ينتظرون سوى لحظات يجدون فيها انفسهم خارج دائرة الخوف والدمار عند إعلان توقف الحرب.
لكن ثمة من يرى أن الحروب تدفع بالناس للبحث عن الخير والتمسك به ،ويعملون على نشر الفضيلة بكل اشكالها لأنها نقيض مسببات الحروب.
ثمة مجتمعات دخلت حقبة بناء واسعة بعد حروب طويلة وسيول من الدماء والدمار ، مثل اليابان والمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، وقد يكون ذلك احد انواع الخير الذي تأتي به الحروب، بسبب نزوع البشر لازاحة اكداس الرماد والصدأ والخوف والرعب الذي تأتي بها الحروب.
ينفض الكثيرون ثياب الكسل بعد معاناة الحرب، والبعض يحاول تعويض ما فاته ايام وسنوات الحروب، والبعض يفقد الأمل ويتكيء على سعفة متهرئة.
مهما قيل عن الحروب فإنها مدمرة، لكن من اجبر عليها ودخل في اتونها دون ارادته، قد يكون في ملمح الخير بداخله أن يعوض ما خسره بحب الحياة والجنوح إلى السلم، والبحث عن زهرة ونبتة وتفضيلها على ألف طائرة ومليون مدفع.